الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 -
«وَالْجَبِّ» ، وهو: قَطْعُ الذَّكَرِ.
5 -
«وَالْعُنَّةِ» ، وهي: عَجْزُ الرَّجلِ عن الوطءِ؛ لعدمِ انتشارِ الذَّكرِ.
ودليلُه القياسُ على حديثِ عليٍّ رضي الله عنه السَّابقِ في ثُبوتِ خِيارِ الرَّدِّ للزَّوجِ، فكذلك الزَّوجةُ، ولكنَّ العِنِّينَ يُؤَجَّلُ سَنَةً من حينِ رفعِها الأمرَ للقضاءِ؛ لحديثِ سعيدِ بنِ المسيَّبِ أنَّ عمرَ بنَ الخطَّابِ رضي الله عنه قال في العِنِّينِ:«يُؤَجَّلُ سَنَةً، فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهَا وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَلَهَا الْمَهْرُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ»
(1)
.
«فَصْلٌ»
في تسميةِ المَهر
المَهرُ هو اسمٌ للمالِ الواجبِ للمرأةِ على الرَّجلِ بالنِّكاحِ، قال تعالى:{وآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4]، والصَّدُقَاتُ: جمعُ صَدُقة، وسُمِّيَ المَهرُ صَداقًا؛ لإشعارِه بصدقِ رغبةِ باذلِه في النِّكاحِ الذي هو الأصلُ في إيجابِه عليه. والنِّحلةُ: الهِبةُ والعطيَّةُ، وسُمِّيَ المَهرُ نِحْلَةً؛ لأنَّ المرأةَ تَستمتعُ بالزَّوجِ كما يَستمتعُ بها؛ فجُعِلَ الصَّداقُ لهنَّ كأنَّه عطيَّةٌ من غيرِ عِوَضٍ، وقيلَ: نِحْلَةٌ؛ أيْ: عطيَّةٌ من اللهِ تعالى.
ويُسَمَّى المَهرُ -أيضًا-: أجرًا، وفريضةً، قال تعالى:{فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [النساء: 24]، وقال تعالى:
(1)
رواه البيهقيُّ في «السُّنن الكبرى» (14067).
{وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: 237]؛ أيْ: سَمَّيْتُمْ لهنَّ مَهرًا.
والأصلُ في وجوبِه قبْلَ الإجماعِ الآياتُ السَّابقةُ، وقولُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لمريدِ التَّزويجِ:«أَعْطِهَا وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ»
(1)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيُسْتَحَبُّ تَسْمِيَةُ الْمَهْرِ فِي النِّكَاحِ» ؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يعقِدْ إلَّا بمسمًّى، ولأنَّه أَدْفَعُ للخصومةِ والاختلافِ.
قال أبو شجاع رحمه الله: «فَإِنْ لَمْ يُسَمِّ صَحَّ الْعَقْدُ وَوَجَبَ الْمَهْرُ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ:
1 -
أَنْ يَفْرِضَهُ الزَّوْجُ عَلَى نَفْسِهِ»؛ أيْ: قبْلَ الدُّخولِ، ولها حَبْسُ نفْسِها ليَفْرِضَ لها؛ لتَكونَ على بصيرةٍ قبلَ تسليمِ نفْسِها، ولها بعدَ الفرضِ حبسُ نفْسِها لتسليمِ المفروضِ الحالِّ، أمَّا المؤجَّلُ فليس لها حبسُ نفْسِها.
2 -
«أَوْ يَفْرِضَهُ الْحَاكِمُ» ؛ وذلك عندَ امتناعِ الزَّوجِ من الفَرْضِ، أو عندَ التَّنازعِ في القَدْرِ المفروضِ، فيَفْرِضُ الحاكمُ مَهرَ المِثْلِ بنقدِ البلدِ حالًّا لا مؤجَّلًا؛ كما في قِيَمِ المتلَفَاتِ، ويُشترطُ عِلمُ الحاكمِ بقدرِ مَهرِ المِثلِ لا يَزيدُ عليه ولا يَنْقُصُ؛ إلَّا بالتَّفاوتِ اليسيرِ.
3 -
«أَوْ يَدْخُلَ بِهَا فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ» ؛ لقولِه تعالى: {فَمَا
(1)
رواه البخاري (4741)، ومسلم (1425)، وقد سبق كاملًا في أوَّلِ كتابِ النِّكاحِ.
اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [النساء: 24]، ولحديثِ عمرَ بنِ الخطَّابِ رضي الله عنه: «أَيُّمَا رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً
…
فَمَسَّهَا فَلَهَا صَدَاقُهَا كَامِلًا»
(1)
.
ومَهرُ المِثْلِ؛ أيْ: مَهرُ أمثالِها من النِّساءِ عادةً.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَلَيْسَ لِأَقَلِّ الصَّدَاقِ وَلَا لِأَكْثَرِهِ حَدٌّ» ؛ لقولِه تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} [النساء: 20]، والقِنطارُ: مالٌ كثيرٌ، فدَلَّ على أنَّه لا حَدَّ للمَهرِ في الكثرةِ، وجاءَ في حديثِ عامرِ بنِ ربيعةَ رضي الله عنه أنَّ امرأةً من بَني فَزَارَةَ تَزَوَّجَتْ على نَعْلَيْنِ، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«أَرَضِيتِ مِنْ نَفْسِكِ وَمَالِكِ بِنَعْلَيْنِ؟» ، قالت: نَعَمْ، فأجازَه
(2)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى مَنْفَعَةٍ مَعْلُومَةٍ» ، كتعليمِها شيئًا من القرآنِ، أو القيامِ بعملٍ مُعَيَّنٍ، يقولُ سهلُ بنُ سعدٍ رضي الله عنه: أتتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم امرأةٌ فقالت: إنَّها قد وَهَبَتْ نَفْسَها للهِ ولرسولِه صلى الله عليه وسلم، فقالَ:«مَا لِي فِي النِّسَاءِ مِنْ حَاجَةٍ» ، فقال رجلٌ: زَوِّجْنِيها، قالَ:«أَعْطِهَا ثَوْبًا» ، قالَ: لا أَجِدُ، قالَ:«أَعْطِهَا وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ» ، فاعْتَلَّ له، فقالَ:«مَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ؟» ، قالَ: كذا وكذا، قالَ:«فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ»
(3)
.
(1)
«الأم» للشَّافعي (7/ 249).
(2)
رواه أحمد (15717)، والترمذي (1113)، وابن ماجه (1888)، وقال الترمذي:«حديثٌ حسنٌ صحيح» .
(3)
رواه البخاري (4741)، ومسلم (1425)، وقد سبق كاملًا في أوَّل كتاب النِّكاح.