الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا} [البقرة: 230].
3 -
«وَدُخُولِهِ بِهَا، وَإِصَابَتِهَا» ، بدخولِ حَشَفَتِه -أو قَدْرِها من مقطوعِها- في قُبُلِها؛ لحديثِ عائشةَ رضي الله عنها قالت: جاءتِ امرأةُ رِفاعةَ القُرَظِيِّ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقالت: كنتُ عندَ رِفاعةَ، فطَلَّقني، فأَبَتَّ طلاقي، فتزوَّجتُ عبدَ الرَّحمنِ بنَ الزَّبِيرِ، وإنَّما معه مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوبِ، فقال صلى الله عليه وسلم:«أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟! لَا، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ»
(1)
.
4 -
«وَبَيْنُونَتِهَا مِنْهُ» ؛ أيْ: من الزَّوجِ الثَّاني، بطلاقٍ، أو فسخٍ، أو موتٍ.
5 -
«وَانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا مِنْهُ» ؛ أي: انقضاءِ عِدَّتِها من الزَّوجِ الثَّاني؛ لاستبراءِ رَحِمِها.
«فَصْلٌ»
في الإيلاء
الإيلاءُ في اللُّغةِ: الحَلِفُ، قال تعالى:{وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى} [النور: 22]؛ أيْ: لا يَحْلِفُ، وهذه
(1)
رواه البخاري (2496)، ومسلم (1433)، و «امرأةُ رِفاعةَ» هي: تميمةُ بنتُ وهبٍ، وقولُها:«فأبتَّ» : من البَتِّ وهو القَطعُ؛ أي: قَطَعَ طلاقي قطعًا كُلِّيًّا، والمرادُ أنَّه طلَّقها الطَّلقةَ الثَّالثةَ التي تحصُلُ بها البينونةُ الكبرى، وقولُها:«مِثْلُ هُدبةِ الثَّوبِ» ؛ أي: طَرَفِه الذي لم يُنْسَجْ، كَنَّتْ بِهذا عن استرخاءِ ذَكَرِه، وأنَّه لا يَقْدِرُ على الوطءِ، وقولُه صلى الله عليه وسلم:«عُسَيْلَتَهُ» ؛ تصغيرُ عسلةٍ، وهي كنايةٌ عن الجِماع، شَبَّهَ لذَّتَه بلذَّةِ العسلِ وحلاوتِه.
الآيةُ نزَلت في أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه حينَ حَلَفَ ألَّا يُنْفِقَ على ابنِ خالتِه مِسْطَحِ بنِ أثاثةَ رضي الله عنه حينما خاضَ مع أَهلِ الإفكِ فيما خاضوا فيه من أمر عائشة رضي الله عنها.
وفي الاصطلاحِ: حَلِفُ زوجٍ على الامتناعِ مِن وطءِ زوجتِه مُطْلقًا أو أكثرَ من أربعةِ أشهرٍ.
وهو مُحَرَّمٌ؛ لوقوعِ الضَّررِ على الزَّوجةِ بمنعِ نفْسِه ممَّا لها فيه حقُّ العفافِ.
والأصلُ فيه قولُه تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 226]، و {يُؤْلُونَ} ؛ من الإيلاءِ، وهو الحَلِفُ -كما سَبَقَ- و {تَرَبُّصُ}؛ أيِ: انتظارُ، و {فاؤوا}؛ أي: رَجَعوا عن الحَلِفِ بالوطءِ.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَإِذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَطَأَ زَوْجَتَهُ مُطْلَقًا، أَوْ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ؛ فَهُوَ مُولٍ، وَيُؤَجَّلُ لَهُ إِنْ سَأَلَتْ ذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْفَيْئَةِ وَالتَّكْفِيرِ وَالطَّلَاقِ» ؛ أي: يُطْلَبُ منه أن يَرْجِعَ عن حَلِفِه، فيطأَ زوجتَه ويكفِّرَ عن يمينِه، فإنْ أبَى، طُلِبَ منه أن يُطَلِّقَ، قال تعالى:{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاؤُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 227].
قال أبو شجاع رحمه الله: «فَإِنِ امْتَنَعَ طَلَّقَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ» ؛ لإزالةِ الضَّررِ عن الزوجة، ولا سبيلَ إلى ذلك إلَّا بالتَّطليقِ عليه، يقولُ عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضي الله عنه: «إذا آلى الرَّجلُ من امرأتِه لم يقعْ