الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القسم الأول: الصريح
.
وهو ما أفاد المعنى بنفسه مع عدم احتمال غيره (1).
وسماه بعض الشافعية نَصًّا؛ وذلك مثل لفظ الطلاق أَوْ البيع أَوْ الإجارة، فإنَّها صريحة في بابها ولا تحتاج إلى نية، ولا يقبل من المكلف حكمًا تفسيرها بغير ما دَلَّت عليه (2).
وهذا هو شأن الصريح من كلام المكلَّف، وحكم العمل به.
القسم الثاني: الظاهر
.
وهو المتبادر إلى الفهم عند الإطلاق، مع احتمال غيره.
وحكم العمل به: أنَّ المكلف إذا أطلق لفظًا حمل على ما يقتضيه ظاهره، وهو الاحتمال الراجح، ولا يحمل على الاحتمال الخفي والمرجوح، يقول القرافي (ت: 684 هـ): "
…
متى حصل التبادر كان الحق أنَّ اللفظ موضوع لما يتبادر إليه الذهن؛ لأنَّه الراجح، والمصير إلى الراجح واجب وإن كان خلاف الأصل" (3).
(1) شرح المنتهى 3/ 127، الكشاف 5/ 245، المطلع على أبواب المقنع 334، الدر النقي 678، القواعد والأصول الجامعة 109، تحرير ألفاظ التنبيه 234، الأشباه والنظائر لابن السبكي 1/ 18، وللسيوطي 293.
(2)
الكشاف 5/ 245، 246، 309، شرح المنتهى 3/ 127، 128، بدائع الصنائع 4/ 46، قواعد الأحكام 2/ 91، 118، 119، القواعد والأصول الجامعة 109، المنثور 3/ 118، 119، 2/ 310، قواعد المقري 1/ 276، القواعد المستخلصة من التحرير 161، 164.
(3)
الإحكام 37.
فمن دفع مالًا لآخر، وقال له: مَلَّكْتُك هذا المال، ولم يذكر البدل، ولم تقم قرينة تَدُلُّ على ذلك فهو هبة، فإذا اختلف الآخذ والمعطي، فقال المعطي: هو قرض، وقال الآخذ: هو هبة، فالقول قول الآخذ: إنَّها هبة؛ لأنَّ الظاهر معه؛ إذ لفظ التمليك يفيد الهبة.
ومن قال لآخر: لك في هذا المال ألف، أَوْ لك في هذه الدار نصفها، فهو إقرار يؤاخذ به، ولا يقبل منه تفسيره بإنشاء الهبة؛ لأنَّه خلاف الظاهر.
ويجوز صرف الظاهر إلى الاحتمال الخفي أَوْ المرجوح بدلالة الحال أَوْ العرف أَوْ السياق أَوْ لفظ آخر وغير ذلك مما فيه دلالة على صرف الظاهر لذلك المعنى (1).
مثاله: لو كان عمرو يملك دارًا قد أجَّرها على زيد، فمَرَّ رجل فسأل عَمْرًا عن مسكن زيد، فأشار إليها، وقال: هذه دار زيد، لم يكن ذلك إقرارًا من عمرو لزيد بالدار، بل إخبار بأنَّها محل سكناه؛ بدلالة السياق، والإضافة يكفي فيها أدنى ملابسة.
وفي التنزيل قوله- تعالى-: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33]، وقوله: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ
(1) المنثور 3/ 121، 122، قواعد الأحكام 2/ 121، إعلام الموقعين 3/ 108، 109، الأشباه والنظائر لابن السبكي 1/ 274، الكشاف 3/ 583، 5/ 246، 6/ 305، 373، 3/ 312، شرح المنتهى 2/ 225، المجلة الشرعية للقاري 514.
وَالْحِكْمَةِ} [الأحزاب: 34]، وقوله في المطلقات:{لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} [الطلاق: 1].
فقد أضاف البيوت للزوجات مع أنَّ البيوت للأزواج؛ لأنَّهن يَسْكُنَّ فيها، فالإضافة إضافة إسكان لا إضافة تمليك، والإضافة يكفي فيها أدنى ملابسة (1).
ومن صرف الظاهر ما يكون مرجعه لنية المتكلم إذا كان في إنشاء أمر يستقل به المتكلم، مثل: تفسير الموقف والموصي مرادَه بما يخالف الظاهر بتخصيص ونحوه، كما لو قال: ثوبي أَوْ خيلي وقف، وفسره بمعين، فإنَّه يقبل منه هذا التفسير وإن كان ظاهره العموم (2).
جاء في الاختيارات: "وهذا أصل عظيم في الإنشاءات التي
(1) التحرير والتنوير 22/ 11، شرح المنتهى 3/ 583، المسودة لآل تيمية 509.
فائدة: الإضافة يكفي فيها أدنى ملابسة، هذا الضابط كما يجري في العقار يجري في الديون، يقول- تعالى-:{وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} [النساء: 5]، فقد نسب الأموال للأولياء وهي لليتامى؛ لأن الأولياء هم الناظرون عليها [فتح القدير للشوكاني 1/ 425] ولو قال جائز التصرف: ديني الذي على زيد لعمرو صَحَّ ذلك، ولا يناقض نسبة الدين لنفسه إقراره به لعمرو؛ لأنه قد يكون وكيلًا لعمرو أَوْ عاملًا له في مضاربة، أَوْ كان له عليه يد أَوْ ولاية، والإضافة تكون لأدنى ملابسة [شرح المنتهى 3/ 583، الكشاف 6/ 473].
(2)
الاختيارات 191، القواعد والأصول الجامعة 109.