الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عدد من الأقيسة المتسلسلة، فَتكُون من مقدمة أَوْ مقدمتين أَوْ ثلاث أَوْ أكثر (1)، وذلك لتقرير الحكم الكلي الفقهي، ولإثبات الواقعة القضائية، ثم تطبيق أحدهما على الآخر (2).
ومن الجدير بالذكر أَنَّ القاضي قد يهتدي إلى هذا القياس من دون تعلم ولا قصد إليه، لكن معرفته له مما يسهل عمله ويسدد اجتهاده.
أمثلة على استعمال القياس القضائي في التَّوْصِيف:
نعرض بعض الأمثلة التي تبين طريقة توصيف القضية بواسطة القياس القضائي، وهي:
المثال الأول:
ادعى شخص على آخر بأن زيدًا مدين له بمائة ألف ريال ولم يسددها له، وأَنَّ المدعى عليه قد ضمنه في هذا الدَّيْن، وطلب المدعي إلزام المدعى عليه بتسلم الحق المدعى به وقدره مائة ألف ريال، وقد أجاب المدعى عليه بإنكار الحق والضمان، لكن ثبت عليه ذلك بسند كتابي.
فلا بُدَّ لتَوْصِيف الواقعة من الآتي:
(1) مستفاد من الرد على المنطقيين لابن تيمة 167، 172، 250.
(2)
فائدة: القياس القضائي كما يستعمل في تنزيل الحكم الكلي على الواقعة القضائية فإنه يستعمل في تقرير المقدمات للحكم الكلي، أَوْ الواقعة القضائية.
(أ) حكم كلي فقهي مقرر مفسر، وهو وجوب تسليم الحق على الضامن، وهي المقدمة الكبرى.
(ب) واقعة ثابتة بطرق الحكم المقررة، ومفسرة، وهي ثبوت مديونية المدين الأصلي- وهو زيد- للمدعي بمائة ألف ريال، وأَنَّ المدعى عليه قد ضمنه فيها، وهي المقدمة الصغرى، وقد ثبت ذلك بموجب السند الكتابي.
(ج) ثم بعد ذلك ينتقل القاضي إلى التحقق من اشتراكهما في الأوصاف المؤثرة في الحكم، وذلك باجتماع الواقعة مع مُعَرِّفَات الحُكْم الكلي في الأوصاف المؤثرة، وهذا هو الحد الأوسط، وقد تحقق ذلك بتطابق الأوصاف المؤثرة فكانت النتيجة، هي: تَوْصِيف الواقعة القضائية بالحكم الكلي من أَنَّه ضمان ملزم للمدعى عليه بتسليم الحق، ثم بعد ذلك يصدر الحكم القضائي عليه بذلك.
المثال الثاني:
ادُّعِيَ على شخص بأَنَّه قد شرب المسكر، وقد أجاب على الدعوى باعترافه بها.
فلا بُدَّ لتَوْصِيف الواقعة من الآتي:
(أ) حكم كلي فقهي مقرر مفسر، وهو حرمة شرب المسكر، ووجوب الحد فيه ثمانين جلدة، وهذه هي المقدمة الكبرى.
(ب) واقعة ثابتة بطرق الحكم المقررة، ومفسرة، وهي:
ثبوت شرب المدعى عليه المعين لهذا الشراب المعين، وأَنَّه مسكر، مع تحقق شروط إقامة الحدَّ على المدعى عليه وانتفاء الموانع، وهذه هي المقدمة الصغرى، وقد تحقق ذلك باعترافه.
(ج) ينتقل القاضي بعد ذلك إلى التحقق من اشتراك المقدمتين في الأوصاف المؤثرة في الحكم، وذلك باجتماع الواقعة ومُعَرِّفَات الحُكْم الكلي في الأوصاف المؤثرة، وهذا هو الحد الأوسط، وقد تحقق ذلك بتطابق الأوصاف المؤثرة في الواقعة ومُعَرِّفَات الحُكْم الكلي، فكانت النتيجة هي: تَوْصِيف الواقعة القضائية بالحكم الكلي من أن ما شربه المدعى عليه من هذا الشراب المعين موجب للحد، ثم بعد ذلك يصدر الحكم بإيقاع الحد عليه.
* * *