الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - دلالة الحال:
والمراد به: القرائن الحالية التي تحفّ بالفعل، فترجح جانب إعماله ودلالته على الإِرادة على جانب إهماله.
وذلك إقامة لدلالة الفعل مقام دلالة اللفظ، فللحالة من الدلالة كما للمقالة.
ومن ذلك: مشتري السلعة إذا ظهر بها عيب، فله الخيار على التراخي، لكن إذا تصرف فيها ببيع، أَوْ إجازة، أَوْ إعارة ونحوها، أَوْ استعمل السلعة لغير تجربة عالمًا بالعيب- سقط خياره في الرد؛ لأَنَّ ذلك دليل على الرضا به، والحال تفسر الأفعال كما تفسر الأقوال.
وهكذا من تزوج امرأة فصارت معيبة، أَوْ هو معيب بعيب موجب للخيار فله أَوْ لها الخيار متراخيًا، لكن إذا وجد ما يَدُلُّ على رضاه من وطء من الزوج، أَوْ تمكين من الزوجة مع العلم بالعيب سقط خياره في الفسخ (1).
وهذا فيه -أيضًا-: أَنَّ دلالة الشيء في الأمور الباطنة تقوم مقامه؛ فإنَّ الرضا بالعيب مكانه القلب، فوطء الزوج، أَوْ تمكين الزوجة مع العلم بالعيب دالٌّ على الرضا بالعيب (2)، وهكذا الرضا بعيب المبيع على ما سلف ذكره.
(1) أصول الحنفية للكرخي 163، الكشاف 3/ 223، 5/ 112، شرح المنتهى 2/ 179، 3/ 52، منار السبيل 2/ 241.
(2)
شرح القواعد الفقهية للزرقاء 281.
فالشرع يرتب أحكامًا على أمور باطنة يعسر أَوْ يتعذر الوقوف والاطلاع عليها، فجعل دليل تلك الأمور الباطنة ما ظهر منها؛ طلبًا لانضباط أحكامها، فإذا ثبتت تلك الأمارات والعلامات الظاهرة من الأفعال دلَّتْ على الإِرادة، وأثبت الحكم لذلك الأمر الباطن.
ومن أمثلته منضافة إلى ما سلف: وجوب القصاص في القتل العمد العدوان، فلما كانت العمدية صفة قائمة بالقلب رَتَّبَ الشرع الحكم على الفعل بالآلة المستعملة في القتل، فإن كانت الإِصابة بها تؤدي إلى الموت غالبًا كان فاعل ذلك عامدًا (1).
* * *
(1) مجلة الأحكام العدلية (م 68) وشرحها لحيدر 1/ 60، الكشاف 3/ 224، القواعد الفقهية للندوى 370، شرح القواعد الفقهية للزرقاء 281.