الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تزوجها بلا شهود أَوْ بلا ولي؛ لأَنَّ النكاح مختلف فيه، كما يسقط عنه التعزير في مثل من شهد عليه شاهدان بشرب المسكر ثم رجعا ولا قرينة على الشرب (1).
ومما تجدر الإشارة إليه أَنَّ التعزير لا يسقط بالشبهة، بل يثبت معها (2)، لكن ثم مبدأ آخر يطبق على عقوبة التعزير، وهو أَنَّ العفو عن العقوبة مقدَّم على إثباتها، وذلك إذا قام مقتضيه، كأَنْ تكون البينات غير كافية في إيجاب التعزير ونحو ذلك فإنّه لا عقوبة إلَّا بحجة (3)؛ يقول ابن تَيْمِيَّةَ (ت: 728 هـ): "فإذا دار الأمر بين أَنْ يخطئ فيعاقب بريئًا، أَوْ يخطئ فيعفو عن مذنب كان هذا الخطأ خير الخطأين، أَمَّا إذا حصل عنده علم أَنّه لم يعاقب إلَّا مذنبًا فإنَّه لا يندم، ولا يكون فيه خطأ"(4).
القصاص يُدرأُ بالشبهة كالحدود:
القصاص يدرأ بالشبهة كالحدود، سواء كانت الشبهة في الفاعل، كمن قتل قاتل مورثه وقد عفا أحد الورثة وهو لا يعلم بالعفو، فلا قصاص عليه، أَمْ كانت الشبهة في المحل، وذلك كأَنْ
(1) التشريع الجنائي 1/ 214.
(2)
الأشباه والنظائر لابن نجيم 130، والأشباه والنظائر للسيوطي 123، التشريع الجنائي 1/ 216.
(3)
إعلام الموقعين 2/ 119.
(4)
مجموع الفتاوى 15/ 308.
يشهد الشهود على رجل بالقتل، ثم يرجعوا عن ذلك فلا يقتص من المشهود عليه، أَم كانت الشبهة باختلاف العلماء، وذلك كأَنْ يقتل ولي الدم ممسك وليه حتى قتل فإنَّ الولي الذي قتل القاتل لا يقاد؛ لأن له شبهة في مثله، وهي اختلاف العلماء، فقد قال بعضهم بقتل الممسك (1).
فعلى القاضي عند تَوْصِيف الواقعة في الحدود والقصاص مراعاة الشبهة المؤثرة في ذلك، سواء كانت في الفاعل، أَم المحل، أَم المدرك باختلاف العلماء، أَم في تفسير إقرار المكلف ونحوه.
ومما تجدر الإشارة إليه أَنَّ القصاص يثبت باللَّوْث- وهي القرينة الدالة على القتل- كما في القسامة.
ولا تعارض بين هذه القاعدة- درءِ القصاص بالشبهة- وبين ثبوته بالقرينة في القسامة؛ لأَنَّ اندراءه يكون بالشبهة القوية التي ترجح عدم ثبوته، أَوْ التردد في قصده، أَوْ صفته.
أَمَّا ثبوته في القسامة باللَّوْث- وهي القرينة الدالة على القتل- فلأَنَّ القرينة رجحت ثبوته، وفرق بين الأمرين؛ قرينة قوية دالة على موجب درئه، وقرينةٌ قوية دالة على موجب إقامته.
* * *
(1) الأشباه والنظائر لابن نجيم 129، الأشباه والنظائر للسيوطي 123، الكشاف 5/ 519، 535، 6/ 85، 443.