الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأصل في تفسير لفظ المكلف:
الأصل أَنَّ ما يجري على تفسير النُّصُوص الشرعية من أصول وقواعد يجري في الجملة على تفسير كلام المكلف في تصرفاته، وإقراراته، ودعاواه، ودفوعه، وبيِّناته، ففيها الواضح من نَصٍّ وظاهر، وفيها المجمل الذي يلزم تفسيره وبيانه بطرقه المقررة، وفيها المؤول الذي يُصرف عن ظاهره بدليل راجح، وفيها العام والخاص، والمطلق والمقيد، وما دلالته منطوق، ومفهوم موافقةً أَوْ مخالفةً، وفيها ما يقع فيه التعارض.
وللقرائن الحالية والمقالية وغيرها أثرٌ كبير في تفسير الوقائع، ودفعِ التعارض.
وثَمَّ اختلاف في بعض ذلك بين دلالتها في نُصُوص الشرع وكلام المكلفين استدعاه أَنَّ كلام الشارع نحتاج إلى تعديته من واقعة مَنْصُوص عليها إلى غيرها لتقرير حكمها.
أَمَّا كلام المكلف فإنَّما جعل للكشف عن إرادته وتصرفاته، ولا يستدعي الأمر تعديته، بل الأصل قصره والاحتياط للمكلف بعدم إلزامه بدلالة لم يظهر ما يَدُلُّ على التزامه بها، قال الماوردي (ت: 450 هـ): "أحكام الشرع يجمع فيها بين اعتبار الأسامي والمعاني، وأحكام الأيمان معتبرة بالأسامي دون المعاني؛ لأَنَّ الضرورة دعت في المسكوت عنه في أحكام الشرع إلى إعتبار المعاني
وتجاوز الأسامي، ولم تَدْعُ الضرورة في الأيمان إلى اعتبار المعاني، فوقفت على اعتبار الأسامي" (1).
وسوف يأتي بيان لتفسير تلك الدلالات في كلام المكلفين (2)، وهو موضوع هذا المبحث.
* * *
(1) الحاوي 15/ 362، لكن إذا دَلَّت القرينة على الجمع بينهما في كلام المكلف عملنا بذلك، كما سيأتي في الفقرة الخامسة من المطلب الثالث من المبحث الأول.
(2)
تنبيه: تجد كثيرًا من مظانّ بحث قواعد وضوابط تفسير الوقائع لفظًا أَوْ فعلًا أَوْ سكوتًا مبثوثة في الكتب الفقهية، وبخاصة في كتاب الطلاق فيما يتعلق بصريحه وكنايته، وفي كتاب الوصية فيما يتعلق بالموصى به، وفي كتاب الأيمان والنذور، وفي كتاب الإقرار فيما يتعلق بالإقرار بالمجمل، وهكذا تجد جملة من ذلك في كتب القواعد الفقهية.