الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يختلف عن الآخر، وبيانهما كما يلي (1):
النوع الأول: السكوت المجرد عن القرائن الدالة على القصد والإِرادة:
فهذا السكوت لا يكون رضًا بالمسكوت عنه ولا موافقة عليه؛ لأَنَّ عدم القول هو المتيقن، ودلالة السكوت مشكوك فيها ولم يؤيدها قرائن مرجحة لها، ولذا جاءت القاعدة الفقهية مقررة أَنَّه: لا ينسب لساكت قول (2).
فالسكوت المجرد لا يكون إذنًا، ولا دلالة فيه على الإِرادة (3)، فلو صدر الإِيجاب بالبيع من شخص لآخر، وقوبل من قِبَل الآخر بالسكوت عن القبول، ولم يقترن به معاطاة ولا غيرها مما يَدُلُّ على القبول فلا يكون الساكت قابلًا للبيع، فلا ينعقد.
وهذا النوع هو الأصل في السكوت، فإنَّه لا دلالة للسكوت على الرضا، فلا يقال عن ساكت: إنَّه قال كذا، أَوْ أراد كذا.
النوع الثاني: السكوت الملابس للقرينة:
فإذا دَلَّت قرينة على أَنَّ الساكت أراد معنى معينًا كان السكوت
(1) الاختيارات الفقهية 58، المنثور 2/ 256، شرح القواعد الفقهية للزرقاء 273، المدخل الفقهي للزرقاء 2/ 973، السكوت ودلالته على الأحكام الشرعية 18، التعبير عن الإِرادة في الفقه الاسلامي 264.
(2)
المدخل للزرقاء 2/ 973.
(3)
الاختيارات 158.
بيانًا، وذلك حين يكون السكوت في موطن يلزم فيه التكلم لدفع ضرر أَوْ تغرير، أَوْ يكون قرينة حالية، أَوْ وسيلة عرفية للدلالة على القصد والإِرادة، ولذلك جاءت القاعدة الفقهية مقررة أَنَّ: للحالة من الدلالة كما للمقالة، ومقررة: بأَنَّ السكوت في معرض الحاجة إلى البيانِ بيانٌ.
وحكم هذا السكوت أَنَّه يعتد به في الدلالة على القصد والإِرادة من انعقاد عقد، أَوْ إجازة تصرف، أَوْ الإِذن فيه، وذلك ما لم يعارضه ما هو أقوى منه من قرينة أخرى أَوْ تصريح بما ينفي دلالته، ولذلك جاءت القاعدة الفقهية مقررة: أَنَّه لا عبرة بالدلالة في مقابلة الصريح (1).
ومن أمثلة ما يكون فيه السكوت بيانًا: سكوت الشفيع عن المطالبة بالشفعة بعد علمه بالبيع، فيُعَدُّ سكوته رضًا بإسقاط الشفعة (2)، وسيأتي مزيد من الأمثلة في المطلب القادم.
* * *
(1) أصول الحنفية للكرخي 163، المجلة العدلية (م 13) وشرحها لحيدر 1/ 28، المدخل الفقهي للزرقاء 2/ 972.
(2)
شرح المنتهى 2/ 436، الكشاف 4/ 141.