الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إحدى المسائل الشرعية؛ فيستوضح القيود والشروط المقتضية" (1)، فعلى القاضي تحديد الحكم الكلي الفقهي الملاقي للواقعة ابتداءً قبل النظر في ثبوتها، ثم يوصف الواقعة به، وهذا يستدعي مقابلة الواقعة بالحكم الكلي وصفًا وصفًا، فما قابل الوصف المؤثر فهو الذي يُعْتَدُّ به، وما عداه فهو الطردي، فيُثْبَت مؤثرها، ويستبعد طرديها سواء كان طرديًّا مطلقًا أَمْ طرديًّا في موضع النزاع، وذلك تهيئة للمرحلة التالية.
المرحلة الثالثة: إثبات الوقائع المنقحة ابتداءً:
بعد تنقيح الوقائع وإبقاء مؤثرها ينتقل القاضي إلى إثباتها، وعليه قبل التوجه إلى النظر في إثبات الوقائع المؤثرة أَنْ يحدد إجرائيًّا مَنْ المدعي الذي يتوجه عليه الإِثبات، ومَنْ المدعى عليه الذي تتوجه عليه اليمين، ثم بعد ذلك على القاضي أن يُمَيِّز ما اتفق عليه الخصمان من الوقائع المؤثرة المنقحة وما اختلفا فيه، ويوجه الإِثبات إلى ما اختلفا فيه من الوقائع الأصلية أَوْ التبعية الجائز إثباتها، وبعد الفراغ من إثبات الوقائع بطرق الحكم المقررة، وإجراء ما يلزم لذلك من الإِعذار، والتزكية والتعجيز، ثم ينتقل القاضي إلى المرحلة التالية.
المرحلة الرابعة: دراسة الوقائع والبينات وتنقيحها وتقرير التَّوْصِيف النهائي للواقعة:
بعد فراغ القاضي من المرحلة السابقة عليه أَنْ يدرس بعناية
(1) درر الحكام 4/ 602.
وتأمّل ما قدمه الخصوم من دعوى، وإجابة، ودفوع، وطلبات، وبينات، وأَنْ يتامل ذلك ويفهمه جيدًا، ويستخلص من الوقائع من دعوى، وإجابة، ودفوع، ومن البينات، وطرق الحكم - ثبوتَ الوقائع المؤثرة في الحكم، وينقحها، ويهيئها للتَوْصِيف النهائي مهذبة مرتبة كأَنَّه لم يذكر معها سواها مستعينًا في ذلك بتحديد الحكم الكلي الفقهي، وطرق تفسير الوقائع والأحكام الكلية، وأصول التَّوْصِيف، مراعيًا الطلبات في الدعوى وانعدام الموانع، حتى إذا تنقحت له الواقعة وهيأها للتَوْصِيف وحدد حكمها الكلي الفقهي أجرى المطابقة بينهما بواسطة القياس القضائي، فإذا تحقق عنده اجتماع الوقائع مع الحكم الكلي الفقهي في حدهما الأوسط - وهي الأوصاف المشتركة المؤثرة في الحكم - قَرَّرَ مطابقة الوقائع القضائية للحكم الكلي الفقهي، وهي النتيجة المطلوبة، فيقرر مثلًا أن هذه الواقعة جعالة، أَوْ قتل عمد، أَوْ خيار عيب، ونحو ذلك.
إِنَّ مناط التَّوْصِيف الابتدائي هو الدعوى، والإِجابة، وطلبات الخصوم، أَمَّا في التَّوْصِيف النهائي فمناط التَّوْصِيف فيه: ما يثبت لدى القاضي من الوقائع والأوصاف المؤثرة، وما يستنبطه من الدعوى والإجابة ودفوع الخصمين وبيناتهم مراعٍ فيه طلبات الخصوم وأصول التَّوْصِيف على ضوء ما يتقرر له من الحكم الكلي الفقهي.