الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - العرف:
وقد سبق تعريفه (1).
فالأفعال المستقرة عرفًا كالأقوال، فإنَّ عَمَلَ الناس وأفعالهم التي تتعلق بالمعاملات والدلالة على الإِرادة إذا استقرت وصارت عرفًا لا يخالف الشرع صار لها قوة في الدلالة كدلالة اللفظ، كالمعاطاة في البيع، والهبة، والوكالة، والإِعارة، والإِباحة؛ فإنَّها تنعقد بما يَدُلُّ عليها من الأفعال (2).
وهكذا من جهز ابنته أَوْ أخته بجهاز إلى بيت زوجها كان ذلك تمليكًا لها (3).
ومما يلحق بذلك الأعراف العملية التي تواضع الناس عليها مما لا يخالف الشرع، فإنَّ لها قوة في الدلالة كدلالة اللفظ الصادر من المكلف في تقييد المطلق، وتخصيص العام، وتفسير المجمل، وصرف الظاهر.
فمن باع سيارة تبعها في ذلك ما معها من عُدَّتها وعَجَلِها الاحتياطي ولو لم يشترطه المشتري؛ إقامةً للعرف العملي مقام
(1) انظر: الفقرة الخامسة من المطلب الأول من المبحث الثالث من الفصل الثالث من الباب الأول.
(2)
الكشاف 3/ 148، شرح المنتهى 3/ 141، 392، 518، 519، مجموع الفتاوى 29/ 20.
(3)
شرح المنتهى 2/ 519، الكشاف 3/ 149، 4/ 298.
الشرط، ومن استأجر سيارة لحمل متاع فإنَّما يحمل عليها النوع والقدر المعتاد مما لا ضرر منه عليها ولو لم يشترط ذلك المؤجر؛ إقامةً للعرف العملي مقام صريح اللفظ في تقييد ما أطلق.
وقد تتابعت عدد من القواعد الفقهية على تقرير هذا المعنى منها: "استعمالُ الناسِ حجةٌ يجب العملُ به"، و"المعروفُ عُرْفًا كالمشروط شَرْطًا"، و"التعيينُ بالعُرْفِ كالتعيينِ بالنَّصّ"، و"المعروفُ بين التُّجَّار كالمشروط بينهم"(1)، لكن المستقر عرفًا إذا صرح المتعاقدان بخلافه صَحَّ ولزم الأمر المصرح به (2).
ودلالة الفعل العرفية إذا لم تكن معروفة للقاضي والمفتي رُجِعَ فيها إلى أهل الخبرة بالعرف في الشأن الذي يراد تفسير الفعل في مقامه؛ لأَنَّ أهل الخبرة بالعرف في كل اختصاص أدرى بتفسيره، وإظهاره، وكشفه، وبيانه.
وقد ذكر الفقهاء أَنَّ الراعي لو فعل فعلًا، وتصادق الطرفان على حدوثه، لكن اختلفا في كونه تعديًا- فإنَّه يرجع إلى أهل الخبرة في بيان كون هذا الفعل تعديًا أَوْ لا؛ لأَنَّهم أدرى به، وأقدر على إظهاره، وكشفه، وبيانه (3).
(1) المنثور 2/ 361، 377، المدخل الفقهي للزرقاء 2/ 842، 858 - 999 - 1001 الوجيز للبورنو 179 - 180.
(2)
قواعد الأحكام 2/ 186، الكشاف 3/ 476.
(3)
الكشاف 4/ 36، شرح المنتهى 2/ 377.