الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مدخل
إنَّ الغرض من الأحكام الكلية هو تنزيلها على أفعال المكلفين (تَوْصِيف أفعال المكلفين بها) لا لتبقى مفترضة في الأذهان.
والواقعة القضائية والحكم الكلي الفقهي هما طرفا التَّوْصِيف، أَمَّا عقد واسطته فهي الأوصاف المشتركة بينهما والمؤثرة في الحكم القضائي.
والواقعة القضائية هي التي تحرك الحكم الكلي، وتستدعيه لتوصيفها، فالحكم الكلي الفقهي يبدو ساكنًا؛ لأَنَّه عام مجرد (1)، منزل على الأذهان، فإذا قابلته الواقعة القضائية دَبَّتْ فيه الحياة، وتَحَرَّك من سكونه لملاقاتها، فإذا لاقاها وطابقت أوصافُه أوصافَها امتزج بها، وصارا كالشيء الواحد، فالواقعة القضائية تقابل في صفاتها المؤثرة مُعَرِّفَات الحُكْم الكلي من السبب والشرط وعدم المانع، والذي يبدو في صفته النهائية في هيئة نَصٍّ فقهيٍّ مهذّب
(1) في عموم الحكم الكلي وتجريده انظر: ما سبق في المبحث الثالث من التمهيد من الباب الأول.
مرتّب، سواء كان مقررًا مكتوبًا سبق تقريره في كتاب الله أَوْ سنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم أَوْ إجماع أَوْ قول فقيه، أَوْ استنبطه القاضي من الأدلة الشرعية وأحكم صياغته بهذه الهيئة.
والواقعة القضائية هي تلك الوقائع التي هي أوصاف مؤثرة في الحكم القضائي مقررة مستنبطة من كلام الخصوم، وطلباتهم، وبيناتهم منقحة مرتبة، تبدو وكأَنَّه لم يذكر معها سواها، وهي تقابل حقيقةً ومعنىً السببَ والشرطَ وعدمَ المانع في الحكم الكلي الفقهي.
فلا تَوْصِيف إلَّا بالحكم الكلي والواقعة القضائية هي التي تحركه من سكونه، والتي هي معانٍ وأوصاف مقررة ومستنبطة من كلام الخصوم وطلباتهم وبيناتهم، مع انتفاء المانع من تأثير هذه الأوصاف، وبين هذا وذاك عمل القاضي الذي لا يتم التَّوْصِيف إلَّا به.
* * *