الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يعارض هذا ما ذكره ابن رجب (ت: 795 هـ) عن غير واحد من المتأخرين من الحنابلة من أَنَّ العقد بعد العقد لا يُعَدُّ الثاني رجوعًا عن الأول (1)؛ لأن كلامه هذا محمول فيما إذا أمكن الجمع أَوْ الترجيح بوجه سائغ، فإن تعذر فلا بُدَّ من المصير إلى النسخ كما تنسخ الأدلة الشرعية.
7 -
تهاتر (2) البينات والرجوع إلى مرجح أصلي:
إنَّ البينات إذا تعارضت وتعذرت وجوه الجمع الترجيح المقررة فإنَّه يُسْقط بعضها بعضًا، ويُرْجَع الى المرجحات الأولية من الأصل، والظاهر على نحو ما سبق (3).
طرق الجمع والترجيح بين البينات القضائية غير محصورة:
طرق الجمع والترجيح ودفع التعارض بين البينات القضائية لا حصر لها بل بكل طريق يحصل به دفع التعارض بين البينات مما يزيد القاضي قوة في اعتبار البينات جميعها، أَوْ إعمال إحداهما وإهدار الأخرى على وجه شرعي، فهو معتبر، وعلى القاضي عند تقرير ذلك توضيح الأسباب الموجبة له في حكمه.
(1) القواعد 271.
(2)
تهاترت الشهادات: كذَّب بعضها بعضًا، والشاهدان كذَّب أحدهما الآخر، فسقطت شهادتهما. [الوسيط لمجمع اللغة 2/ 971].
(3)
انظر في الترجيح بين الأصل والظاهر فقرة (هـ) من المطلب الأول من هذا المبحث.
ويؤيده: ما ذكره الأصوليون من أن طرق الترجيح بين الأدلة غير محصورة، بل بكل طريق يفيد زيادة ظن على وجه مطابق للمسالك الشرعية ويحصل به للمستدل قوة في نظره فإنَّه معتدٌّ به في الترجيح (1)، وَعَلَّل الفتوحي (ت: 972 هـ) ذلك بقوله: "إن رجحان الدليل هو الزيادة في قوته، أَوْ ظن إفادته المدلول، وذلك أمر حقيقي لا يختلف في نفسه وإن اختلفت مداركه"(2).
والقاضي يجب عليه الإِفادة من طرق الترجيح المقررة عند الأصوليين، فيعمل منها ما يلائم البينات القضائية، ومن هذه الطرق مثلًا: تقديم شهادة من حضر العقد وشهد عليه، أَوْ كان سفيرًا بين المتعاقدين عند تعارض البينات فيه؛ أخذًا مما يقرره الأصوليون: أن رواية من حضر الواقعة مباشرًا لها أَوْ سفيرًا فيها مقدمةٌ على غيره (3).
* * *
(1) الإِيضاح لابن الجوزي 311، شرح الكوكب المنير 4/ 744، 751، إرشاد الفحول 284، المدخل لابن بدران 404.
(2)
شرح الكوكب المنير 4/ 751.
(3)
انظر في ذلك: البحر المحيط 6/ 154، العارض والترجيح بين الأدلة الشرعية للبرزنجي 2/ 158.