الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مدخل
سبق الحديث عن طرفي التَّوْصِيف، وهما: الحكم الكلي الفقهي- معرفات وحكم-، والواقعة القضائية، كما سبق الحديث عن صفة تنقيح الواقعة القضائية، وإثباتها، واستخلاصها، وعن طرق تفسير الحكم الكلي الفقهي، والواقعة القضائية، وكل ذلك يُعَدُّ تهيئة لتقرير تَوْصِيف الواقعة القضائية بتنزيل الحكم الكلي المفسَّر على الواقعة القضائية المفسَّرة.
المراد بتقرير التَّوْصِيف القضائي:
هو قرار القاضي بانطباق الأوصاف المقررة في الحكم الكلي على الواقعة القضائية الثابتة بطرق الحكم المقررة.
محل تقرير التَّوْصِيف القضائي:
القاضي لا يحكم إلَّا بعد أَنْ يعلم الوقائع المدعاة، فإذا علم ما وقع على حقيقته انتقل إلى تَوْصِيف الواقعة فحكم بما يجب من الحكم الشرعي (1).
(1) إعلام الموقعين 1/ 105، مزيل الملام 26.
ولذا فإن محل تقرير التَّوْصِيف هي الوقائع القضائية المنقحة الثابتة بأدلة الإِثبات وطرق الحكم والمستمدة من أقوال الخصوم ودفوعهم، وبيناتهم، مراعى في ذلك طلبات الخصوم، أَوْ آخر الطلبات عند العدول عنها، أَوْ تعديلها حيث ساغ ذلك؛ لأَنَّ الدعوى إذا كانت في شيء فليس للقاضي العدول عنه والحكم بغيره، فالقاضي لا يقضي بشيء لم يطلبه الخصم في الدعوى (1)، وهذا في الحقوق الخاصة؛ لأن للخصم السير في دعواه أَوْ تركها، لكن إذا انتهى التَّوْصِيف للدعوى بما يَصِحُّ سماعه حِسْبة بدون دعوى كالطلاق، والحدود، والتعزيزات، ونحوها (2)، فإنَّ القاضي يقضي بما تقرر لديه من التَّوْصِيف غير مراع مخالفة التَّوْصِيف المتقرر للطلب في الدعوى، أَمَّا لو كانت الدعوى في حق خاص وتَوْصِيف الدعوى المتقرر لم يطابق الطلب كلًّا أَوْ بعضًا، بل خالفه سواء كان طلب المدعي أَمْ المدعى عليه فإنَّ التَّوْصِيف لا ينتج أثره حالًا.
وعلى القاضي إفهام الخصم بذلك مدعيًا أَوْ مدعى عليه، فإن تمسك بطلبه ولم يُعَدِّله ردّ دعواه، لكن لو عدَّل الخصم طلبه وساغ التعديل جاز الأخذ بالتَّوْصِيف المتقرر، ولم يُلْزم باستئناف الدعوى بطلب جديد موافق للتَّوْصِيف المتقرر؛ لما في ذلك من حفظ للجهد المبذول في القضية من قِبَل القاضي والمتخاصمين.
(1) موجبات الأحكام 70، 71.
(2)
مغني ذوي الأفهام 231، 236، الروض المربع 7/ 347، وسائل الإِثبات 51.