الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني أصول تفسير فعل المكلف في دلالته على الإِرادة
للفعل الدال على الإِرادة أصول يرجع إليها في تفسيره، وبيانها كما يلي:
1 - الشرع:
فإذا كان ثَمَّ فعل، ودَلَّ الشرع على الاعتداد بدلالته على القصد والإِرادة وَجَبَ إعماله.
مثال ذلك: إظهار الصفات في المبيع؛ فقد جعله النبي صلى الله عليه وسلم بمثابة اشتراطها؛ تنزيلًا للدلالة بالفعل منزلة المقالة، ودفعًا للتغرير عن المشتري، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنّه قال:"لا تُصَرُّوا الإِبل والغنم، فمن ابتاعها بَعْدُ فإنَّه بخير النظرين بعد أَنْ يحلبها، إن شاء أمسك، وإن شاء ردها وصاعَ تمر"(1).
(1) متفق عليه، فقد رواه البخاري واللفظ له (الفتح 4/ 361)، وهو برقم 2148، كما رواه مسلم 3/ 1158، وهو برقم 1524.
فمن أظهر صفة مطلوبة في المبيع وهي ليست فيه فكأَنَّه اشترطها لفظًا، فيكون البائع مدلّسًا، ويثبت للمشتري الخيار (1).
يقول ابن تَيْمِيَّةَ (ت: 728 هـ): "وجعل -يعني النبي صلى الله عليه وسلم إظهار الصفات في المبيع بمنزلة اشتراطها باللفظ، مثل المصرّاة ونحوها من المدلّسات"(2).
ومن ذلك: إذا كان في الفعل ضرر؛ لأَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الضرر؛ فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار"(3)، فمن حوّل وجهه عن زوجته في الفراش كان دليلًا على إرادته الإِضرار بها- كما ذكره المالكية-، ولها طلب فراقه (4).
(1) فتح الباري 4/ 363، الكشاف 3/ 213، الروض المربع 4/ 437، المدخل الفقهي للزرقاء 1/ 372.
(2)
مجموع الفتاوى 29/ 19.
(3)
رواه ابن ماجه (2/ 44)، وهو برقم 2362، 2363، والدارقطني في سننه 2/ 56، وهو برقم 3060، والبيهقي في السنن الكبرى 6/ 70، 157، 10/ 333، والإِمام مالك في الموطأ مرسلًا 2/ 452، وهو برقم 2860، وحسنه النووي في الأربعين 132، وقال: له طرق يقوي بعضها بعضًا.
(4)
مواهب الجليل 4/ 17، شرح الزرقاني 4/ 62.