الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الرابع
الأصل الرابع مراعاة الضرورات والحاجات عند التوصيف
نبيِّن المراد بالضرورة، ومعنى مراعاتها، وضوابطها، والمراد بالحاجة ومراعاتها كالضرورة، وشروط مراعاة الضرورةِ والحاجةِ عند التوصيف، وتطبيقات على مراعاة الحاجة والضرورة في عناوين متتالية:
المراد بالضرورة ومعنى مراعاتها عند التَّوْصِيف:
المراد بالضرورة: ما يطرأ على الإنسان مما في ترك مراعاته هلاك أَوْ ضرر شديد يلحق الضروريات الخمس من الدين، والنفس، والنسل، والعقل، والمال (1).
وسواء كانت الضرورة في الغذاء، أَمْ الدواء، أَمْ الانتفاع بمال
(1) الموافقات 2/ 8، نظرية الضرورة الشرعية للزحيلي 67، رفع الحرج للباحسين 438، نظرية الضرورة في الفقه الجنائي 80، نظرية الضرورة الشرعية لمبارك 28، الرخص الفقهية 144.
الغير، أَمْ القيام بالفعل تحت تأثير الإكراه، أَمْ الدفاع عن النفس ونحوها، أَمْ ترك الواجبات الشرعية المفروضة (1).
فكل ذلك حالات استثنائية تُسَوِّغ للمكلف ترك الأحكام الجزئية المقررة لعموم المكلفين نَصًّا، أَوْ استنباطًا، ليدخل بحسب ما طرأ عليه في العمل بالأحكام الجزئية المقررة للضرورة.
فالمكلف ينتقل من الوجوب أَوْ الحرمة إلى الإباحة، أَوْ من الإباحة إلى الوجوب أَوْ الحرمة، أَوْ من الحرمة إلى الإباحة أَوْ الوجوب، أَوْ إلى تأخير الواجب من أمر ونهي عن وقته دفعًا للضرورة في غالب ظنه (2).
والمكلف عند مراعاة الضرورة انتقل من مناط إلى مناط آخر، ولا يُعَدُّ ذلك خرقًا للتشريع، ولا خروجًا عن أحكام الشرع؛ لأَنَّ أصول الشريعة اقتضت له حكمًا قبل الضرورة، كما اقتضت له حكمًا آخر بعد الضرورة، وإنما معنى مراعاة الضرورة: أَنَّه إذا طرأت الضرورة انفردت من كليات جنسها، ولحقت بحكم جزئي خاص بها وما ماثلها، فالأحكام ثابتة قارّة تتبع أسبابها حيث كانت، والمكلف ينتقل من مناط إلى مناط، ولا غير في تبعية الأحكام للأحوال؛ لأَنَّ الحظر والإباحة صفات أحكام لا صفات أعيان (3).
(1) نظرية الضرورة الشرعية للزحيلي 18 بتصرف.
(2)
المرجع السابق نفسه.
(3)
الموافقات 2/ 285، شرح الموطأ للزرقاني 2/ 7، فتح الباري 7/ 409.