الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني تقرير الخصم في دعواه الأوصاف المؤثرة في التَّوْصِيف يُعَدُّ عملًا مُهِمًّا فيه
إنَّ ذكر الأوصاف الشرعية المؤثرة في الحكم للواقعة المدعاة من واجب الخصم، فالخصم هو صاحب الدعوى، ويلزمه كل ما يؤدي إلى صِحَّتِها واتضاحها للقاضي، فعلى الخصم تحريرها، ومن ذلك في الجملة: ذكرُ الأوصاف الشرعية المؤثرة في الحكم للواقعة المدعاة، فمثلًا: من ادَّعى القصاص في النفس من قاتل مورثه عَيَّن القاتلَ، وذَكَرَ القتل، وأَنَّه عمد، وَوَصَفَ العمدية؛ هل هي عدوان أَوْ بحق؟ وَوَصَفَ الجناية، وأَنَّ القاتل انفرد بقتله أَوْ شاركه غيره؟ ووصف المشاركة إن كانت (1).
ومن ادعى على ورثة متوفى بدين عليه لزمه أَنْ يذكر بأَنَّ
(1) شرح عماد الرضا 1/ 67، الحاوي 17/ 310، الكافي لابن قدامة 4/ 487، المحرر 2/ 207، الإنصاف 11/ 280.
المتوفى مدين له، وأَنَّه مات قبل وفاء دينه، وأَنَّه يوجد تحت يد الورثة ما يكفي لقضاء دينه (1).
ومن ادعى نكاح امرأة ابتداءً لزمه ذكر شروط صِحَّة النكاح من تعيين الزوجة، ورضاها، وأَنَّه تَمَّ بولي وشاهدين (2).
فذكر الأوصاف الشرعية المؤثرة في الحكم يُعَدُّ عملًا مُهِمًّا للخصم في تهيئة الواقعة للتَوْصِيف، فالادعاء والجواب والدفوع وما يلزم لصحتها يقع على كاهل الخصم وعلى القاضي تحديد الحكم الكلي الفقهي الذي تُوَصَّف به الواقعة (3).
ولو سكت الخصم عن بيان شيء من أوصاف الواقعة المؤثرة في التَّوْصِيف من نحو ما ذكرنا وجب على القاضي سؤاله عن ذلك.
ولا يلزم الخصم تَوْصِيف الدعوى، بل يكفي منه وصفها على نحو ما ذكرنا.
(1) شرح عماد الرضا 1/ 119، الهداية لأبي الخطاب 2/ 137، الكشاف 6/ 34.
(2)
الحاوي 17/ 311، الروضة للنووي 12/ 14، الإِنصاف 11/ 177، الكشاف 6/ 346، مطالب أولي النهى 6/ 503 - 504.
تنبيه: ليس كل الوقائع يلزم ذكر شروطها عند الدعوى، بل منها ما يكفي فيه الإِطلاق كالبيع؛ حملًا على أصل الصِّحَّة في التصرفات بتحقق الشروط [الحاوي 17/ 313، الروضة للنووي 12/ 14، المغني 12/ 166، الإِنصاف 11/ 278، المبدع 10/ 76].
(3)
مزيل الملام 111، 114، 120.
ولو وَصَّف الخصم الواقعة، فذكر أَنَّها من قبيل الجعالة أَوْ الإِجارة فتوصيفه لا يلزم القاضي، بل القاضي يقرر التَّوْصِيف الملاقي للواقعة طبقًا لأوصافها الشرعية المستفادة من دعوى الطرفين وبيناتهما وطلباتهما.
* * *