الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني التَّوْصِيف القضائي وتسبيب الحكم القضائي
تسبيب الحكم القضائي يعني: ذكرَ القاضي ما بنى عليه حكمه القضائي من الحكم الكلي ودليله، والوقائعِ القضائية المؤثرة في الحكم، وصفةِ ثبوتها بطرق الحكم (1).
فهو ترجمة لاجتهاد القاضي في تَوْصِيفِ الواقعة، وتقريرِ الحكم القضائي.
إنَّه بيان للعمل القضائي الذي قام به القاضي في تنزيل الحكم الكلي الفقهي على الواقعة القضائية، وتبيين لمنهجه وخطته التي سلكها في ذلك.
فهو يبدأ بذكر ملخص الوقائع من الدعوى، والإجابة، والطلبات وتنقيحها ببيان المؤثر، واستبعاد الطرديّ، وملخص الأدلة القضائية لثبوت الواقعة، وصفةِ استنباط الوقائع المؤثرة منها، ووجه استبعاد الوقائع الطرديّة بالردّ على الدفوع غير المؤثرة عند الاقتضاء، والأدلة المهدرة والجمع والترجيح بين الأقوال المتناقضة والبينات المتعارضة، ونحو ذلك من تحليف
(1) تسبيب الأحكام القضائية للمؤلف 15.
الأيمان، وذكر المُهَل (1)، والتَّلَوُّمَات (2)، والإعذار (3) في الحجج والبينات، والتعجيز (4)، والحكم الكلي الفقهي ودليله، ووجه انطباقه على الواقعة (5).
فالتَّوْصِيف إذن يتقدم التسبب فعلًا وإن تأخر عنه ذكرًا، وهو المادة الأساس للتسبيب، فلا تسبيب إلَّا بالتَّوْصِيف وبعده.
وكما أَنَّ التسبيب يبين طريق القاضي ومنهجه وخطته عند
(1) المُهَل: جمع مُهْلَة، والمراد بها: ما يضربه القاضي من مدة للخصم لِإحضار بينته أَوْ تَصْحِيح دعواه، ونحو ذلك [الإتقان لمياره 1/ 36، إعلام الموقعين 1/ 110].
(2)
التَّلَوُّمَات: جمع تلوُّم، وهو الانتظار والتمكث [مختار الصحاح 608، الوسيط لمجمع اللغة 1/ 847]، والمراد بها هنا: أَنْ يذكر القاضي أنه انتظر المدة المقررة قضاءً ولم يأت المتأجل بشيء.
(3)
الإعذار في الحجج والبينات: أَنْ يقول القاضي للخصم بعد سماع البينة: هل لك مدفع أَوْ مطعن فيها؟ ويقول عند نهاية المرافعة: أَبَقيَتْ لك حجهّ تقولها أَوْ بينة تحضرها؟ [شرح أدب القاضي لابن مازه 3/ 79، الأحكام الكبرى 1/ 58، تبصرة الحكام 194، نهاية المحتاج 8/ 257، المغني 11/ 452، فتاوى ورسائل 12/ 424].
(4)
التعجيز: أَنْ يعتبر القاضي الخصم عاجزًا عن البينة بعد استيفاء المهل المقررة قضاءً، ويقضي عليه [المبسوط 16/ 63، تبصرة الحكام 1/ 207، مغني المحتاج 4/ 467، مطالب أولي النهى 6/ 514، إعلام الموقعين 1/ 110].
(5)
مزيل الملام 169، 171، الإتقان لمياره 1/ 42، البهجة 1/ 42، 124، الأم 6/ 234، تسبيب الأحكام القضائية 15، 81 - 96.
الحكم في القضية فإنَّه يعصم اجتهاد القاضي من الزلل - بإذن الله- ويحمله على بذل الوسع في تَوْصِيف الواقعة وتقرير حكمها.
ينضاف ذلك إلى ما في التسبيب من تمكين المحكوم عليه من دراسة مستند الحكم الواقعي والشرعي للتأكد من سلامةِ التَّوْصِيف والحكمِ القضائي للاقتناع به أَوْ الطعن فيه، وتمكين المحكمة المختصة من مراجعة التَّوْصِيف والحكم وتدقيقهما، والقيام بوظيفتها على أتمِّ وجه وأحسنه (1).
* * *
(1) لسان الحكام 221، البحر الرائق 6/ 703، تنبيه الحكام 303، فتاوى ورسائل 12/ 350، الفروع 6/ 470، تسبيب الأحكام القضائية 99 - 104.