الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعلى الاعتداد بالعرف مخصصًا لعموم لفظ المكلف وتصرفه دَرَجَ القضاة والمفتون في تفسير الوقائع، فقد سُئِل بعضهم فيمن أوقف نخلة -كما يفعله بعض أهل نجد- فبادت، فأجاب: بأَنَّ العرف ومقاصد الناس معتبرة في تصرفاتهم، والعرف في وقتنا أَنَّ المُوقِف لا يقصد إلَّا جذع النخلة، وأَنَّها لا تعاد إذا بادت، مع أَنَّ القياس يقتضي ذلك، فالفرع لا يتبعه الأصل، والأصل يتبعه الفرع، إلَّا أَنْ يكون بستانًا ونحوه فالقرينة تقتضي دخول الأصل والفرع معًا في الوقفية (1).
4 - عادة الشخص أَوْ القوم:
العادة أخص من العرف؛ إذ إنَّها عادة شخص أَوْ قوم في أمر من الأمور (2).
والعادة قولية أَوْ فعلية مما يخص به عموم كلام المكلَّف، فعادة الشخص أَوْ القوم في أمر من الأمور مما يخص كلامه ويفسره، قال ابن رجب (ت: 795 هـ): "يخص العموم بالعادة على المَنْصُوص، وذلك في مسائل"(3)، وذكر ابن رجب جملة من المسائل منها:
مَنْ أوصي لأقربائه وأهل بيته فبم يفسر لفظه؟ وحاصل ذلك
(1) حاشية العنقري على الروض 2/ 475، فتاوى ورسائل 7/ 187، 188.
(2)
المدخل الفقهي للزرقاء 2/ 843.
(3)
القواعد 276.
ثلاثة أوجه من التفسير عند الحنابلة، هي (1):
(أ) أَنَّ قرابة الأم لا يدخلون في الوصية إلَّا إذا كان الموصي يصلهم في حياته.
(ب) أَنَّ ذلك ينصرف لمن كان يصله الموصي في حياته من قرابته من جهة أبيه أَوْ من جهة أمه، فإن لم يكن له عادة بصلة أحدهما فهي لقرابة الأب، وهذا الوجه هو المذهب- كما ذكره ابن رجب-.
(ج) أَنّه لا اعتبار بالصلة.
وللوجه الثاني قوة، وبه يتحقق المثال ويظهر التعليل.
وقد خالف جماعة من العلماء (2) منهم القرافي (ت: 684 هـ) في تأثير العادة الفعلية على اللفظ؛ يقول القرافي: "العوائد القولية تؤثر في الألفاظ تخصيصًا ومجازًا وغيره، بخلاف العوائد الفعلية"(3).
وما ذكره ابن رجب أظهر، فيُعمَل بالعادة قوليةً أَوْ فعليةً إذا تجردت عن القرائن المانعة من إعمالها؛ لأَنَّها قرينة على تحديد المراد وتخصيصه.
(1) القواعد 276.
(2)
قواعد الحصني 1/ 390.
(3)
شرح تنقيح الفصول 213.