الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويَرُوْحُونَ في سَخَطِهِ" (1).
وقال أيضًا: قال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "صِنْفانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُما: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِياطٌ كأَذْنابِ البَقَرِ يَضْرِبُونَ بِها النَّاسَ، كاسِياتٌ عارِياتٌ مُمِيْلاتٌ مائِلاتٌ، رُؤُوْسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ البُخْتِ الْمائِلَة"(2). رواهما مسلم.
200 - ومن أعمال اليهود، والنصارى، وعباد الشمس: تولية المُلك والحكم للنساء كما في قصة بلقيس
.
وكانت هي وقومها يعبدون الشمس، ويسجدون لها من دون الله تعالى، ثمَّ أسلمت لسليمان عليه السلام، وتزوجها على أحد القولين.
وقد روى الإمام أحمد، والشيخان، والترمذي، والنسائي عن أبي بكرة رضي الله تعالى عنه قال: ذُكرت بلقيس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "لَنْ يُفْلحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأة"(3).
وذكر المفسرون: أنَّ إلياس عليه السلام كان من بني إسرائيل من ذرية هارون أخي موسى عليهما السلام، بعث إلى سبط من بني إسرائيل كانوا يسكنون بَعْلَبَكَّ من بلاد الشام، وكانوا يعبدون صنماً يُقال له: بعل، وكان إلياس عليه السلام يدعوهم إلى عبادة الله تعالى،
(1) رواه مسلم (2875).
(2)
رواه مسلم (2128).
(3)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(5/ 50)، والبخاري (6686)، والترمذي (2262)، والنسائي (5388).
وهم لا يسمعون، ولم يؤمن به إلا ملكهم، وكان اسمه: لاجب، وكان لهذا الملك امرأة كان يستخلفها على رعيته إذا غاب عنهم في غَزاة أو غيرها، وكانت تبرز للناس كما يبرز غيرها، وتركب كما يركب، وتجلس بين الناس فتقضي بينهم، وكان لزوجها جار صالح من بني إسرائيل يقال له: مزدكي، وكان له جنينة إلى جانب قصر الملك يعيش فيها، وكان الملك وزوجته يشرفان على الجنينة، فحسدته عليها، وأرادت أن تسلبه إياها، فنهاها زوجها الملك عن ذلك، فاتفق أن زوجها خرج مرة إلى سفر بعيد، فاغتنمت الفرصة واحتالت على مزدكي، وأمرت جماعة أن يشهدوا عليه أنه يسب الملك، وكان حكمهم في ذلك الزمان على من سب الملك القتل إذا قامت عليه البينة بذلك، ففعلوا، فقتلته بالزور، فلمَّا قدم بعلها لم يرض منها بذلك، وعنَّفها عليه، فأوحى الله تعالى إلى إلياس عليه السلام أن قل للاجب وزوجته: إن الله غضب لوليه، وآلى على نفسه إن لم يتوبا ويردا الجنينة على ورثته لنهلكنَّهما في جوف الجنينة، ثمَّ يدعهما جيفتين ملقاتين فيها، ولا يمتعان فيها إلا قليلًا، فكذبوا إلياس وأرادوا قتله، وفرَّ منهم في شواهق الجبال، ثمَّ كساه الله الريش في قصة طويلة، وسلط الله على لاجب وقومه عدوًا فأرهقهم، وقتل لاجباً وزوجته في جنينة مزدكي، فلم تزل جيفتاهما ملقاتين فيها حتى بليت لحومهما، ورمَّت عظامهما (1).
(1) انظر: "تفسير الثعلبي"(8/ 159)، و"تفسير البغوي"(4/ 36).
وروى ابن عساكر عن الحسن رحمه الله تعالى: أن ملك بَعْلَبَكَّ الذي كان في زمن إلياس كان على هدى حتى دفع إليهم قوم من عبدة الأوثان زينوا له عبادتها، وكان الذي زين ذلك له امرأته، وكانت قبله تحت ملك جبار من الكنعانيين في طول وجسم وحسن، فمات بعلها المذكور، فاتخذت تمثالًا على صورة بعلها المذكور من ذهب، جعلت له حدقتين من ياقوتتين، وتوَّجته بتاج مكلَّل بالحُّر والجوهر، ثمَّ أقعدته على سرير تدخل عليه، وتدخله وتطيبه، وتسجد له، ثمَّ تخرج عنه، فتزوجت بعد ذلك هذا الملك الذي كان إلياس معه، وكانت فاجرة قهرت زوجها، ووضعت التمثال في بيت، وجعلت له سبعين سادِناً، ودعت الناس إلى عبادته، فهو البعل الذي قال لهم إلياس:{أَتَدْعُونَ بَعْلًا} [الصافات: 125].
فدعاهم إلياس إلى الله فلم يزدهم ذلك إلا بعدًا، فقال إلياس عليه السلام: اللهم إن بني إسرائيل قد أبوا إلا الكفر بك، وعبادة غيرك، اللهم فغيِّر ما بهم من نعمة.
فأمسك الله القَطْر عنهم ثلاث سنين (1).
وقد اتفق في هذه الأمة كثير من تولية النساء الملك والحكم كما يؤخذ من كتب التاريخ إلى عصرنا هذا، وليس هذا بصالح من المسلمين، ومن شروط الإمامة والحكم المذكورة كما لا يخفى، إلا أن من العلماء من أجاز قضاء النساء فيما تجوز به شهادتهن.
(1) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(9/ 209).