الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في تفسير الآية، وفي الحديث:"إِنَّما الأَعْمالُ بِالنِّياتِ"(1)
20 - ومنها: التكلم بالأعجمية
.
وهي كل لسان سوى العربية، وهو مكروه لمن يحسن اللسان العربي، ويمكنه الاكتفاء به، ولا يحتاج إليه لتفهيم أعجمي.
روى الحاكم وصححه، والسِّلَفي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أحْسَنَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِالعَرَبِيَّةِ فَلا يَتَكَلَّمُ بِالفارِسِيَّةِ؛ فَإِنَّهُ يُوْرِثُ النّفاقَ"(2).
وروى ابن أبي شيبة عن عمر رضي الله عنه أنَّه قال: ما تعلم الرجل الفارسية إلا خبَّ، ولا خب إلا نقصت مروءته (3).
والخب: الخديعة.
ومن هنا قال الإمام مالك رحمه الله تعالى: أكره أن يتكلم بألسنة العجم في المسجد.
قال: وإنما ذلك لما قيل في ألسنة العجم: إنها خب.
قال: ولا يفعل في المسجد الخب.
(1) تقدم تخريجه.
(2)
رواه الحاكم في "المستدرك"(7001). قال ابن تيمية في "اقتضاء الصراط المستقيم"(ص: 205): رواه السلفي، وهذا الكلام يشبه كلام عمر بن الخطاب، وأما رفعه فموضع تبيُّن.
(3)
رواه ابن أبي شيبة في "الأدب"(ص: 153).
قال: وهو لمن يحسن العربية أشد. هكذا نقله ابن الحاج في "المدخل"(1).
وروى أبو الشيخ الأصبهاني، والبيهقي عن عمر رضي الله تعالى عنه قال: لا تعلموا رطانة العجم، ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم؛ فإن السخطة تنزل عليهم (2).
وروى ابن أبي شيبة عن محمَّد بن سعد بن أبي وقاص: أنه سمع قوماً يتكلمون بالفارسية: ما بال المجوسية بعد الحنيفية (3).
وينبغي للعربي أن لا يعتاد التكلم بالأعجمية حتى يهجر العربية في لسانه كما هو حال كثير من أهل هذه الأعصار، حتى إنك ترى كثيرًا منهم يخاطبون من يعرف العربية من العجم أو الروم بلسانه، ثم إنه لا يخرج من عهدة اللسان فيصير عند أهله ضحكة لهم، والطريق الحسن اعتياد التكلم باللسان العربي ولو لأعجمي يمكنه التكلم به، بل ينبغي للعجم والروم أن يعودوا صغارهم اللسان العربي، ويلقنوهم العربية في الدور والمكاتب، فيظهر بذلك فيهم شعار الإسلام وأهله، ويكون أسهل لهم في فهم الكتاب والسنة، ومن ثم كان تعلم اللغة العربية من الدين، ومعرفتها من الواجبات.
قال عمر رضي الله عنه: تعلموا العربية؛ فإنها من دينكم، وتعلموا الفرائض؛
(1) انظر: "المدخل" لابن الحاج (2/ 230).
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(26282).
فإنَّها من دينكم. رواه ابن الأنباري.
وكتب إلى أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنهما: أما بعد! فتفقهوا في السنة، وتفقهوا في العربية، وأعربوا القرآن؛ فإنَّه عربي. رواه ابن أبي شيبة (1).
فأما التكلم بالعجمية لغرض تفهيم المخاطب بقدر الحاجة فلا بأس به، كما روي أنَّ أبا هريرة رضي الله عنه قال لمن وجعه بطنه: اشكم بدرد.
ولا يصح مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم (2).
ومن تعين عليه تعليم أعجمي حكمًا شرعيًا، أو القضاء به له أو عليه، أو نصيحته وهو يتكلم بالأعجمية، ولم يكن ثمَّ غيره يترجم بينهما، ولا يمكنه تفهيمه بلسان العرب، وجب عليه أن يتكلم بلسان المذكور.
ومن الأدلة على ذلك: ما رواه ابن سعد في "طبقاته" عن بريدة رضي الله عنه، وعن الزهري، ويزيد بن رومان، والشعبي رحمهم الله تعالى: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عدة إلى عدة، وأمرهم بنصح عباد الله، فأصبح الرسل وكل رجل منهم يتكلم بلسان القومِ الذين أرسل إليهم، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:"هَذا أَعْظَمُ مَا كَانَ مِنَ الْحَقِّ عَلَيْهِمْ في أَمْرِ عِبادِهِ"(3).
(1) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(29914).
(2)
انظر: "اقتضاء الصراط المستقيم" لابن تيمية (ص: 206).
(3)
رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(1/ 264).