الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
لَطِيْفَةٌ:
روى الدينوري في "المجالسة" عن ابن قتيبة قال: حدثني بعض أصحابنا أن بعض العمال من أهل البصرة قدم من عمل، وقدم معه مال كثير كان خَانَ فيه السلطان، فاتخذ طعامًا ودعا أصحابه، فجعل يطعمهم ويحدثهم بالكذب، فقال بعضهم: نحن كما قال الله تعالى: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} [المائدة: 42](1).
قلت: هذا يقع كثيرًا لكثير ممن ينسب إلى العلم، يترددون إلى بيوت الأجناد، وعمَّال المُكوس، وأَكَلة الحرام الصِّرف، فيأكلون من طعامهم، ويستمعون لما عسى أن يقع من الكذب والفحش في كلامهم، فهم من أشبه الناس بمن ذكر في الآية.
*
تَنْبِيْهٌ:
روى أبو نعيم في "الحلية" عن ميمون بن مهران رحمه الله تعالى قال: أُهدي إلى عمر بن عبد العزيز تفاح وفاكهة، فردها وقال: لا أعلمنَّ أنكم بعثتم إلى أحد من أهل عمل شيئًا.
فقيل له: ألم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية؟
قال: بلى، ولكنها لنا رشوة.
وفي رواية: إن بعض أهل بيته أهدى إليه تفاحًا، فرده.
قال عمرو بن مهاجر: فقلت: يا أمير المؤمنين! ابن عمك، ورجل
(1) رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم"(ص: 256).
من أهل بيتك، ولقد بلغك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة.
قال: إن الهدية كانت للنبي صلى الله عليه وسلم هدية، وهي لنا رشوة (1).
قلت: الحكمة في ذلك: أن النَّبي صلى الله عليه وسلم كان معصومًا فلا تستميله الهدية عن الحق، بخلاف غيره من الولاة لأنه غير آمن من ذلك.
ومن ثمَّ لا يقبل الحاكم هدية من لم يكن له عادةٌ بالإهداء إليه، وما زاد منه على عادته في الهدية.
وغير الولاة يستحب له قبول الهدية إلَّا أن يعلم أن المهدي إليه إنما أهداها إليه ليساعده على باطل أو منع حق؛ فإنها تنقلب رشوة.
وفي الحديث: "خُذُوا العَطَاءَ ما دَامَ عَطَاءً، فَإِذَا تَجَاحَفَتْ (2) قُرَيْشٌ بَيْنَهَا الْمُلْكَ، وَصَارَ العَطَاءُ رَشْوَةً عَلَى دِيْنِكُمْ فَدَعُوْهُ". رواه أبو داود، وغيره من حديث ذي الزوائد الجهني رضي الله تعالى عنه (3).
وروى الطبراني في "الكبير" عن معاذ رضي الله تعالى عنه: [أن النبي صلى الله عليه وسلم](4) قال: "خُذُوا العَطَاءَ مَا دَامَ عَطاءً، فَإذَا صَارَ رِشْوَةً عَلَى الدِّيْنِ
(1) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(5/ 294).
(2)
أي: إذا تقاتلوا على الملك.
(3)
رواه أبو داود (2959).
(4)
ما بين معكوفتين من "ت".