الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والجملة استئنافية، أو صفة لشيء.
155 - ومن أخلاق اليهود: التحرج عن أكل لحوم الإبل وألبانها، والعروق، والشحوم
.
وقد سبق عن الشعبي: أن الروافض يشاركون اليهود في الامتناع عن أكل لحوم الإبل وألبانها.
قال الله تعالى: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (93) فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [آل عمران: 93، 94]
روى البخاري في "تاريخه"، والترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: أخبرنا ما حرم إسرائيل على نفسه.
قال: "كَانَ يَسْكُنُ البَدْوَ، فَاشْتَكَى عِرْقَ النِّسَا، فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا يُلائِمُهُ إِلَّا لُحُوْمَ الإِبِلِ وَألبَانَهَا، فَلِذَلِكَ حَرَّمَها".
قالوا: صدقت (1).
وروى المفسرون، والحاكم، والبيهقيُّ عنه أنَّه قال في قوله تعالى:{إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ} [آل عمران: 93]؛ قال: العرق أخذه عرق النساء، وكان يبيت له زقاء -يعني: به صياح- فجعل لله عليه إن
(1) رواه البخاري في "التاريخ الكبير"(2/ 114)، والترمذي (3117) وقال: حسن غريب.
شفاه الله أن لا يأكل لحما فيه عروق، فحرمته اليهود.
وفي رواية عنه: حرم العروق، ولحوم الإبل (1).
وروى ابن إسحاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أنَّه كان يقول: الذي حرم إسرائيل على نفسه: زيادتا الكبد، والكليتان إلا ما كان على الظهر؛ فإن ذلك كان يقرب للقربان، فتأكله النار (2).
ويجمع بين هذه الروايات بأن كل هذه الأمور حرمها إسرائيل عليه السلام على نفسه، فحدث ابن عباس بكل منها مرة، وجمع في مرة أخرى.
وروى عبد الرزاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن عكرمة قال: لولا هذه الآية: {أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} [الأنعام: 145] لتتبع المسلمون من العروق ما تتبع منه اليهود (3).
وذكر الثعلبي عن الكلبي في قوله: {إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ} [آل عمران: 93] الآية، قال: لم يحرمه الله عليهم في التوراة، وإنما حرم عليهم بعد التوراة بظلمهم وكفرهم بآيات الله، وكانت بنو إسرائيل إذا أصابوا ذنبًا عظيمًا حرم الله تعالى عليهم طعامًا طيبًا، أو صَبَّ
(1) رواه عبد الرزاق في "التفسير"(1/ 126)، الطبري في "التفسير"(4/ 4)، والحاكم في "المستدرك"(3152)، والبيهقيُّ في "السنن الكبرى"(10/ 8).
(2)
رواه ابن أبي حاتم في "التفسير"(3/ 705).
(3)
رواه عبد الرزاق في "التفسير"(2/ 220)، وابن أبي حاتم في "التفسير"(5/ 1407).
عليهم رِجْزًا، وهو الموت، وذلك قوله تعالى:{فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} [النساء: 160].
وقال الله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} [الأنعام: 146](1).
قال ابن جريج: كل شيء لم تفرج قوائمه من البهائم، وما انفرجت قوائمه أكلوه، ولا يأكلون البعير، ولا البط، ولا الوز، ولا حمار الوحش. رواه أبو الشيخ (2).
وهو بمعناه مروي عن ابن عباس، وقتادة، ومجاهد (3).
لكن قال سعيد بن جبير: إن الديك مما حرم عليهم؛ أي: دون الدجاج الإناث. رواه أبو الشيخ أيضًا (4).
وقال تبارك وتعالى: {وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (146)} [الأنعام: 146].
وما حمل الظهر: ما علق به من الشحم.
والحوايا: المباعر والمرابض التي تكون فيها الأمعاء، وما اختلط
(1) انظر: "تفسير الثعلبي"(3/ 113).
(2)
انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (3/ 378).
(3)
رواها الطبري في "التفسير"(8/ 72 - 73).
(4)
انظر: "الدر المنثور" اللسيوطي (3/ 377).