الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَصُدَّتْ عَنِ الأَصْنامِ بِالْغَيْبِ جِنُّها
…
فَلا مُخْبِرٌ عَنْهُمُ بِحَقٍّ وَلا كِذْبِ
فَيا لِقُصَيٍّ ارْجِعُوا عَنْ ضَلالِكُمْ
…
وَهُبُّوا إِلَى الإِسْلامِ والْمَنْزِلِ الرَّحْبِ (1)
*
تنبِيْهٌ:
ما يفعله الناس ليلة النصف من شعبان، أو في غيرها في بيت المقدس، وغيره من كثرة الوقيد في المساجد، وغيرها زيادة على قدر الحاجة ملحقٌ بتعظيم المجوس للنار؛ إذ فيه تشبه بهم.
قال ابن دِحية في كتاب "العلم المشهور": مما أحدثه المبتدعون، وخرجوا به عما رَسَم المتشرعون، وجَرَوا به على سنن المجوس، واتخذوا دينهم لهوًا ولعبًا: الوقيدُ ليلة النصف من شعبان، ولم يصح فيها شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نطق بالصلاة فيها، والإيقاد صادق من الرواة، وما أخذ به إلا متلاعب بالشريعة المحمدية، راغب في دين المجوسية لأنَّ النار معبودهم.
قال: وأول ما حدث ذلك في زمن البرامكة، فأدخلوا في دين الإِسلام ما يموهون به على الطغام، وهو جعلهم الإيقاد في شعبان كأنه من سنن الإيمان، ومقصودهم عبادة النيران، وإقامة دينهم وهو أخس
(1) رواه الخرائطي في "هواتف الجنان"(ص: 53)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(3/ 423).
الأديان، حتى إذا صلى المسلمون فركعوا وسجدوا، كان ذلك إلى النار التي أوقدوا، ومضت على ذلك السنون والأعصار، وتبعت بغداد فيها سائر الأمصار إلى أن أخفت الله صوتهم وقدَّر هلكتهم وموتهم، وكانت نكبتهم في زمن هارون الرشيد، وذلك سنة سبع وثمانين ومئة من الهجرة المحمدية، فانقطع شرهم عن الملة الإِسلامية.
هذا مع ما يجتمع تلك الليلة من النساء والرجال، واختلاط الحال من الفريقين في ضيق المحال، فالواجب على السلطان منعهم، وعلى العالِم ردعهم، انتهى.
نقله الحافظ زين الدين العراقي عنه في "شرح الترمذي"، وأقره عليه.
قلت: وقد تفاقم الأمر، واشتدَّ الحال في هذا العصر، واستمرت تلك البدعة إلى الآن، وبالغ الناس في الشعلة ليلة النصف من شعبان، وفي ليالي رمضان، بل لو قصر الناس في ذلك في كل سنة لأمرهم الحاكم بها، وقال العالِم إلا من اتقى الله تعالى: هذه بدعة حسنة، بل قد اتفق تهديد الحكام للناس على الترك قبل وقوع التقصير، وصاروا يعلنون النداء بالأمر بذلك من غير منكر لهذا الفعل الكبير، فبقي المنكر معروفًا به يؤمر، والمعروف منكرًا يستهجن ويستنكر، فصدق على هذا الزمان قولُ رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كَيْفَ بِكُمْ إِذا طَغَى نِساؤُكُمْ، وَفَسَقَ شَبَابُكُمْ، وَتَرَكْتُمْ جِهَادكُمْ".
قالوا: وإن ذلك كائن يا رسول الله؟