الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإفراد عاشوراء بالصوم خلاف الأولى (1).
*
فائِدَةٌ في فضل عاشوراء، وهو اليوم العاشر من المحرم:
روى البزار عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عاشُوْراءُ عِيْدُ نَبِيٍّ كانَ قَبْلَكُمْ؛ فَصُوْمُوْا أَنْتُمْ"(2).
وروى أبو يعلى عن أنس رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"فُلِقَ البَحْرُ لِبَنِي إِسْرائِيْلَ يَوْمَ عاشُوْراءَ"(3).
وروى الطبراني في "الكبير" بسند ضعيف، عن عثمان بن مطر رضي الله تعالى عنه -وكان له صحبة - عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال في حديث:"وَفِي رَجَبٍ حَمَلَ اللهُ نوُحًا في السَّفِيْنَةِ فَصامَ رَجَبَ، وَأَمَرَ مَنْ مَعَهُ أَنْ يَصُوْمُوا، فَجَرَتْ بِهِمُ السَّفِيْنةُ سَبْعَةَ أَشْهُر، آخِرُ ذَلِكَ يَومُ عاشُوراءَ أُهْبِطَ عَلَى الْجُودِيِّ، فَصَامَ نُوْحٌ وَمَنْ مَعَهُ والْوَحْشُ شُكْرًا لله عز وجل، وَفِي يَوْمِ عاشُوْراءَ فَلَقَ اللهُ البَحْرَ لِبَنِي إِسْرائِيْلَ، وَفِي يَوْمِ عاشُوْراءَ تابَ اللهُ عَلَى آدَمَ عليه السلام، وَعَلَى أَهْلِ مَدِيْنَةِ يُوْنسُ عليه السلام، وَفِيْهِ وُلِدَ إِبْراهِيْمُ عليه السلام"(4).
(1) انظر: "المغني" لابن قدامة (3/ 57)، و"المجموع" للنووي (6/ 407).
(2)
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 185): رواه البزار وفيه إبراهيم الهجري، وثقه ابن عديّ، وضعفه الأئمة.
(3)
رواه أبو يعلى في "المسند"(4094). قال ابن طاهر المقدسي في "ذخيرة الحفاظ"(3/ 1629): رواه سلام الطويل عن زيد العمي، وسلام متروك الحديث، ولعل البلاء منه، أو منهما جميعًا، وهما ضعيفان.
(4)
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(5538). قال الذهبي في "ميزان الاعتدال"(5/ 62): هذا باطل، وإسناده مظلم.
وفي قوله: "فجرت بهم السفينة سبعة أشهر" إطلاق اسم الشهر على بعضه حيث جمع كما في قوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] وهي: شوال، وذو القعدة، وعشرة أيام من ذي الحجة.
وقال قتادة: ركب نوح عليه السلام في السفينة في رجب يوم عشر بقين، ونزل من السفينة يوم عاشوراء (1).
وقال عكرمة: هو يوم تاب الله فيه على آدم عليه السلام (2)؛ يعني: يوم عاشوراء. رواهما عبد الرزاق.
وكلام قتادة لا يوافق الحديث، فكأن "ستة" في الحديث تصحف على بعض الرواة "سبعة"، ولا يوافق ما هو المشهور من أن نوحًا ركب في السفينة يوم عاشر رجب، واستوت على الجودي يوم عاشوراء، وأن ركوبه بمن معه كان ستة أشهر لا تزيد ولا تنقص (3).
وروى مسلم عن أبي قتادة رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم عاشوراء فقال: "يُكَفِّرُ ذُنُوبَ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ"(4).
وروى هو وأصحاب السنن عنه أيضًا قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة فقال: "يُكَفِّرُ ذُنُوبَ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ والبَاقِيَةِ"(5).
(1) رواه عبد الرزاق في "المصنف"(7849).
(2)
رواه عبد الرزاق في "المصنف"(7852).
(3)
انظر: "تاريخ الطبري"(1/ 118).
(4)
رواه مسلم (1162).
(5)
رواه مسلم (1162)، وأبو داود (2425)، والترمذي (749)، والنسائي في "السنن الكبرى"(2801)، وابن ماجه (1730).
قال العلماء: تعظيم يوم عاشوراء مما كان محفوظًا مشهورًا في أهل الكتاب، وأما تعظيم يوم عرفة فإنما اشتهر تعظيمه في هذه الأمة، فناسب أن يكون مضاعفًا ثواب صومه على صوم يوم عاشوراء.
وقد روي في "الأثر": أن عشر ذي الحجة هو العشر الذي أصله أهل الكتاب.
ونظير هذا حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوُضُوءُ قَبْلَ الطَعامِ حَسَنَةٌ، وَبَعْدَهُ حَسَنَاتٌ"(1).
فإن الحكمة في ذلك أن الوضوء قبل الطعام من شريعة موسى عليه الصلاة والسلام، وبعده من شريعة محمَّد صلى الله عليه وسلم كما يؤخذ من حديث سلمان المتقدم، ونبه عليه الحافظ السيوطي (2).
وروى الطبراني في "الكبير" بسند ضعيف، عن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ وَسَّعَ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ عاشُوْراءَ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ سَنَتَهُ كُلَّهَا"(3).
وأخرجه -بسند ضعيف أيضًا- عن ابن مسعود رضي الله تعالى
(1) رواه الديلمي في "مسند الفردوس"(7241)، وعنده:"حسنتان" بدل "حسنات".
(2)
انظر: "الخصائص الكبرى" للسيوطي (2/ 360).
(3)
رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(9302). قال ابن تيمية في "منهاج السنة النبوية"(7/ 39): سأل حرب الكرماني الإمام أحمد عن هذا الحديث فقال: لا أصل له.
عنه، ولفظه:"مَنْ وَسَّعَ عَلَى عِيالِهِ يَوْمَ عاشُوْراءَ لَمْ يَزَلْ في سَعَةٍ سائِرَ سَنَتِهِ"(1).
وأخرجه البيهقي في "فضل الشهور والأيام" من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، ولفظه:"مَنْ وَسَّعَ عَلَى عِيالِهِ وَأَهْلِهِ يَوْمَ عاشُوراءَ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ سائِرَ سَنَتِهِ"(2).
قال البيهقي بعد أن رواه من طرق، وعن جماعة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم: هذه الأسانيد -وإن كانت ضعيفة- فهي إذا ضم بعضها إلى بعض أحدث قوة، انتهى (3).
قال العراقي في "أماليه" لحديث أبي هريرة: صحح بعضَ طرقه ابنُ ناصر؛ قال: وله طرق عن جابر رضي الله تعالى عنه على شرط مسلم، أخرج بعضها ابن عبد البر في "الاستذكار"(4).
وروى هو والدارقطني بسند جيد، عن عمر رضي الله تعالى عنه موقوفًا، والبيهقيُّ في "الشُّعب" عن محمَّد بن المنتشر قال: كان يقال
…
فذكره. انتهى (5).
(1) رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(10007).
(2)
رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(3795).
(3)
انظر: "شعب الإيمان" للبيهقي (3795).
(4)
وانظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (3/ 331)، و"المقاصد الحسنة" للسخاوي (ص: 674).
(5)
رواه ابن عبد البر في "الاستذكار"(3/ 331)، والبيهقيُّ في "شعب الإيمان"(3796)، وكذا ابن أبي الدنيا في "العيال"(2/ 567).