الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هِيَ الْمَقادِيرُ فَلُمْنِي أَوْ فَذَرْ
…
إِنْ كُنْتُ أَخْطَأْتُ فَما أخطا [القَدَر](*)
وروى الترمذي وصححه، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: جاء مشركو قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحاجونه في القدر، فنزلت هذه الآية:{يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 48، 49].
3 - ومن أخلاق الجاهلية: الطعن على كتاب الله تعالى، أو على أحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه، ودعوى معارضة القرآن
.
وكتاب الله تعالى مشحون بذكر قبائح المشركين في ذلك كقوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} [الأنفال: 31].
وقال تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ (33) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ} [الطور: 33، 34].
وقال الله تعالى: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} [المرسلات: 50].
4 - ومنها: الإعراض عن كتاب الله تعالى، وعن تدبر آياته، وإيثار اللهو واللعب
.
قال تعالى: {أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ} [النجم: 59]؛ أي: إنكاراً، {وَتَضْحَكُونَ}؛ أي: استهزاءً، {وَلَا تَبْكُونَ (60) وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ} [النجم: 60، 61]؛
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ما بين المعكوفتين سقط من المطبوع. والبيت معروف وهو لأبي العتاهية في أرجوزته "ذات الأمثال"
ومعناه -كما في "نظم الآل"-: لُمْني إن شئت أو لا تلمني، فأنا بذلتُ جهدي فأخطأتُ الهدفَ وأصاب القَدَرُ.
(2)
رواه الترمذي (2157)، وكذا مسلم (2656).
أي: لاهون، أو مستكبرون، أو مُغَنُّون لتشغلوا الناس عن إسماعه، وهو الغناء بالحميرية، كما رواه عبد بن حميد، وابن جرير عن عكرمة (1).
ورويا هما وعبد الرزاق، وأبو عبيد في "فضائله"، وابن أبي الدنيا في "ذم الملاهي"، والبزار، وغيرهم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال في قوله تعالى:{وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ} [النجم: 61]: الغناء باليمانية؛ كانوا إذا سمعوا القرآن تغنوا ولعبوا (2).
وروى عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني عنه في قوله:{سَامِدُونَ} ؛ قال: لاهون، معرضون عنه (3).
وروى أبو يعلى، وابن جرير، وابن أبي حاتم عنه في الآية قال: كانوا يمرون على رسول الله صلى الله عليه وسلم شامخين؛ ألم تر إلى البعير كيف يخطر شامخاً (4).
(1) رواه الطبري في "التفسير"(27/ 83)، وكذا ابن أبي شيبة في "المصنف"(29972).
(2)
رواه الطبري في "التفسير"(27/ 82)، وعبد الرزاق في "التفسير"(3/ 255)، وأبو عبيد في "فضائل القرآن"(2/ 170)، والبزار في "المسند"(4724).
(3)
رواه الطبري في "التفسير"(27/ 82)، والطبراني في "المعجم الكبير"(11722)، وانظر:"الدر المنثور" للسيوطي (7/ 667).
(4)
رواه أبو يعلى في "المسند"(2685)، والطبري في "التفسير"(27/ 82).
ولا مخالفة في كلام ابن عباس رضي الله تعالى عنهما؛ لأن المشركين كانوا يفعلون ذلك كله حين يسمعون القرآن؛ فتارة يتكبرون عن سماعه ويشمخون، وتارة يتغنون اشتغالاً عن سماعه، وتارة يعرضون عنه بالكلية، وتارة يغضون منه لاشتماله عن شتمهم وذى قبائحهم كما قال مجاهد في قوله:{سَامِدُونَ} : غِضاب مبرطمون. رواه ابن جرير، وابن المنذر (1).
والمؤمن لا ينبغي له أن يتشبه بالمشركين في شيء من ذلك، بل إذا سمع القرآن أنصت له واستمع، وأقبل عليه ولم يَلْهُ عنه، ولم يلغ فيه، ولا يضحك عند سماعه، بل يبكي لمواعظه، وإن لم يبك يتباكى.
قال ابن عباس: لما نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وسلم {أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ} [النجم: 59] ما رئي النبي صلى الله عليه وسلم ضاحكاً حتى ذهب من الدنيا. أخرجه ابن مردويه (2).
وقال صالح: لما نزلت ما ضحك النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إلا أن يتبسم حتى ذهب. رواه ابن أبي شيبة، وأحمد في "الزهد"، والمفسرون (3).
وروى ابن ماجه بإسناد جيد، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله
(1) رواه الطبري في "التفسير"(27/ 82).
(2)
انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (7/ 666).
(3)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(34356)، وانظر:"الدر المنثور، " للسيوطي (7/ 666).