الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حمزة البغدادي، وغيرهم.
وحكاياتهم في ذلك مشهورة، ونقلت منها نبذة في "منبر التوحيد".
*
تَنْبِيْهٌ:
لا تختص السياحة بالنصارى، بل كانت في بني إسرائيل قديماً.
روى ابن جرير عن وهب بن منبه رحمه الله تعالى قال: كانت السياحة في بني إسرائيل (1).
وروى أبو نعيم عن وهب أيضاً قال: كان الرجل في بني إسرائيل إذا ساح أربعين سنة أرِي شيئاً - كأنه يريد علامة القبول - فساح رجل من ولد زنية أربعين سنة، فلم ير شيئاً، فقال: يا رب! إن أحسنت وأساء والدي (2) فمَا ذنبي؟
قال: فرأى ما كان أُرِيَ غيره (3).
وروى الإمام أحمد في "الزهد" عنه أيضاً قال: إن عابداً من بني إسرائيل تعبد وساح حتى كان مع الوحش، وحتى عفا شعره، وكان يغطي فرجه، فمات إنسان ليس له وارث غيره، فكرهوا أن يعرض المال حتى يعلموه، فجعلوا يقعدون له، فإذا نظر إليهم يفر منهم، فقال إنسان: تجعلون لي شيئاً آتيكم بخبره؟
(1) رواه الطبري في "التفسير"(11/ 38).
(2)
في "حلية الأولياء": "والداي" بدل "والدي".
(3)
رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(4/ 51).
فجعلوا له شيئاً، فقعد له، فلما رآه استقبله، وألقى ثيابه، فلما نظر إليه وقف وغض بصره، فقال: ائذن لي أَدْنُ منك.
قال: ادنه.
قال: فلان مات وترك مالاً، ولم يترك وارثاً غيرك، فكرهوا أن يعرضوا لماله حتى يعلموك.
قال: كم له منذ مات؟
قال: كذا وكذا.
قال: فكم لي منذ فارقتكم؟
قال: كذا وكذا.
قال: فإني قد مت قبله بكذا وكذا، فولَّى عنه وتركه (1).
والحكايات عن بني إسرائيل في سياحاتهم وقعودهم في الصوامع كثيرة.
وأما السياحة التي أثنى الله عز وجل بها على المؤمنين في سورة براءة، والمؤمنات في سورة التحريم؛ فهي الصيام، أو الهجرة، أو طلب العلم، أو هي الجهاد في حق الرجال.
روى الحاكم - وصححه - عن أبي هريرة، وابن مردويه عن ابن مسعود قالا رضي الله تعالى عنهما: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السائحين،
(1) رواه الإمام أحمد في "الزهد"(ص: 99).
فقال: "هُمُ الصَّائِمُونَ"(1).
وروى الطبراني بإسناد جيد، عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: الصائمون هم السائحون (2).
وروى عبد بن حميد، وابن المنذر عن عكرمة، وأبي مالك، وقتادة رحمهم الله تعالى في قوله تعالى:{سَائِحَاتٍ} [التحريم: 5]، قالوا: صائمات (3).
وروى ابن جرير عن عائشة رضي الله عنها: أنه كانت سياحة هذه الأمَّة الصيام (4).
قال سفيان بن عيينة: إنما سمي الصائم السائح لأنه تارك للذات الدنيا كلها من المطعم والمشرب والمنكح، فهو تارك للدنيا بمنزلة السائح. أخرجه ابن جرير، وابن المنذر (5).
وروى ابن أبي حاتم عن ابن زيد رحمه الله تعالى قال: السائحون المهاجرون (6).
(1) رواه الحاكم في "المستدرك"(3288)، وكذا البيهقي في "شعب الإيمان" (3578) وقال: والمحفوظ عن عبيد بن عمير مرسلاً.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور"(4/ 298) إلى ابن مردويه.
(2)
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(9095).
(3)
انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (8/ 224).
(4)
رواه الطبري في "التفسير"(11/ 39).
(5)
رواه الطبري في "التفسير"(11/ 39) مختصراً.
(6)
رواه ابن أبي حاتم في "التفسير"(6/ 1890).