الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أَنتمُ اليَوْمَ خَيْرٌ أَمْ إِذَا غُدِيَ عَلَى أَحَدِكُمْ بِجَفْنَةٍ مِنْ خُبْزٍ وَلَحْمٍ، وَرِيحَ عَلَيْهِ بِأُخْرَى، وَغَدا فِي حُلَّةٍ وَراحَ في أُخْرَى، وَسَتَرْتُمْ بُيُوْتَكُمْ كَما تُسْتَرُ الْكَعْبَةُ؟ "
قالوا: نحن يومئذ خير نتفرَّغ للعبادة.
قال: "بَلْ أَنتمُ اليَوْمَ خَيْرٌ"(1).
142 - ومن أعمال اليهود والنصارى: التشديد في الدين مطلقًا العزم وغيره، والتكلف فيه
.
ومنه التبتل والترهيب الآتي ذكره في محله، والتورع المظلم كما وقع لبني إسرائيل حين أمرهم موسى عليه الصلاة والسلام بذبح بقرة في قصة القتيل لبيان قاتله من تكرار قولهم لموسى عليه السلام: ادع لنا ربك يبين لنا، والتعنت في السؤال حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لَوْ أَنَّهُم اعْتَرَضُوْا بَقَرَة فَذَبَحُوْها لأَجْزَأَتْ عَنْهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ شَدَّدُوْا فَشَدَّدَ اللهُ عَلَيْهِمْ".
أخرجه ابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه (2).
وقال الله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185].
وروى الإمام أحمد عن الأغر المزني رضي الله تعالى عنه: أنه
(1) رواه الترمذي (2476) وحسنه، وأبو يعلى (502).
(2)
عزاه ابن حجر في "فتح الباري"(13/ 261) إلى البزار وابن أبي حاتم ثم قال: وفي السند عباد بن منصور وحديثه من قبيل الحسن.
سمع النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ خَيْرَ دِيْنَكُمْ أَيْسَرُهُ، إِنَّ خَيْرَ دِيْنِكُمْ أَيْسَرُهُ"(1).
وروى البخاري، والنسائي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الدِّيْنُ يُسْرٌ، وَلَنْ يُغالِبَ أَحَدٌ الدِّيْنَ إِلَّا غَلَبَهُ، سَدِّدُوا وَقارِبُوا، وَأَبْشِرُوا، واسْتَعِيْنُوا بِالْغَدْوَةِ والرَّوْحَةِ، وَشَيْءٍ مِنَ الدّلْجَةِ"(2).
وروى البيهقي في "الشعب" عن سهل بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه: أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لا تُشَدِّدُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّما هَلَكَ مَنْ كانَ قَبْلَكُمْ بِتَشْدِيْدِهِمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَسَتَجِدُوْنَ بَقاياهُمْ في الصَّوامِعِ والدِّياراتِ"(3).
وروى الإمام أحمد عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذقني على منكبه لأنظر إلى الحبشة حتى كنت التي مللت وانصرفت عنهم، قالت: وقال يومئذ: "لتعْلَم يَهُوْدُ أَنَّ في دِيننَا فُسْحَةً، إِنِّي أُرْسِلْتُ بِحَنِيْفِيَّةٍ سَمْحَةٍ"(4).
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 338)، وكذا البخاري في "الأدب المفرد"(341)، والطيالسي في "مسنده"(1296) لكن عن محجن بن الأدرع رضي الله عنه.
(2)
رواه البخاري (39)، والنسائي (5034).
(3)
رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(6/ 116)، وكذا البخاري في "التاريخ الكبير"(4/ 97)، والطبراني في "المعجم الأوسط"(3078).
(4)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(6/ 116). وحسن ابن حجر إسناده في "تغليق التعليق"(2/ 43).
وقال الحسن: دين الله وضع دون الغلو وفوق التقصير. رواه الحكيم التِّرمذي في "نوادره"(1).
ولا تتدبر دين اليهودية ودين النصرانية إلا وجدته إما غلوًا وإفراطًا، وإما تقصيرًا وتفريطًا، وهما يتوافقان تارة ويتضادان تارة، ودين الإسلام دون ذلك، ومن ثمَّ كانت هذه الأمة أمة وسطًا مقتصدة لتقام بهم الحجة لله عز وجل على أهل الغلو وأهل التقصير؛ قال:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: 143].
وروى البيهقي في "الشعب" عن سعيد الجهني، عن بعض الصحابة رضي الله عنهم قال: قال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "العِلْمُ أَفْضَلُ مِنَ العَمَلِ، وَخَيْرُ الأَعْمالِ أَوْسَطُها، وَدِيْنُ اللهِ بَيْنَ القاصِي والغَالِي، والْحَسَنَةُ بَيْنَ السَّيِّئَتَيْنِ لا تَنالُها إِلَّا بِاللهِ، وَشَرُّ السَّيْرِ الْحَقْحَقَةُ"(2).
قال في "الصحاح": والحقحقة أرفع السير، وأتعبه للظهر.
قال في "القاموس": أو اللجاج في السير، أو السير أول الليل، أو أن يلحح في السير حتى تعطب راحلته أو تنقطع، انتهى (3).
استعيرت في الحديث للغلو في العبادة، وحمل النفس على ما يؤول بها إلى الملال والانقطاع عن العبادة، أو سيق قوله:"شَرُّ السَّيْرِ الْحَقْحَقَةُ"
(1) رواه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"(ص: 167)، وكذا الإمام أحمد في "الزهد" (ص: 282).
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
انظر: "القاموس المحيط" للفيروز آبادي (ص: 1130)(مادة: حقق).