الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بني النضير وقريظة، وذلك أنَّ قتلى النضير كان لهم شرف يؤدون الدِّية كاملة، وأنَّ بني قريظة كانوا يؤدون نصف الدّية، فتحاكموا في ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل الدية بينهم سواء (1).
189 - ومن أخلاق اليهود: أنهم لا يعفون عن القاتل على مال
.
لأن القصاص في دينهم محتَّم هو أو العفو مجَّانا إلا ما بدلوه.
والنصارى أنهم لا يقتصون، ولا يمكِّنون أحداً من القصاص؛ لأنَّ العفو في دينهم واجب.
روى البخاري، والنسائي عن ابن عباس قال: كان في إسرائيل القصاص، ولم تكن فيهم الدّية، فقال الله تعالى لهذه الأمة:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} .
والعفو أن يقبل الدِّية في العمد.
{فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} يتبع بالمعروف ويؤدى بالإحسان.
{ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} مما كتب على من كان من قبلكم.
{فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة: 178]؛ قيل: قبول الدية (2).
(1) رواه الطبري في "التفسير"(6/ 243)، والطبراني في "المعجم الكبير"(11573)، وكذا الإِمام أحمد في "المسند"(1/ 363)، وأبو داود (3591).
(2)
رواه البخاري (4428)، والنسائي (4871).
وروى ابن جرير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: كان علي بني إسرائيل القصاص ليس عليهم في دية نفس ولا جرح، وذلك قوله تعالى:{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45] الآية.
وخفف الله تعالى عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم فتقبل منهم الدِّية في النفس وفي الجراحة، وذلك قوله:{ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: 178](1).
وروى ابن جرير أيضًا عن قتادة رحمه الله تعالى قال: كان أهل التوراة إنما هو القصاص أو العفو، ليس بينهما أرش، وكان أهل الإنجيل إنما هو عفو من دية، وجعل الله تعالى لهذه الأمة القتل والعفو والدية إن شاؤوا، أحلها لهم، ولم تكن لأمة قبلهم (2).
وكلام قتادة نص في أن العفو مجاناً كان في بني إسرائيل بخلاف العفو على الدية؛ فإنه لم يكن فيهم، وإن اقتصر كلام ابن عباس أن العفو لم يكن فيهم، وما اقتضاه كلام قتادة هو الظاهر؛ لأن العفو من صاحب الحق، والكرم لائق بكل ملة.
وقال الله تعالى حكايته عن التوراة: {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} [المائدة: 45]؛ أي: من تصدق بالقصاص بأن عفا عنه مجانا بغير دية لأن الدية لم تكن فيهم، وما تصالحوا عليه من أخذ الأوساق التمر مخالف لنص كتابهم، وهو مما بدلوه.
(1) رواه الطبري في "التفسير"(6/ 259).
(2)
رواه الطبري في "التفسير"(2/ 111).