الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والحديث المرفوع منه مرسل، لكن رواه ابن أبي شيبة، والحاكم وصححه، والبيهقي موصولاً عن أنس رضي الله عنه (1).
170 - ومن أعمال بني إسرائيل: التظالم في المواريث
.
كما دل عليه حديث الحسن هذا، وهو شامل لظلم بعض الوارثين لبعضٍ في ميراثه، ولظلم القضاة، واتباعهم للورثة في مواريثهم طالبين أن يقسموا بينهم وليس الأمر كذلك، ولكن يريدون ظلمهم وأخذ بعض الميراث منهم، وإن أمكنهم أخذه كله فعلوا، حتى كأن لهم فيه نصيباً مفروضاً، بل لم يزل كل قاض فعل ذلك عن حضرة الله تعالى مرفوضاً.
ولقد أحسن الحافظ جمال الدين السيوطي رحمه الله تعالى في قوله مقتبساً: [من الخفيف]
قَدْ بُلِينا فِي عَصْرِنا بِقُضاةٍ
…
يَظْلِمُونَ الأَنامَ ظُلْماً عَمَّا
يَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلاً لَمَّا
…
ويُحِبُّوْنَ الْمالَ حُبًّا جَمَّا
ومن أقبح ما يقع منهم أنهم يتعرضون للوارثين البالغين الحاضرين من غير أن يكون فيهم يتيم ولا غائب؛ فإن كان فيهم يتيم أو غائب فما
(1) رواه الحاكم في "المستدرك"(8067)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(4355)، وكذا أبو يعلى في "المسند" (7/ 249). قال المنذري في "الترغيب والترهيب" (3/ 364): ورواتهم ثقات إلا سعد بن سنان.
أشد القاضي وأتباعه على البالغين الحاضرين في حجة اليتامى والغائبين!
ومنهم من يتجاوز فيكلف الوارث محصول القسمة أكثر من متحصل الميراث خصوصاً إذا كانوا ضعفاء، بل قد يكلفونه المحصول وليس للمورث عقار ولا منقول، وربما ختموا على الميراث وكلفوهم الاستدانة لمؤنة التجهيز، ولما يأخذونه منهم باسم الخدم، وأجرة القدم، ثم يماكسونهم ليقطعوا لهم كمية، ويجتهدون أن يكون أضعاف ما يزعمونه لهم بالقوانين السلطانية، ولا يفكون الختوم عنهم حتى يستوفوا المحصول منهم، ثم يكلفهم الرسول الفاك لهم الختم أجرة قدمه بالعنف حتى يثنى على من يستوفي ذلك منهم باللطف؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: 227].
ولقد روى الثعلبي في تفسيره هذه الآية عن إبراهيم قال: كان شريح رحمه الله تعالى يقول: سيعلم الظالمون حظ من نقصوا أن الظالم ينتظر العقاب، وأن المظلوم ينتظر النصر (1).
وقلت عاقداً لصدر كلامه: [من البسيط]
يا رَبِّ قَوْمٌ عَلى دُنْياهُمُ حَرَصُوا
…
تَوَسَّطُوا لُجَّةً مِنْها فَما خَلَصُوا
(1) انظر: "تفسير الثعلبي"(7/ 187)، ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(22976).