المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌165 - ومن أعمال اليهود والنصارى: التبتل والترهيب - حسن التنبه لما ورد في التشبه - جـ ٨

[نجم الدين الغزي]

فهرس الكتاب

- ‌103 - ومنها: البخل، والأمر به، ومنع من تجب عليه الزكاة الزكاة، ومنع الزَّكاة ممن تجب عليه، وأخذ من لا يستحقها منها

- ‌104 - 134

- ‌ أحدها: منع الزكاة كما تقدم

- ‌ الثاني: موالاة الظَّلمة، والعمل لهم

- ‌ الثالث: مخالطةُ السلاطين، والتردد إليهم لغير ضرورة ملجئة كأن يأمروه ويخشى على نفسه لو خالفهم؛ فإنها تعرضُ للفتنة

- ‌ الرابع: البغي والتعدِّي

- ‌ الخامس: جر الرداء والإزار ونحوهما خيلاء وفخرًا

- ‌ السادس: لباس الأرجوان، وما يتأنق في تظريفه وتزويقه

- ‌ والسابع: لبس الحرير للرِّجال

- ‌ والثامن: التحلي بالذَّهب والفضَّة

- ‌ التاسع: التكاثر بكثرة المال والولد

- ‌ العاشر: الحسد

- ‌ تَنبِيْهٌ:

- ‌ الحادي عشر: تزكية النفس

- ‌ الثاني عشر: صناعة الكيمياء

- ‌ الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر: البطر، والفرح بغير الله تعالى وفضله، وحب المحمدة بما لم يفعل

- ‌ السادس عشر: حمل النِّساء على السروج ومراكب الرِّجال باديات وجوههن وزينتهن

- ‌ السابع عشر، والثامن عشر: السَّرقة، والقذف

- ‌ لَطِيْفَةٌ:

- ‌ التاسع عشر: أن قارون وقومه كان أحدهم لا ينظر في وجه خادمه تكبرًا

- ‌ العشرين: أن قارون وقومه كان أحدهم لا ينظر إلى جارية إلا إذا كانت بكرًا على ما ذكره ابن ظفر

- ‌ الحادي والعشرون: موافقة الكفار والفجار في أعمالهم وأخلاقهم

- ‌ الثاني والعشرون، والثالث والعشرون: البخل والشُّح، والأمر بهما

- ‌ الرابع والعشرون: قطيعة الرحم، ومعاداة الأهل لأجل الدنيا

- ‌135 - ومنها: التصدق بما يغتصبون من الناس، ويظلمونهم بأخذه منهم

- ‌136 - ومنها: التصدق بأردأ الأموال، وبما لا يحب

- ‌137 - ومنها: ترك صيام رمضان من غير عذر كالمرض والسفر

- ‌138 - ومنها: تقدم رمضان يصوم يوم أو يومين

- ‌139 - ومنها: التحرج عن الأكل والشرب، والنِّكاح من بعد النَّوم في ليالي الصوم

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌140 - ومنها: الوصال في الصوم بأن يجمع يومين أو أكثر في الصوم

- ‌141 - ومنها: التشدد في الصيام، والامتناع فيه عن اللحم وما يلائمه من الأدم

- ‌142 - ومن أعمال اليهود والنصارى: التشديد في الدين مطلقًا العزم وغيره، والتكلف فيه

- ‌143 - ومن أخلاق أهل الكتاب: ترك السحور لمن يريد الصِّيام

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌144 - ومنها: تأخير الفطر إلى طلوع النَّجم

- ‌ تَنبِيْهٌ:

- ‌145 - ومنها: الفطر قبل تحلة الفطر، وهو غروب الشمس

- ‌146 - ومنها: صوم عيد الفطر، والأضحى، وأيام التشريق

- ‌147 - ومنها: تخصيص يوم من الأسبوع بنوع من التعظيم لم يَرِدْ به الشرع

- ‌148 - ومن أعمال بني إسرائيل: صيام يوم عاشوراء مفردًا عن يوم قبله أو بعده

- ‌ فائِدَةٌ في فضل عاشوراء، وهو اليوم العاشر من المحرم:

- ‌149 - ومن أخلاق اليهود والنَّصارى: ترك الحج والعمرة إلى بيت الله الحرام مع الاستطاعة

- ‌150 - ومن أعمال اليهود: رفع اليدين عند الخروج من المسجد الحرام وغيره من المعابد، والوقوف للدُّعاء

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌151 - ومن أخلاق اليهود والنصارى: ترك التضحية

- ‌152 - ومنها: التحرج عن النحر

- ‌153 - ومن أعمال النصارى: الذبح بالظفر

- ‌154 - ومنها: تقذُّر الطعام

- ‌155 - ومن أخلاق اليهود: التحرج عن أكل لحوم الإبل وألبانها، والعروق، والشحوم

- ‌156 - ومن أعمال النصارى: أكل لحم الخنزير، والميتة، والدم المسفوح

- ‌157 - ومن أعمال اليهود والنصارى: شرب الخمر

- ‌158 - ومنها: كل السُّحت

- ‌ لَطِيْفَةٌ:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌ لَطِيْفَةٌ:

- ‌ تَتِمَّةٌ:

- ‌159 - ومن أعمال أهل الكتاب: الاستئثار

- ‌160 - ومن أعمال بني إسرائيل: الحيلة في أكل ما حُرِّم عليهم

- ‌161 - ومن أخلاق أهل الكتاب: الخيانة

- ‌162 - ومنها: جحد حقوق الناس وودائعهم، والحلف عليها الأيمان الفاجرة، وترك وفاء الديون

- ‌163 - ومن أخلاقهم: استحلال أموال المسلمين بضرب من التأويل

- ‌164 - ومنها: الانهماك في حب الدنيا، وتعيير الصالحين بالفقر والقلة

- ‌165 - ومن أعمال اليهود والنصارى: التَّبتل والترهيب

- ‌ فائِدَةٌ لَطِيْفَةٌ:

- ‌ فائِدَةٌ أُخْرى:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌166 - ومن أعمال اليهود والنصارى: الخصاء، والاختصاء تقرباً

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌167 - ومن أخلاق أهل الكتاب: تزوج المرأة لجمالها أو مالها أثارة للمال والجمال على الدين

- ‌168 - ومن أخلاق أهل الكتاب: أنهم كانوا لا يتزوجون بالأَمَة، ولا بامرأة من غير دينهم

- ‌169 - ومنها: إبداء المرأة زينتها لغير محارمها من الرجال، وعدم الاحتجاب

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌ تَنْبِيْهٌ ثانٍ:

- ‌170 - ومن أعمال بني إسرائيل: التظالم في المواريث

- ‌171 - ومن أعمال أهل الكتاب اجتماع الرجال والنساء من غير محرم ولا ضرورة

- ‌172 - ومن أخلاق اليهود: التحرز عن إتيان الزوجة إلا على حرف

- ‌173 - ومنها: ترك العقيقة عن الجارية

- ‌174 - ومنها: عدم اعتبار الطلاق الثلاث شيئاً

- ‌175 - ومن أخلاق أهل الكتاب: عقوق الوالدين، وقطع الأرحام، وإهانة اليتامى، وأكل أموالهم، وانتهار المسكين

- ‌ فائِدَة جَلِيْلَةٌ:

- ‌176 - ومن أعمال اليهود والنصارى، وأخلاقهم: عداوة أولياء الله تعالى، وإيذاؤهم، والتقصير في حقوقهم

- ‌177 - ومنها: التعيير بالفقر، والبلاء خصوصاً لأهل الدين

- ‌178 - ومنها: العداوة والبغضاء لغير مرضاة الله تعالى

- ‌179 - فمن أخلاق اليهود والنصارى: ترك السلام

- ‌180 - ومنها: الإشارة عوضًا عن السلام

- ‌181 - ومنها: تحريف السلام

- ‌182 - ومن أفعال اليهود والنصارى: قيام بعضهم لبعض، وهو منهي عنه

- ‌183 - ومن أفعال أهل الكتاب: الكلام السوء الشامل للغيبة والنميمة

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌184 - ومن أخلاق أهل الكتاب: سوء الظن بمن ظاهره الخير والصلاح

- ‌185 - ومن أعمال اليهود: الفتنة، وإيقاع العداوة والبغضاء بين المتآلفين

- ‌186 - ومن أعمال اليهود والنصارى قبَّحهم الله تعالى: قتل النفس التي حرم الله تعالى بغير الحق

- ‌187 - ومن أخلاق اليهود: أن كل واحد منهم لم يخل بمسلم إلا حدَّثته نفسه بقتله

- ‌188 - ومنها: الظلم في القصاص، وفي الدية

- ‌189 - ومن أخلاق اليهود: أنهم لا يعفون عن القاتل على مال

- ‌190 - ومن أخلاق اليهود: السحر، وتعلمه، وتعليمه، والكهانة، وإتيان الكاهن، وتصديقه

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌191 - ومن أعمال اليهود والنصارى: الزنا، واللواط

- ‌192 - ومن أعمال اليهود والنصارى: الوقوع على المحارم، والتجاهر بالزنا والفواحش

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌193 - ومن أعمال بني إسرائيل: القذف

- ‌194 - ودل هذا الحديث على أن من أخلاق بني إسرائيل:

- ‌195 - ومن أخلاق بني إسرائيل: المحاباة في الحدود

- ‌196 - ومن أعمال اليهود والنصارى: الكذب، والأيمان الفاجرة

- ‌197 - ومن أعمال بني إسرائيل: القتال على الملك، والقتال على التأويل، وهو دون الأول لتمحض الأول للدنيا والثاني كالمقدمة له

- ‌198 - ومنها: الولاية، والقضاء لأجل الدنيا لا لوجه الله تعالى، والتقرب إليه بالفصل بين الحق والباطل، وإيصال الحق إلى أهله

- ‌199 - ومن أعمال اليهود والنصارى: اتخاذ الولاة الشُّرَط

- ‌200 - ومن أعمال اليهود، والنصارى، وعباد الشمس: تولية المُلك والحكم للنساء كما في قصة بلقيس

- ‌201 - ودلت قصة لاجب وامرأته على أن من أعمال بني إسرائيل:

- ‌202 - ومن أخلاق اليهود والنصارى: الاحتفال لأعيادهم

- ‌1 - فمن ذلك: احتفالهم للخميس الحقير هو وأهله

- ‌2 - ومن ذلك: ما يفعله النساء من طبخ العصيدة ونحوها في صبيحة اليوم المعروف عند النصارى بميلاد عيسى

- ‌3 - ومن ذلك: الاغتسال لغير ضرورة في يوم غطاس النصارى

- ‌4 - ومن ذلك: احتفال أهل مصر بعيد الزيتونة

- ‌5 - ومن ذلك: ما يفعله النساء من الامتناع عن شراء السمك وأكله يوم السبت

- ‌203 - ومن أخلاق اليهود والنصارى: الطيرة من حيث هي

- ‌204 - ومنها: حب الحياة، وإطالة الأمل

- ‌205 - ومنها: الادخار شحًا وبخلًا

- ‌206 - ومن أخلاق اليهود والنصارى: الوقاحة، وعدم الحياء من الله تعالى

- ‌207 - ومنها: سخط المقدور، والتدبير والاختيار لغير ما يختاره الله، وعدم الرضا بالقضاء، والجزع، وترك الصبر على البلاء

- ‌ تنبِيهاتٌ:

- ‌الأَوَّلُ:

- ‌ الثَّانِي:

- ‌ الثَّالِثُ:

- ‌208 - ومن أخلاق اليهود والنصارى: كفران النعم، وترك الشكر

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌209 - ومن أخلاق اليهود والنصارى: الظلم بجميع أنواعه، والعدوان، وولاية الظالمين والفاسقين والكافرين

- ‌210 - ومن أخلاق اليهود والنصارى: الرياء

- ‌211 - ومنها: عدم الاستقامة على الأمر من الدين، والروغان عنه، والطغيان في النعمة

- ‌212 - ومن أخلاق اليهود والنصارى: إقرار المنكر، والسكوت عن الحق، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌213 - ومنها: الاسترسال في المعاصي، والانهماك فيها، والإصرار عليها

- ‌214 - ومنها: أنهم كانوا مع انهماكهم في المعاصي يتمنون على الله المغفرة

- ‌(12) بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّشَبُّهِ بِالأَعَاجِمِ وَالمَجُوسِ

- ‌1 - فمنها -وهو أقبح ما هم فيه-: الشرك والكفر، وعبادة النار والأضواء

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌2 - ومن أخلاق المجوس: إنكار القضاء والقدر

- ‌3 - ومن عوائد العجم وأخلاقهم: الخروج على السلطان، وإرادة خلعه أو قتله

- ‌4 - ومنها: استخلاف السلطان، أو الأمير ولده وغيره أمثل منه إيثارًا، أو تقديمًا للبنوة على حقوق الرعية

- ‌5 - ومنها: ضرب المكوس والضرائب على الناس، وأخذها منهم وجبايتها، واعتقاد أنها حق مأخوذ لا يُسامَح فيها، وأخذها بالعنف؛ وكل ذلك حرام

- ‌6 - ومن أخلاق العجم: الرفض، وبغض الشيخين وغيرهما من الصحابة

- ‌7 - ومن قبائح المجوس: استباحة أكل الميتة في غير حالة الاضطرار

- ‌8 - ومن قبائحهم: نكاح المحارم

- ‌9 - ومن قبائح العجم: العشق الشيطاني والهوى الحيواني

- ‌10 - ومن قبائح العجم: أكل الحشيش المسكر

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌11 - ومن أخلاق العجم: الدهاء -بضم المهملة والمد

- ‌12 - ومن أعمال العجم وعوائدهم القبيحة: الضرب بالعود والطنبور، وآلات اللهو، وشرب الخمور

- ‌13 - ومنها: اللعب بالنرد والشطرنج

- ‌14 - ومنها: لباس الحرير للرجال، وافتراشه والاتكاء عليه، وتجليل السروج والرحال به، واتخاذ الأسرَّة والآنية من الذهب والفضة للرجال والنساء جميعًا، وكل ذلك حرام

- ‌15 - ومنها: كثرة التنعم والترفه، والمظاهرة في اللباس والطعام

- ‌16 - ومنها: الخروج يوم النيروز

- ‌17 - ومنها: عمل الأراجيح يوم العيد

- ‌18 - ومنها: الدعكسة

- ‌19 - ومنها: حفظ أخبار العجم على وجه الاستحسان لها وبثها، والعناية بكتب الأعاجم التي لا تتعلق بعلوم الشرع

- ‌20 - ومنها: التكلم بالأعجمية

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌21 - ومن عوائد العجم وأعمالهم: غمغمة الكلام وطمطمته

- ‌22 - ومنها: الألقاب التي تشعر بتزكية النفس

- ‌23 - ومنها: التسمية: شاهان شاه، وما كان في معناه كملك الأملاك

- ‌24 - ومنها: التطير بشيء من الأشياء من ذات، أو حال، أو زمان، أو مكان

- ‌ فائِدةٌ:

- ‌25 - ومنها: الرقية بغير اللسان العربي

- ‌26 - ومنها: الاشتغال بعلم الفلسفة وعلم المنطق

- ‌27 - ومنها: البداءة في الكتاب باسم المكتوب إليه

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌28 - ومن عوائد العجم والروم: تحجُّب ملوكهم وحكامهم

- ‌29 - ومنها: وطء أعقابهم، ومشي الخدام خلفهم وبين أيديهم

- ‌30 - من أخلاق الأعاجم والأروام: قيام بعضهم لبعض على سبيل الإعظام، ومحبتهم لأنَّ يقام لهم، وقيام الخدم بين يدي المخدوم وعلى رأسه، وكل ذلك مكروه

- ‌31 - ومن آداب الأعاجم: الأكل على الخوان والأواني الرفيعة

- ‌32 - ومنها: قطع اللحم النضيج بالسكين

- ‌33 - ومنها: سكوت الجماعة على الطعام

- ‌34 - ومنها: الاستنكاف عن أكل اللقمة إذا سقطت، ونحو ذلك

- ‌35 - ومنها: التنعم والتأنق في ألوان الأطعمة وطيباتها، وغير ذلك

- ‌36 - ومنها: غسل اليدين قبل الطعام ما لم تكونا متقذرتين

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌37 - ومن آداب الأعاجم إذا غسلوا أيديهم أن يراق ماء كل واحد منهم من الطست، ثمَّ يوضع بين يدي الآخر

- ‌38 - ومن آداب الأعاجم والأروام التي يتداولونها في هذه الأيام: قيام قوم عن الطعام قبل أن يرفع وقعود آخرين

- ‌39 - ومن أخلاق الأعاجم: أنهم كانوا لا يساكنون الحُيَّضَ، ولا يؤاكلونهن

- ‌40 - ومن أخلاق الأعاجم: ترك الشعر أبيض من غير خضاب، وهو خلاف الأولى

- ‌41 - ومنها: عقد اللحية

- ‌42 - ومنها: حلق القفا لغير ضرورة

- ‌43 - ومنها: توفير الشوارب، والأخذ من اللحى

- ‌44 - ومنها: ما ذكره صاحب "قلائد الشرف": أن من عادة الفرس أنهم كانت الأصوات تستر عنهم إلَّا غناء النساء، وصوت الجوارح، وصهيل المراكب

- ‌45 - ومنها: ما ذكره صاحب "قلائد الشرف" أيضًا:

- ‌46 - ومنها: وضع الأموات في النواويس والتوابيت التي اعتاد الروم والعجم وضع أمواتهم فيها، ومثله الفساقي التي اعتادوها أهل مصر

- ‌47 - ومن أخلاق الأعاجم: حب الدنيا

- ‌48 - ومنها: محبة طول العمر حتى إن من تحية الملوك: عش ألف سنة

- ‌ لَطِيْفَةٌ:

- ‌ لطائِفُ أُخْرى:

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌ تَتِمَّةٌ:

- ‌(13) بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الجَاهِلِيَّةِ وَالمُشْرِكِين

- ‌1 - فمن قبائح الجاهلية -وهو أقبحها وأفحشها-: الكفر، وعبادة الأصنام، واعتقاد أنها تنفع وتشفع، وتقرب إلى الله زُلفى

- ‌ تَنْبِيهانِ:

- ‌الأَوَّلُ:

- ‌ الثَّانِي:

- ‌2 - ومن أخلاق الجاهلية: التكذيب بالقدر

- ‌3 - ومن أخلاق الجاهلية: الطعن على كتاب الله تعالى، أو على أحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه، ودعوى معارضة القرآن

- ‌4 - ومنها: الإعراض عن كتاب الله تعالى، وعن تدبر آياته، وإيثار اللهو واللعب

- ‌5 - ومن أخلاق الجاهلية: التكذيب بلقاء الله تعالى ومصيرهم إليه

- ‌6 - ومنها: إنكار المعاد

- ‌7 - ومنها: إنكار السمعيات كالحشر، والنشر، والصراط، والميزان، والحساب، والقصاص، والحوض، والشفاعة، والرؤية، والجنة والنار وما فيهما

- ‌8 - ومنها: تثبيط الناس عن اتباع السنة، وصدهم عن الهدى

- ‌9 - ومنها: تعظيم شجرة مخصوصة، أو بقعة مخصوصة، أو حجر مخصوص لم يعظَّمه الشرع الشريف

- ‌10 - ومنها: أنهم كانوا لا يتطهرون

- ‌11 - ومنها: عمل المعاصي مطلقاً، وإساءة الأعمال والأخلاق، وتكديرها بالرياء، والمن والأذى، وطلب العوض

- ‌12 - ومن عوائد الجاهلية وأعمالهم وأخلاقهم: اتخاذ المواسم والأعياد التي لم تَرِدْ بها الشريعة

- ‌13 - ومنها: الاشتغال مطلقاً بغرور الدنيا، والاعتزاز بها، والفخر والخيلاء، والأشَر والرياء

- ‌ تنبِيهٌ:

- ‌14 - ومن قبائح الجاهلية: الذبائح التي كانوا يذبحونها ويتقربون بها بغير شريعة واردة

- ‌15 - ومنها: المباراة والمعاقرة

- ‌16 - ومن أخلاق الجاهلية: التحرج عن الأكل من الهدي والأضحية

- ‌17 - ومنها: الذبح لغير الله، أو له ولغيره على وجه الإشراك

- ‌18 - ومنها: تضريج الكعبة بالدماء، واعتقاد أن ذلك قربة

- ‌19 - ومنها: تلطيخ رأس الغلام بدم عقيقته

- ‌20 - ومنها: الوأد - وهو من أشد الكبائر - وزيادة الفرح إذا بشر بالغلام، وزيادة الترح إذا بشر بالأنثى حياءً من الناس، وخوفاً من الفقر، وكانوا يئدون البنات لذلك

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌21 - ومن عوائد الجاهلية: العزل عن النساء مخافة الولد فراراً من العَيلَة والفقر، أو حذراً من ولادة الإناث

- ‌22 - ومن أفعال الجاهلية: قتل النفس التي حرم الله تعالى إلا بالحق

- ‌23 - ومنها: أنهم كانوا إذا قتل لهم قتيل لم يرضوا بقتل قاتله حتى يتجاوزوا، أو يقتلوا غير قاتله

- ‌24 - ومنها: أخذ الإنسان بجريرة

- ‌25 - ومنها: إعانة القاتل والظالم على ظلمه

- ‌26 - ومنها: قتل القاتل بعد قبول الدية منه لما قاله الحسن

- ‌27 - ومنها: البغي مطلقاً في القتل وغيره

- ‌28 - ومنها أنهم كانوا إذا قتل لأحدهم قتيل استوفى ذلك بنفسه

- ‌29 - ومنها: الزنا سراً وجهراً، ونكاح المحارم، وتعاطي الأنكحة الفاسدة كالشغار

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌30 - ومن أعمال الجاهلية الفاحشة - وهو من جنس ما سبق -: المبادلة

- ‌31 - ومنها: أكل الأولياء مهور مولياتهم

- ‌32 - ومنها - وهو من أفعال المجوس أيضاً -: كثرة الوقيد في الأعراس ونحوها

- ‌33 - ومنها: قولهم لمن تزوج: بالرفاء والبنين، وقولهم للعنب: كرم، وتسميتهم المحرم: صفر، والعشاء: عتمة، والمغرب: عشاء

- ‌34 - ومن عوائد الجاهلية [قولهم]: أنعم الله بك عيناً، وأنعم صباحاً

- ‌35 - ومن قبائح الجاهلية: إدمان شرب الخمر

- ‌ تنبِيهٌ:

- ‌36 - ومن أعمال أهل الجاهلية:

الفصل: ‌165 - ومن أعمال اليهود والنصارى: التبتل والترهيب

‌165 - ومن أعمال اليهود والنصارى: التَّبتل والترهيب

.

فالأول لليهود: كانوا يحررون أولادهم للمساجد والكنائس، فلا يتزوجون.

والثاني للنصارى: كانوا يمتنعون عن النكاح وغيره من المشتهيات والمستلذات.

وهذا الآن منسوخ بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، والنكاح سنة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

وقد روى الإمام أحمد، والشيخان، والنسائي عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التَّبتل (1)؛ وهو الانقطاع عن النكاح.

وروى الإمام أحمد، والطبراني، وأبو نعيم عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره التَّبتل، وينهى عنه نهياً شديداً، ويقول:"تَزَوَّجُوا الوَدُوْدَ الوَلُوْدَ؛ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ النَّبِيِّيْنَ يَوْمَ القِيَامَةِ"(2).

وروى البيهقي في "سننه" عن أبي أمامة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه

(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 183)، والبخاري (4786)، ومسلم (1402)، والنسائي (3212).

(2)

رواه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 245)، والطبراني في "المعجم الأوسط"(5099)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء"(4/ 219). وحسن الهيثمي إسناده في "مجمع الزوائد"(4/ 258).

ص: 163

قال: "تَزَوَّجُوا؛ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأُمَمَ، وَلا تَكُوْنوُا كَرُهْبَانِ النَّصَارَى"(1).

وروى ابن أبي شيبة عن أبي عبد الرحمن السلمي التابعي الجليل - مرسلاً - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا آمُرُكُمْ أَنْ تَكُوْنُوا قِسِّيْسِيْنَ وَرُهْبَاناً"(2).

وروى الإمام أحمد، وأبو داود، والحاكم وصححه، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا صَرُوْرَةَ فِي الإِسْلامِ"(3).

قال الخطابي رحمه الله تعالى: هذا الحديث يفسر تفسيرين:

أحدهما: أن الصرورة: الذي انقطع عن النكاح، وتبتل على طريق النصارى.

والثاني: أنَّ الصرورة: من لم يحج (4).

وقال الأزهري: الصرورة الذي لم يحج.

(1) رواه البيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 78). قال ابن حجر في "التلخيص الحبير"(3/ 116): فيه محمد بن ثابت، وهو ضعيف.

(2)

رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(34359)، وكذا الطبري في "التفسير"(7/ 9).

(3)

رواه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 312)، وأبو داود (1729)، والحاكم في "المستدرك"(1644).

(4)

انظر: "تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (3/ 165).

ص: 164

قال: ويقال أيضاً للرجل الذي لم يتزوج، ولم يأت النساء: صرورة لصره على ماء ظهره (1).

وقد تقدم في التشبه بالشيطان حديث عكاف، وقول النبي صلى الله عليه وسلم له:"ألكَ زَوْجَةٌ؟ ".

قال: لا.

قال: "وَلا جَارِيَةٌ؟ ".

قال: لا.

قال: "وَأَنْتَ صَحِيْحٌ مُوْسِرٌ؟ ".

قال: نعم، والحمد لله.

قال: "فَإِنَّكَ مِنْ إِخْوَانِ الشَّيَاطِيْن، إِنْ كُنْتَ مِنْ رُهْبَانِ النَّصَارَى فَالْحَقْ بِهِمْ، وَإِنْ كُنْتَ مِنَّا فَاصْنَعْ كَمَا نَصْنعُ؛ فَإِنَّ مِنْ سُنَّتِنَا النِّكَاحَ"(2).

واعلم أنَّ النكاح مستحب على الجملة باتفاق.

وقال داود بوجوبه على الرجل والمرأة مرةً.

وقال أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه باستحبابه على كل حال.

وقال مالك والشافعي: هو مستحب لمحتاج إليه يجد أُهبته.

وقال أحمد: متى تاقت نفسه إليه، وخشي العَنَت وجب هو أو

(1) انظر: "تهذيب اللغة" للأزهري (12/ 77)(مادة: صرر).

(2)

تقدم تخريجه.

ص: 165

التسري، وبه قال آخرون (1).

قال شيخ الإسلام الوالد: وهذا غير بعيد.

وأما قوله تعالى: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} [المزمل: 8]، فلا يراد به ترك النكاح بإجماع المفسرين، بل قيل: هو الانقطاع إلى الله، وهو موافق لأصل معنى التبتل في اللغة (2).

يقال: بَتَلْتُهُ؛ أي: قطعته، فتبتل، وانبتل، ومنه سميت فاطمة رضي الله تعالى عنها: البتول لانقطاعها عن نساء زمانها، ونساء الأمة فضلاً وديناً وحسباً.

وقيل للمنقطعة إلى الله تعالى: بتول، كما يقال للفسيلة المنقطعة عن أمها من النخل: بتول، وبتيل، وبتيلة، ويقال: بتول للمنقطعة عن الأزواج، ومنه سميت مريم بتولاً.

فالمعنيان مشهوران في لغة العرب.

فالتبتل بمعنى الانقطاع عن النكاح هو المنهي عنه، وبمعنى الانقطاع إلى الله تعالى هو المأمور به في قوله:{وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} [المزمل: 8].

أقيم التفعيل بمقام التفعل لرعاية الفاصلة، أو إشارة إلى تقصد

(1) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (9/ 31)، و "بداية المجتهد" لابن رشد (2/ 2)، و"المغني" لابن قدامة (7/ 3).

(2)

انظر: "تفسير الطبري"(29/ 132)، و "أحكام القرآن" للجصاص (5/ 367).

ص: 166

الانقطاع إلى الله تعالى، كأن المتبتل قطع نفسه عما سوى الله تعالى، أو قطع إرادته وقصده عما سواه.

والانقطاع إلى الله تعالى لا يناقض النكاح لأنه بالنية من جملة الطاعات، ومن أطاع الله تعالى فقد انقطع إليه.

وقال ابن عباس رضي الله عنهما -كما في رواية ابن جرير- والأكثرون في قوله تعالى {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} : أخلص إليه إخلاصاً (1).

وقال قتادة رحمه الله تعالى: أخلص له الدعوة والعبادة. أخرجه عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير (2).

وقال مجاهد رحمه الله تعالى: أخلص له المسألة والدعاء. أخرجه المفسرون، ومحمد بن نصر في "الصلاة"، والبيهقي في "الشعب"(3).

وقال الحسن: اجتهد.

وابن زيد: تفرغ للعبادة.

وزيد بن أسلم: اترك الدنيا والتمس ما عند الله.

وشقيق البلخي: توكل. نقلها الثعلبي، وغيره (4).

(1) رواه الطبري في "التفسير"(29/ 132).

(2)

رواه عبد الرزاق في "التفسير"(3/ 325)، والطبري في "التفسير"(29/ 133).

(3)

رواه الطبري في "التفسير"(29/ 133)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(7862).

(4)

انظر: "تفسير الثعلبي"(10/ 62).

ص: 167

ثم اعلم أن الرهبانية التي ابتدعها النصارى لا تختص بترك النكاح، بل هي ترك الشهوات المباحة كلها، والتقليل من المآكل والمشارب وكل شيء، والتشدد في الدين كملازمة الصيام، والقيام فوق الطاقة، ولباس السواد، وإيثار الشعوثة والغبورة، وملازمة الغيران والكهوف.

قال الله تعالى: {وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد: 27].

روى النسائي، والحكيم الترمذي في "نوادره"، والمفسرون عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: كانت ملوك بعد عيسى عليه السلام بدلت التوراة والإنجيل، فكان من بني إسرائيل مؤمنون يقرؤون التوراة والإنجيل غير مبدلين، فقيل لبعض ملوكهم: ما نجد شيئاً أشد من شتم يشتمنا هؤلاء إنهم يقرؤون: {لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44]، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45)} [المائدة: 45]، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47)} [المائدة: 47] مع ما يعيبوننا به من أعمالنا في قراءتهم، فادعوهم فليقرؤوا كما نقرأ، وليؤمِّنوا كما آمَّنَّا.

فدعاهم فجمعهم، وعرض عليهم القتل، أو يتركوا قراءة التوراة والإنجيل إلا ما بدلوا منها، فقالوا: ما تريدون ذلك دعونا.

ص: 168

فقالت طائفة منهم: ابنوا لنا أسطوانة، ثم ارفعونا إليها، ثم أعطونا شيئاً نرفع به طعامنا وشرابنا، ولا نرد عليكم.

وقالت طائفة: دعونا نسيح في الأرض، ونَهيم ونأكل ما تأكل منه الوحوش؛ فإن قدرتم علينا في أرضكم فاقتلونا.

وقالت طائفة: ابنوا لنا دوراً في الفيافي، ونحتفر الآبار، ونحرث البقول، ولا نرد عليكم، ولا نمر بكم، وليس أحد من القبائل إلا له حميم.

ففعلوا ذلك.

قال: فأنزل الله تعالى: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ} [الحديد: 27].

قال: فمضى أولئك على مناهج عيسى.

قال: وقال آخرون: ممن تعبد من أهل الشرك وقد فني من فني منهم؟ نتعبد كما تَعَبَّدَ فلان، ونسيح كما ساح فلان، ونتخذ دوراً كما اتخذ فلان، وهم على شركهم لا علم لهم بإيمان الذين اقتدوا بهم.

قال: فذلك قوله تعالى: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا} الآية. مقولة ابتدعها هؤلاء الصالحون، فما رعاها المتأخرون.

{فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ} ؛ يعني: الذين ابتدعوها أولاً ورعوها. {وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} ؛ يعني: المتأخرين.

ولما بعث النبي صلى الله عليه وسلم ولم يبق منهم إلا القليل انحط صاحب

ص: 169

الصومعة من صومعته، وجاء السائح من سياحته، وصاحب الدير من ديره، فآمنوا به وصدقوه، فقال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ} بإيمانهم بعيسى، ونصب أنفسهم، وبالتوراة والإنجيل، وبايمانهم بمحمد صلى الله عليه وسلم، وتصديقهم.

{وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ} [الحديد: 28]: في الناس: القرآن، واتباعهم النبي صلى الله عليه وسلم (1).

قال القرطبي: وفي الآية دليل على العزلة عن الناس في الصوامع والبيوت.

قال: وذلك مندوب إليه عند فساد الزمان، وتغير الأحوال والأصدقاء (2).

قلت قديماً وحديثاً: أكثر الناس من التكلم في العزلة والخلطة، ومنهم من فضل، ومنهم من فصل، والحق أن تفضيل أحدهما على الآخر مطلقاً لا يليق.

والصواب أن لكل واحد منهما فوائد وآفات ذكرت تفاصيلها في "منبر التوحيد"، فأي حالة ظهرت فائدتها وأمنت آفتها فعلى السالك الأخذ بها.

(1) رواه النسائي (5400)، والحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"(1/ 84)، والطبري في "التفسير"(27/ 239).

(2)

انظر: "تفسير القرطبي"(17/ 264).

ص: 170

والذي يقع في تحريره هنا: أن الإنسان يخالط أهل العلم ليتعلم منهم أمور دينه التي يحتاج إلى الأخذ بها في عباداته، ثم يعتزل الناس كما قال إبراهيم النخعي رحمه الله تعالى: تفقه ثم اعتزل (1)، ثم إذا عرض له مسألة لا علم عنده فيها خالط من يسأله عنها، وإذا عرض له طلب المعاش بكسب أو احتراف خالط بقدر ما تحصل له الكفاية مع الإغضاء عن الناس وما هم عليه، إلا أن يفاجأه منكر فيغيره باليد إن استطاع، وإلا فباللسان، وإلا فبالقلب.

هذا إذا لم يجعله الله داعياً إليه، فإن أنعم الله عليه بعلم زائد عنه أو بحال زائد عنه فعليه أن يخالط من يقصده للعلم، أو للتربية والنصيحة؛ فإنه مسؤول عن فضل علمه ومعرفته.

ومهما لم يكن في تلك الناحية من يقوم عنه بهذا المنصب، وكان في الناس بقية يرجعون إلى الدين ولو في بعض المسائل، فليس له أن يسكن غاراً بعيداً عنهم، ولا يَسُوح في البلاد ويتركهم.

نعم، له أن يلزم البيت ويكون حِلْساً من أحلاس بيته إذا كان بيته معروفاً؛ لأن المحتاج إليه يهتدي به بقصده حينئذ، وله الاحتجاب عن من يسأله لا لطلب الدين، بل ليتعلم منه الجدال والخصومات في غير حق، أو يستعين بعلمه على حيلة، أو رخصة، أو نحو ذلك.

وكذلك له أن يمتنع من تعليم من هذا حاله أو يعلم منه أنه يريد تولية القضاء.

(1) رواه الخطابي في "العزلة"(ص: 19).

ص: 171

نعم، إن قصده قاضٍ يريد أن يرجع إلى قوله في الحق ويعمل به أفاده، فإن أراد أن يتعلم منه ما يتوصل به إلى منع حق وتوصل إلى رشوة لم يقبل عليه، ولم يفتح له باب الرخصة؛ فإنَّ أكثر القضاة في هذه الأزمنة جهال، وتعليم الجاهل صدقة، إلا أن يترتب على تعليمه جهل آخر أو معصية.

ومهما سمع بمنكر في ناحية وعلم أنه يُزَالُ بخروجه إلى إنكاره، ولا يحصل له بسبب ذلك ضرر، تعين عليه.

ولا تصلح سكنى الغيران والكهوف إلا لمن ليس له فضل علم يحتاج إليه غيره، أو كان ولكن ثَمَّ من يسد، وسدَّهُ فيه، ولا يرجو بمخالطته للناس زيادة علم إلى علمه، وخير إلى خيره، ولم يأمن على نفسه من فتنة في دينه لو خالط الناس، مع الأمن على نفسه في سكنى الكهوف من عدو، أو سَبُع، أو شيطان لتحصُّنٍ، أو حالٍ بالغٍ في التوكل والأُنس بالله تعالى.

فإن أمِنَ على نفسه من الفتنة بالمخالطة، وتوقع خيراً زائداً على ما عنده - وهو في هذا الزمان عزيز جداً، بعيد وجوداً - كانت الخلطة في حقه أفضل، وعليه يحمل ما رواه الإمام أحمد عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية من سراياه قال: فمرَّ رجل بغار فيه شيء من ماء، فحدَّث نفسه بأن يقيم في ذلك الغار، فيقوته ما كان فيه من ماء، ويصيب مما حوله من البقل، ويتخلي من الدنيا.

ص: 172

قال: لو أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فإن أذنَ لي فعلت، وإلا لم أفعل، فأتاه فقال: يا نبي الله! إني مررت بغار فيه ماء يقوتني من الماء والبقل، فحدثتني نفسي أن أقيم فيه وأتخلَّى من الدنيا، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ بِالْيَهُودِيَّةِ وَلا بِالنَّصْرَانِيَّةِ، وَلَكِنْ بُعِثْتُ بِالْحَنِيْفِيَّةِ السَّمْحَةِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَغَدْوَةٌ أَوْ رَوْحَةٌ فِي سَبِيْلِ اللهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيْهَا، وَلَمُقَامُ أَحَدِكُمْ بِالصَّفِ الأَوَّلِ خَيْرٌ مِنْ صَلاةِ سِتِّيْنَ سَنَةٍ"(1).

وقال في "منهاج العابدين": حكي أن الأستاذ أبا بكر بن فُورك قصد أن ينفرد لعبادة الله تعالى عن الخلق، فبينا هو في بعض الجبال إذ سمع صوتاً ينادي: يا أبا بكر! إذ صرت من حجج الله على خلقه تركت عباد الله.

فرجع، وكان هذا سبب صحبته للخلق.

قال: وذكر لي مأمون بن أحمد: أن الأستاذ أبا إسحاق قال لعُبَّاد جبل لبنان: يا أكلة الحشيش! تركتم أمة محمد صلى الله عليه وسلم في أيدي المبتدعة واشتغلتم هاهنا بأكل الحشيش؟

قالوا له: إنا لا نقوى على صحبة الناس، وإنما أعطاك الله قوة فيلزمك ذلك.

(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(5/ 266)، وكذا الطبراني في "المعجم الكبير"(7868). وضعف ابن رجب إسناده في "فتح الباري"(1/ 136).

ص: 173

ومن أدلة العزلة في محلها: حديث أبي سعيد رضي الله تعالى عنه أنه قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: أي الناس أفضل؟

فقال: "مُؤْمِنٌ مُجَاهِدٌ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيْلِ اللهِ".

قيل: ثم من؟

قال: "رَجُلٌ مُعْتَزِلٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَعْبُدُ رَبَّهُ، وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ". متفق عليه (1).

وهو موافق لحديث أبي أمامة الناطق بتفضيل المخالطة للجهاد، وحضور الجماعات على العزلة.

ونحوه حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: غزونا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمررنا بشعب فيه عيينة طيِّبة الماء غزيرة، فقال واحد من القوم: لو اعتزلت الناس في هذا الشعب، ولن أفعل ذلك حتى أذكره لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم:"لا تَفْعَلْ؛ فَاِنَّ مُقَامَ أَحَدِكُمْ فِي سَبِيْلِ اللهِ خَيْرٌ مِنْ صَلاتِهِ فِي أهْلِه سَبْعِيْنَ عَاماً، أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَيُدْخِلَكُمُ الْجَنَّةَ، اغْزُوا فِي سَبِيْلِ اللهِ؛ فَإِنَّ مَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيْلِ اللهِ فَوَاقَ نَاقَةٍ أَدْخَلَهُ اللهُ الْجَنَّةَ". أخرجه الترمذي - وقال: حسن صحيح - والحاكم - وقال: على شرط مسلم - إلا أنَّ لفظه: سِتِّين عاماً، ويحتمل أن يكون هذا في زمانه صلى الله عليه وسلم (2).

(1) رواه البخاري (2634)، ومسلم (1888).

(2)

رواه الترمذي (1650) وقال: حسن، والحاكم في "المستدرك"(2382).

ص: 174

والجهاد واجب على كل أحد، وهو محمول على حال يتيسر فيها الجهاد من غير مقارنته لظلم ولا نية فاسدة، فإن لم يتيسر وخيفت الفتنة كما في هذه الأزمنة فالاعتزال أفضل.

ويدل عليه حديث أبي سعيد رضي الله تعالى عنه الآخر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُوْشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرُ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ القَطْرِ؛ يَفِرُّ بِدِيْنِهِ مِنَ الفِتَنِ". رواه الإمام مالك، والبخاري، وأبو داود، وغيرهم (1).

والأحاديث والآثار في الباب كثيرة.

واعلم أن الرهبانية ليست هي العزلة المجردة، بل هي إيثار الأمور التي بيناها آنفاً على سبيل التشدد في الدين والتحرج، فهو الذي ينصرف إليه النهي الوارد، كما في حديث رواه عبد بن حميد:"لا رَهْبَانِيَّةَ فِي الإِسْلامِ"(2).

وروى الطبراني في "الأوسط" عن أبي كريمة قال: سمعت علي ابن أبي طالب رضي الله عنه يقول: إياكم ولباس الرهبان؛ فإن من ترهب أو تشبه فليس مني (3).

(1) رواه الإمام مالك في "الموطأ"(2/ 970)، والبخاري (19)، وأبو داود (4267).

(2)

قال ابن حجر في "فتح الباري"(9/ 111): لم أره بهذا اللفظ، لكن في حديث سعد بن أبي وقاص عند الطبراني:"إن الله أبدلنا بالرهبانية الحنيفية السمحة".

(3)

رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(3909). قال الهيثمي في "مجمع =

ص: 175

وفي حديث ذكره القرطبي عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أَتَدْرِي مَا رَهْبَانِيَّةُ أُمَّتِي؟ الْهِجْرَةُ، وَالْجِهَادُ، وَالصَّوْمُ، وَالْحَجُّ، وَالعُمْرَةُ، وَالتَّكْبِيْرُ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ"(1).

والمعنى في ذلك: أن في هذه العبادات المشروعة لمن حافظ عليها وعلى أدائها على أكمل هيئاتها وخرج من حقوقها غُنية عن الرهبانية الذي ابتدعتها النصارى من ترك عامة الشهوات المباحة.

ومن أراد مخالفة الرهبان في ذلك فسبيله الاقتصاد في كل ما ذكر، كما يدل عليه حديث "الصحيحين" - واللفظ للبخاري - عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أخبروا كأنهم تقالُّوها، وقالوا: أين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم؛ قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فقال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أبداً.

وقال الآخر: أنا أصوم الدهر أبداً.

وقال الآخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً.

فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقال: "أَنْتُمُ الَّذِيْنَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا؟ أَمَا وَاللهِ إِنِّي لأَخْشَاكُمْ للهِ، وَأتقَاكُمْ لَهُ، وَلَكِنِّي أَصُوْمُ وَأفطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ،

= الزوائد" (5/ 131): رواه الطبراني عن شيخه علي بن سعيد الرازي، وهو ضعيف.

(1)

انظر: "تفسير القرطبي"(17/ 265)، وكذا "تفسير الثعلبي"(9/ 248).

ص: 176

وَأتزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّيْ" (1).

وروى أبو داود عن أنس أيضاً رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تُشَدِّدُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَيُشَدَّدَ عَلَيْكُمْ، فَإِنَّ قَوْماً شَدَّدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَشَدَّدَ اللهُ عَلَيْهِمْ، فَتِلْكَ بَقَايَاهُمْ فِي الصَّوَامِعِ وَالدِّيَارَاتِ {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ} [الحديد: 27] (2).

وروى البيهقي في "الشعب" عن سهل بن أبي أمامة بن حنيف، عن أبيه، عن جده رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تُشَدِّدُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ قَبْلَكُمْ بِتَشَدُّدِهِمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَسَتَجِدُوْنَ بَقَايَاهُمْ فِي الصَّوَامعِ وَالدِّيَارَاتِ"(3)، يعني: الرهبان.

فالتشدد في الدين مكروه لأنه من أعمال الرهبان، بخلاف المجاهدة في العبادة لأنها مطلوبة، وهي حمل النفس على العمل بما جاء به الشرع من أمر أو نهي، وإن كان مشقاً على النفوس غيرِ المُطمئنَّة.

قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: 69].

وفي الحديث: "الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللهِ"(4).

والشرع إنما جاء بتكليف العبد بما يطيقه مع المداومة عليه، كما

(1) رواه البخاري (4776)، ومسلم (1401).

(2)

رواه أبو داود (4904).

(3)

تقدم تخريجه.

(4)

تقدم تخريجه.

ص: 177

في الحديث: "اكْلَفُوا مِنَ العَمَلِ مَا تُطِيْقُونَهُ"(1).

وفي كتاب الله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286].

فأما الخروج إلى حمل النفس على ما لا تطيقه أو ما لا تستقيم عليه فإنه منهي عنه كما تقدم في الحديث: "لا تُشَدِّدُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ".

وفي الحديث الآخر: "لَنْ يُشَادَّ هَذَا الدِّيْنَ أَحَدٌ إِلَاّ غَلَبَهُ"(2).

وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: لا تجعلوا عبادة الله بلاء عليكم (3).

قال أبو ذر رضي الله عنه: إن نفسي مطيتي؛ إن لم أرفق بها لم تبلِّغني (4).

وقال الحسن رحمه الله تعالى: إن هذا الدين دين واصب، وإنه من لا يصبر عليه يدعه، وإن الحق ثقيل، وإن الإنسان ضعيف.

قال: وكان يقال: ليأخذ أحدكم من العمل ما يطيق؛ فإنه لا يدري ما قدر أجله، وإن العامل إذا ركب بنفسه العنف وكلف نفسه ما لا تطيق أوشك أن يسيِّب ذلك كله حتى لعله لا يقيم الفريضة، وإذا ركب بنفسه التيسير والتخفيف، وكلف نفسه ما تطيق كان أكيسَ العاملين، وأمنعَهم من هذا العدو.

(1) تقدم تخريجه.

(2)

تقدم تخريجه.

(3)

رواه ابن المبارك في "الزهد"(1/ 469).

(4)

رواه ابن المبارك في "الزهد"(1/ 470).

ص: 178