الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأخلاقهم المناقضة لأخلاق الأنبياء والصالحين، فقد ضلَّ، فإن دعا غيره إلى أخلاقهم وهديهم المذكور فقد أضلَّ.
وأنت ترى أكثر أهل زمانك الآن يرغبون في أخلاق العجم والروم، وعاداتهم، وقوانينهم، وزيِّهم، ويُرَغِبُّون غيرهم فيها، فصدق عليهم ما وعد به النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَقُوْمُ السَّاعَةُ حَتَّى تأخُذَ أُمَّتِي أَخْذَ القُرُوْنِ قَبْلَهَا شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِراعًا بِذِرَاعٍ".
قيل: يا رسول الله! كفارس والروم؟
قال: "وَمَنِ النَّاسُ إلا أُوْلَئِكَ"(1)؛ أي: ومن الناس المخوف من الأخذ أخذهم إلا فارس والروم.
أما الروم فتقدم التحذير من التشبه بهم في أهل الكتاب.
وأما الفرس فلا بأس أن ننبه على شيء من أخلاقهم وأعمالهم التي ورد النهي عن التشبه بهم فيها -وإن كان لا يمكننا استيفاؤها-.
1 - فمنها -وهو أقبح ما هم فيه-: الشرك والكفر، وعبادة النار والأضواء
.
وقد خَمَدت نارُهم لميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما روى أبو نعيم، والبيهقيُّ كلاهما في "الدلائل"، والخرائطي في "الهواتف"، وابن عساكر عن مخزوم بن هانئ المخزومي، عن أبيه -وأتت له مئة وخمسون سنة-
(1) رواه البخاري (6888).
قال: لما كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتجس إيوان كسرى، وسقطت منه أربع عشرة شرافة، وخمدت نار فارس، ولم تخمد قبل ذلك ألف عام، وغاضت بحيرة ساوة (1).
وروى الخرائطي، وابن عساكر عن عروة رحمه الله تعالى: أن نفرًا من قريش منهم ورقة بن نوفل، وعبد الله بن جحش، وعثمان بن الحويرث، كانوا عند صنم لهم يجتمعون إليه، فدخلوا عليه فرأوه مكبوبًا على وجهه، فأنكروا ذلك، فأخذوه وردوه على حاله، فلم يلبث إلا أن انقلب انقلابًا عجيبًا، فردوه إلى حاله، فانقلب الثالثة، فقال عثمان بن الحويرث: إن هذا لأمر قد حدث، وذلك في الليلة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهتف بهم هاتف من الصنم بصوث جهير، وهو يقول:[من الطويل]
تَرَدَّى لِمَوْلُودٍ أَضاءَتْ بِنُورِهِ
…
جَمِيْعُ فِجاجِ الأَرْضِ في الشَّرْقِ والْغَرْبِ
فَخَرَّتْ لَهُ الأَوْثانُ طُرًّا وَأَرْعَدَتْ
…
قُلُوبُ مُلُوكِ الأَرْضِ طُرًّا مِنَ الرُّعْبِ
وَنارُ جَمِيْعِ الْفُرْسِ باخَتْ وَأَظْلَمَتْ
…
وَقَدْ ماتَ شاهُ الْفُرْسِ فِي أَعْظَمِ الكَرْبِ
(1) رواه الخرائطي في "هواتف الجنان"(ص: 73)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(37/ 361).