الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فتقاولا، وغضب الفريقان، وتواثبوا للقتال، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء حتى وعظهم وأصلح بينهم، فسمعوا وأطاعوا، فأنزل الله تعالى في أوس وحيَّان، ومن كان معهما:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100) وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [آل عمران: 100، 101] الآيات.
وفي شاس بن قيس: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [آل عمران: 99] الآية (1).
وروى أبو نعيم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما قال: إنه في الناموس الذي أنزل الله تعالى على موسى بن عمران عليه السلام: أن الله صلى الله عليه وسلم يُبْغِض من خُلْقُه ثلاثة: الذي يفرق بين المتحابين، والذي يمشي بالنمائم، والذي يلتمس البريء ليعنته (2).
186 - ومن أعمال اليهود والنصارى قبَّحهم الله تعالى: قتل النفس التي حرم الله تعالى بغير الحق
.
خصوصاً النفوس الزكيَّة، وقتل الإنسان لنفسه.
= الصواب جبار بن صخر، قال الحافظ ابن حجر: وهو كما قال، ومن قال (حيان) فقد صحفه.
(1)
انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (2/ 278)، ورواه الطبري في "التفسير"(4/ 23)، وابن أبي حاتم في "التفسير"(3/ 718).
(2)
رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(1/ 288).
وقد نصَّ القرآن العظيم على قتل اليهود الأنبياء عليهم السلام في مواضع، ولم يكن في الأمم أسفك لدماء الصالحين منهم، وكذلك وقع القتل من النصارى كثيرًا، وقد تقدمت قصة بَرْصيصا الراهب، وكان يعد من خيارهم، فما ظنك بشرارهم؟ بل ما خلت الأمم من القتل منذ قتل قابيل أخاه هابيل.
وأمَّا قتل الإنسان لنفسه فروى البخاري، ومسلم واللفظ له، عن جندب رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إِنَّ رَجُلاً كَانَ مِمَّنْ قَبْلَكُمْ خَرَجَتْ بِوَجْهِهِ قُرْحَةٌ، فَلَمَّا آذَتْهُ انتُزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانتِهِ فَنَكَأَ بِهَا، أَوْ نَخَسَهَا، فَلَمْ يَرْقَأْ الدَّمُ حَتَّى مَاتَ، قَالَ رَبُّكُم: قَدْ حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ".
وفي لفظ: "إنَّهُ بَادَرَنِي عَبْدِي بِنَفْسِهِ، فَحَرَّمْتُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ"(1).
وذكر المفسرون، وغيرهم: أن النصارى كانوا على دين عيسى بعد ما رُفع سنين، فوقع بينهم وبين اليهود حرب، وكان في اليهود رجل شجاع يُقال له: بولس قتل جماعة من النصارى، ثم قال لليهود: إن كان الحق مع هؤلاء فقد هلكنا، ولكنِّي أحتال فأضلهم، فعرقب فرسه، وأظهر الندامة، ووضع على رأسه التراب، فقال له النصارى: من أنت؟
قال: بولس عدوكم، نوديت من السماء: ليس لك توبة إلا أن تتنصر، وقد تبت، فأدخلوه الكنيسة، وكان لا يخرج منها ليلاً ولا نهاراً
(1) رواه البخاري (3276)، ومسلم (113).