الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال سفيان الثوري رحمه الله تعالى {لِلْمُتَّقِينَ} : أمة محمد صلى الله عليه وسلم. رواه عبد بن حميد (1).
وبهذا يتضح لك وجه ما ذكرناه من ذلك، بل وسائر ما ذكرناه من أعمالهم التي عوقبوا عليها من التحذير من التشبه بهم في ذلك جعله الله تعالى خالصاً لوجهه الكريم، نافعاً لأهل التوفيق من المسلمين.
161 - ومن أخلاق أهل الكتاب: الخيانة
.
162 - ومنها: جحد حقوق الناس وودائعهم، والحلف عليها الأيمان الفاجرة، وترك وفاء الديون
.
قال الله تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} [آل عمران: 75].
قال المفسرون: كعبد الله بن سلام رضي الله تعالى عنه؛ استودعه قرشي ألفاً ومئتي أوقية ذهباً، فأداه إليه.
قال عز وجل: {وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} .
قالوا: كفنحاص بن عازوراء، وكان من أحبار يهود المدينة؛ استودعه قرشي آخر ديناراً فجحده.
{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (76) إِنَّ الَّذِينَ
(1) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (1/ 185).
يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: 75 - 77].
قالوا: نزلت في أحبار حرفوا التوراة، وحكم الأمانات وغيرها، وأخذوا على ذلك رشوة (1).
وروى الإمام أحمد، والأئمة الستة، والمفسرون عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِيْنٍ هُوَ فِيْهَا فَاجِرٌ لِيَقْطَعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ".
فقال الأشعث بن قيس رضي الله تعالى عنه: فِيَّ والله كان ذلك؛ كان بيني وبين رجل يهودي أرض فجحدني، فقدمته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ ".
قلت: لا.
فقال لليهودي: "احْلِفْ".
فقلت: يا رسول الله! إذاً يحلف فيذهب بمالي.
فأنزل الله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] إلى آخر الآية (2).
وقال ابن جريج: بايع اليهود رجال من المسلمين في الجاهلية،
(1) انظر: "تفسير الثعلبي"(3/ 94)، "وتفسير القرطبي"(4/ 115).
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 379)، والبخاري (2380)، ومسلم (138)، وأبو داود (3243)، والترمذي (1269)، والنسائي في "السنن الكبرى"(5991)، وابن ماجه (2323).
فلما أسلموا تقاضوهم ثمن بيوعهم، فقالوا: ليس علينا أمانة ولا قضاء لكم عندنا لأنكم تركتم دينكم الذي كنتم عليه، وادعوا أنهم وجدوا ذلك في كتابهم، فقال الله تعالى - يعني: رداً عليهم وتكذيباً لهم -: {وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 75](1).
وقال سعيد بن جبير رحمه الله تعالى: لما نزلت: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} إلى قوله {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ} [آل عمران: 75]، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"كَذَبَ أَعْدَاءُ اللهِ، مَا مِنْ شَيْءٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِلَاّ وُهُوَ تَحْتَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ إِلَاّ الأَمَانَةَ؛ فَإِنَّهَا مُؤَدَّاةٌ لِلْبَرِّ وَالفَاجِرِ"(2).
وسأل صعصعة ابنَ عباس فقال: إنَّا نصيب في الغزو من أموال أهل الذمة الدجاجة والشاة؟
قال ابن عباس: فتقولون ماذا؟
قال: نقول: ليس علينا في ذلك من بأس.
قال: هذا كما قال أهل الكتاب: {لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ} ؛ إنهم إذا أدوا الجزية لم تحل لكم أموالهم إلا بطيب أنفسهم (3).
(1) رواه الطبري في "التفسير"(3/ 319).
(2)
رواه الطبري في "التفسير"(3/ 318)، وابن أبي حاتم في "التفسير"(2/ 684).
(3)
رواه الطبري في "التفسير"(3/ 319)، وابن أبي حاتم في "التفسير"(2/ 684).