الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
تنبِيْهٌ:
اعتاد كثير من مغروري هذا العصر ممن ينسب إلى الذكاء، والفطنة والكياسة، وليس كذلك لأنه لو كان كيسا فطناً لتحرَّز عمَّا لا يرضي الله تعالى: أن يكلم بعضهم بعضا بالكلام المصحَّف، أو المحرَّف، وغيرهما مما يحتمل وجهين: المدح والذم، أو التوقير والتحقير، يستعملونه في مزاحهم المزاح عن الحق، ثم غلب عليهم حتى ربما تكلَّموا به في جِدِّهم، فإذا تكلم أحد منهم بشيء من ذلك تضاحكوا واستحسنوا ذلك، وسموه تنكيتاً، وإنما هو تنَكب عن الحق، وهو حرام لأنه استهزاء بمسلم، واتهام له، وربما اشتمل على كذب أو فحش، وقد علمت أنه من أفعال اليهود.
وروى عبد الله ابن الإِمام أحمد في "زوائد الزهد" عن مالك بن دينار رحمه الله تعالى قال: مرَّ عيسى عليه السلام والحواريون على جيفة كلب، فقال الحواريون: ما أَنتنَ ريح هذا!
فقال عيسى: ما أشد بياضَ أسنانه! يعظهم وينهاهم عن الغيبة (1).
وروى البخاري عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: لمَّا سمع عبد الله ابن سلام رضي الله عنه بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي: ما أول أشراط الساعة؟ وما أول طعام أهل الجنة؟ وما ينزع الولد إلى أبيه وإلى أمه؟
(1) تقدم تخريجه.
قالَ: "أَخْبَرَنِي بِهِنَّ جِبْرِيْلُ عليه السلام آنِفًا؛ أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ نَارٌ تَخْرُجُ عَلَى النَّاسِ مِنَ الْمَشْرِقِ إلَى الْمَغْرِبِ.
وَأمَّا أَوَّلُ طَعَامِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ حُوْتٍ.
وإذَا سَبقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأةِ نزَع الوَلَدُ إلَى أَبِيْهِ، وَإِذَا سَبقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ نزَعَتْ".
قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله.
يا رسول الله! إن اليهود قوم بُهتٌ، وإنهم إن يعلموا بإسلامي قبل أن تسألهم بَهَتوني، فجاءت اليهود إليه: قال: أي رجل عبد الله بن سلام فيكم؟
قالوا: خيرنا وابن خيرنا، وسيدنا وابن سيدنا.
قال: أرأيتم إن أسلم؟
قالوا: أعاذه الله من ذلك.
فخرج عبد الله وهو يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله.
قالوا: شرنا وابن شرنا، وانتقصوه.
قال: هذا الذي كنت أخاف يا رسول الله (1).
وروى الإِمام أحمد في "الزهد" عن مالك بن دينار رحمه الله تعالى قال: مكتوب في الزبور: بطلت الأمانة والرجل مع صاحبه بشفتين
(1) رواه البخاري (4210).