الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولأبدلن رجالهم بتلاوة القرآن انتهار الأرانب، وبعمارة المساجد كناسة المرابط، وبتاج الملك خفاق الطير، وبالعز الذل، وبالنعمة الجوع، وبالملك العبودية.
فقال نبي من أنبيائه الله أعلم من هو: يا رب! من رحمتك أتكلم بين يديك، وهل ينفعني ذلك شيئًا، وأنا أذل من التراب؟ إنك لمخرب هذه القلوب، ومهلك هذه الأمة، وهم ولد خليلك إبراهيم، وأمة صفيك موسى، وقوم نبيك داود، فأي الأمة تجترأ عليك بعد هذه الأمة، وأي قرية تعصيك بعد هذه القرية؟
قال الله عز وجل: إني لم أستكثرهم، ولم أستوحش بهلاكهم، وإنما أكرمت إبراهيم، وموسى، وداود بطاعتي، ولو عصوني لأنزلتهم منزلة العاصين (1).
*
فائِدَة جَلِيْلَةٌ:
روى الحاكم في "المستدرك"، والبيهقي، والأصبهاني عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث طويل: "إِنَّ الله تَعالَى أَوْحَى إلَى يَعْقُوبَ عليه السلام: يَا يَعْقُوبُ! ألمْ تَدْرِ لِمَ أَذْهَبْتُ بَصَرَكَ، وَحَنَيْتُ ظَهْرَكَ، وَلِمَ فَعَلَ إِخْوَةُ يُوْسُفَ بِيُوسُفَ مَا فَعَلُوا؟
قالَ: لا.
قالَ: إِنَّهُ أَتَاكَ يتيْمٌ مِسْكِيْنٌ وَهُوَ صَاِئمٌ جَائِعٌ، وَذَبَحْتَ أَنْتَ وَأَهْلُكَ
(1) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(3/ 339).
شَاةً فَأكلْتُمُوهَا، وَلَمْ تُطْعِمُوهُ، إِنِّي لَمْ أُحِبَّ مِنْ خَلْقِي شَيْئاً حُبِّي اليَتَامَى وَالْمَسَاكِيْنَ، فَاصْنَعْ طَعَامًا وَادْعُ الْمَسَاكِيْنَ".
قال أنس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وَكَانَ يَعْقُوبُ عليه السلام كُلَّمَا أَمْسَى نَادَ مُنَادِيْهِ: مَنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيَحْضُرْ طَعَامَ يَعْقُوبَ"(1).
وروى الإِمام أحمد في "الزهد" عن عبد الرحمن بن أبزى قال: قال داود لسليمان عليهما السلام: كن لليتيم كالأب الرحيم، واعلم أنك كما تزرع كذلك تحصد (2).
قلت: هذا معناه في كتاب الله تعالى حيث يقول: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [النساء: 9].
قال بعض العلماء: هذا الخطاب لولاة اليتامى يقول: من كان في حجره يتيم فليحسن إليه، وليأت بما يحب أن يفعل بذريته من بعده.
وروى الطبراني في "الأوسط"، والأصبهاني -وحسنه بعض مشايخه- عن أبي موسى رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "مَا قَعَدَ
(1) رواه الحاكم في "المستدرك"(3328)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(3403)، وكذا الطبراني في "المعجم الأوسط" (6105). قال ابن كثير في "التفسير" (2/ 489): هذا حديث غريب فيه نكارة.
(2)
ورواه البخاري في "الأدب المفرد"(138)، وتقدم نحوه.