الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: سماها ثقلين لعظم قدرهما، يقال لكل نفيس خطير: ثقيل (1).
الثامن: أن يكون معناه مصونا عن التبديل والتحريف، فقد حكى في "القاموس" أن الثقيل كل نفيس مصون، وحمل عليه الحديث (2).
*
تنبِيهٌ:
لا يقرأ المنافق القرآن ولا يثقل عليه لمحل نظر الناس إليه، وهذا لا يناقض ما رويناه عن أبي الجوزاء؛ لأن ثقله عليه حيث فقد المعنى المذكور هو أغلب أحواله، ومتى قرأ على وجه العبادة خاليًا عن نظر الناس ثقل عليه واشتد، وكذلك حاله في سائر أعمال البر من الصلاة، والإيمان، والإقامة، والصيام، والحج، والعمرة، والصدقة، وغيرها؛ فإنها تخف على المنافق وترتاح نفسه إليها حين يكون بمَرْأى من الناس ومسمَع، وتثقل حيث يفقد هذا المعنى، ومن هنا فضل عمل السر على العلانية، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ الصَّلاةَ قَومٌ وَما هُمْ بِمُؤْمِنينَ".
رواه الطبراني في "الكبير"، وأبو نعيم عن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما (3).
24 - ومن أخلاق المنافقين: الإقلال من ذكر الله تعالى
.
قال الله تعالى في المنافقين: {وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 142].
(1) انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (1/ 216).
(2)
انظر: "القاموس المحيط" للفيروز آبادي (ص: 1256)(مادة: ثقل).
(3)
رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(4/ 123). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 113): رواه الطبراني في "الكبير" وفيه رجل لم يسم.
قال الحسن رحمه الله تعالى في الآية: إنما قل لأنه كان لغير الله. رواه ابن أبي شيبة (1).
ورواه ابن سعد في "طبقاته"، ولفظه: يكثر التقنع (2).
مع أخبار أخرى استوفاها السيوطي في جزء ألفه في الطيلسان.
والحق أنه لا تعارض بينهما وبين ما سبق؛ فإن الاستغشاء والتقنع والاستخفاء تارة يكون لغرض صحيح كالحياء من الله تعالى، أو من الناس، وحفظ البصر عن فضول النظر، والاستخفاء من عدو يقصده، أو عدو يبصره وهو مصر، أو للتدري من ريح أو برد، وغير ذلك؛ فهذا مباح، بل سنة.
وعليه: يحمل ما جاء في "الإرشاد": أن التقنع تارة يكون لغرض فاسد كالاستخفاء في ريبة، أو لختل معصوم، أو من غريمه وهو موسر، وعليه حمل الحديث عن لقمان، ومنه كان استغشاء المنافقين كما حمل الآية عليه عبد الله بن شداد بن الهاد.
ومن الأول: استغشاء المؤمنين من الصحابة وغيرهم كما روى ابن أبي شيبة، والبيهقي في "الشعب" عن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه أنه خطب فقال: يا معشر المسلمين! استحيوا من الله؛ فوالذي نفسي بيده إني لأظل حين أذهب إلى الغائط في الفضاء متقنعاً
(1) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(35318).
(2)
رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(1/ 460).