الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العزة بالإثم، وأرى من يَشْري نفسه ابتغاء مرضاة الله؛ يقوم هذا فيأمر هذا بتقوى الله، فإذا لم يقبل وأخذته العزة بالإثم، قال هذا: وأنا أشري نفسي، فقاتله.
فقال له عمر: لله درُّك يا ابن عباس (1)!
وصحح الحاكم عن ابن عباس قال: كنت قاعدًا عند عمر إذ جاءه كتاب: أن أهل الكوفة قرأ منهم القرآن كذا وكذا، فكبر، فقلت: اختلفوا، قال: من أي شيء عرفت؟
قلت: قرأت: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [البقرة: 204]، فإذا فعلوا ذلك لم يصبر صاحب القرآن.
ثم قرأت: {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ} [البقرة: 206] إلى قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ} [البقرة: 207] الآية، فقال: صدقت صدقت، والذي نفسي بيده (2).
11 - ومن أخلاق المنافقين: اتباع الهوى
.
قال الله تعالى: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (43) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} [الفرقان: 43، 44].
روى القاضي أبو بكر جعفر بن محمَّد الفريابي في كتاب "صفة
(1) رواه الطبري في "التفسير"(2/ 320).
(2)
رواه الحاكم في "المستدرك"(6301).
المنافق" عن الحسن: أنه قال في هذه الآية: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الفرقان: 43]، قال: هو المنافق، لا يرى شيئًا إلا ركبه (1).
وروى عبد بن حميد عن الحسن أنه قيل له: "في أهل القبلة شرك؟
قال: نعم، المنافق مشرك، إن المشرك يسجد للشمس والقمر من دون الله، وإن المنافق عَبَدَ هواه، ثم تلا هذه الآية (2).
وروى الطبراني عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تَحْتَ ظِلِّ السَّماءِ مِنْ إِلَهٍ فَيُعْبَدَ مِنْ دُونِ الله أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ مِنْ هَوىً مُتَّبَعٍ"(3).
وروى أبو نعيم عن أبي قلابة رحمه الله تعالى قال: مثل أصحاب الأهواء مثل المنافقين؛ فإن الله تعالى ذكر المنافقين بقول مختلف وعمل مختلف، وجماع ذلك الضلال، وإن أهل الأهواء اختلفوا في الأهواء، واجتمعوا على السيف (4).
وأنشد ذو النون، وحماد:[من الخفيف]
(1) رواه الفريابي في "صفة المنافق"(ص: 60)، وابن أبي حاتم في "التفسير"(8/ 2700) بمعناه.
(2)
انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (6/ 261).
(3)
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(7552). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 188): فيه الحسن بن دينار، وهو متروك الحديث.
(4)
رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(2/ 287).