الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والأمر بالتقوى، وما فيهم خير إن لم يكونوا من الصلابة في الدين، وقوة الإيمان، وعدم المداهنة في الحق بحيث يواجهوننا بالأمر بالتقوى (1).
وأراد عمر بقوله: (فينا) نفسَه، ومن كان مثله في الولاية من ولاة الأمور، وبقوله:(فيهم) جلساء الولاة والمترددين إليهم، وحال الولاة وأصحابهم على خلاف ذلك.
وروى ابن المنذر، والبيهقي عن سفيان قال: قال رجل لمالك ابن المِغْوَل رحمه الله تعالى: اتق الله، فسقط، فوضع خده على الأرض (2)؛ تواضعاً لله تعالى.
*
تنبِيهٌ:
فَهِمَ عمر، وعلي، وابن عباس رضي الله عنهما -وناهيك بهم رؤوس العلم- من قوله تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} [البقرة: 207]، أي: يبيع نفسه بعد قوله عز وجل: {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ} [البقرة: 206]، أن الناس ما دام فيهم من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر مخلصاً لله تعالى يختلفون، ويقتتلون على الحق، وهو كذلك.
(1) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (1/ 575).
(2)
رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(8247)، وكذا الطبراني في "المعجم الصغير"(222).
فروى عبد بن حميد عن عكرمة: أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه كان إذا تلا هذه الآية: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ} [البقرة: 204] إلى قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ} [البقرة: 207] قال: اقتتل الرجلان (1).
وروى هو والبخاري في "تاريخه"، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: أنه قرأ هذه الآية فقال: اقتتلا وربِّ الكعبة (2).
وروى عبد [بن حميد]، وابن جرير عن صالح أبي الخليل قال: سمع عمر رضي الله تعالى عنه إنسانا يقرأ هذه الآية: {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ} [البقرة: 206] إلى قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} [البقرة: 207]، فاسترجع، قال: إنا لله وإنا إليه راجعون؛ قام الرجل يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فقتل (3).
وروى ابن جرير عن ابن زيد رحمه الله تعالى: أن ابن عباس قرأ هذه الآية عن عمر رضي الله تعالى عنهم فقال: اقتتل الرجال، فقال له عمر: ماذا؟
فقال: يا أمير المؤمنين! أرى ها هنا من إذا أمر بتقوى الله أخذته
(1) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (1/ 578).
(2)
رواه الطبري في "التفسير"(2/ 319)، وانظر:"الدر المنثور" للسيوطي (1/ 578).
(3)
رواه الطبري في "التفسير"(2/ 322).