الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإنه ليفضل منه من كل جانب أربع أصابع؛ تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.
وقالوا في القرآن: إن الحروف والرقوم المكتوبة قديمة أزلية (1).
الفرقة الثانية: الكَرَّامية
.
أصحاب محمد بن كَرَّام، واشتهر فيه تشديد الراء، وعليه اقتصر صاحب "القاموس"؛ قال: ومحمد بن كرام كشدَّاد: [إمام](2) الكرامية القائل بأن معبوده مستقر على العرش، وأنه جوهر (3)؛ تعالى [الله] عن ذلك علواً كبيراً (4).
وذكر الشيخ تاج الدين بن السبكي: أنه رأى بخط الشيخ تقي الدين بن الصلاح في بعض مجاميعه: أنه محمد بن كرام -بالتخفيف- وأن أبا الفتح السبتي أنشد: [من الكامل]
إِنَّ الَّذِينَ تُحِبُّهُمْ لَمْ يَقْتَدُوا
…
بِمُحَمَّدِ بْنِ كَرَامِ غَيْرُ كِرامِ
الرَّأْيُ رَأْيُ أَبِي حَنِيفَةَ وَحْدَهُ
…
وَالدِّينُ دِينُ مُحَمَّدِ بْنِ كَرَامِ (5)
(1) انظر: "الملل والنحل" للشهرستاني (1/ 106).
(2)
بياض في "أ" و "ت".
(3)
في "أ" و "ت": "جوهرة".
(4)
انظر: "القاموس المحيط" للفيروز آبادي (ص: 1489)(مادة: كرم).
(5)
وانظر: "تاريخ ابن الوردي"(1/ 225).
وكان محمد بن كرام يتزهد ويتقشف، وكان معه جماعة من الفقراء، وكان يلبس مُسُك ضأن مدبوغاً غير مَخِيط، وعلى رأسه قَلَنْسوة بيضاء، وقد نصبت له دكان من لبن، وكان تطرح له قطعة فرو يجلس عليها يعظ ويذكر، وكان مع ذلك مجسماً مبتدعاً، قام عليه الحافظ أبو سعيد الدارمي، وطرده من هَرَاة.
وقال هو وأصحابه: إن إلههم مستقر على العرش استقراراً، وهو في جهة فوق ذاتاً، وأنه أحدي الذات يماسُّ العرش من الصفحة العليا، ينتقل وينزل.
ثم كان منهم طائفة غالية أطلقوا عليه لفظ الجسم، ثم اختلفوا؛ فقيل: يتناهى من الجهات الست، وقيل: من جهة تحت فقط، وقيل: لا يتتابع لأنه عظيم.
وطائفة مقاربة قالوا: إن قلنا: إنه جسم، فالمراد أنه قائم بذاته، وإن قلنا:(فوق) فالمراد العلو، وقالوا في الاستواء: إنه مع نفي المجاورة، والمماسة، والتمكين بالذات (1).
ويقال لهؤلاء: هيصمية نسبة إلى محمد بن هيصم.
وفي "القاموس": إنهم منسوبون إلى موضع (2).
وحاصل طريقتهم أنهم يتأولون قبائح ابن كرام.
(1) انظر: "الملل والنحل" للشهرستاني (1/ 108 - 109).
(2)
انظر: "القاموس المحيط" للفيروز آبادي (ص: 1511)(مادة: هصم).
ومن مسائلهم ما لا يقبل التأويل؛ فإن الطائفة كلهم قالوا: يجوز قيام كثير من الحوادث بذات الباري تعالى.
وقالوا: ما يحدث في ذاته إن يحدث بقدرته، وما يحدث مبايناً عن ذاته فإنما يحدث بواسطة الإحداث.
ويعنون بالإحداث: الإيجاد والإعدام، وهما القول والإرادة؛ إذ زعموا أن في ذاته حوادث كثيرة كالإخبار عن الأمور الماضية والآتية، والوعد والوعيد، والأحكام.
وقالوا كالمعتزلة: إن العقل يحسن ويقبح، ويوجب معرفة الله قبل الشرع.
وقالوا: الإيمان الإقرار فقط دون التصديق بالقلب والعمل بالجوارح.
وقالوا: النبوة والرسالة صفتان سوى الوحي، والأمر بالتبليغ، والأمر بالمعجزة، والعصمة، وصاحب هذه الصفة رسول الله، ويجب على الله إرساله لا غير، وهو حينئذ مرسل، وكل مرسل رسول الله، ولا عكس، ويجوز عزل المرسل دون الرسول، وليس من الحكمة إرسال رسول واحد، فلا يجوز الاقتصار عليه، بل لا بد من التعدد.
وقالوا: يجوز نصب إمامين في عصر واحد كعلي ومعاوية رضي الله تعالى عنهما، إلا أن إمامة علي على وفق السنة دون معاوية، لكن تجب طاعة رعيته له.