الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يعلم أنه كاذب (1).
قلت: هذا يقع كثيرًا في كلام بعض الناس إذا أراد تأكيد الحديث، وقد علمت ما فيه.
وتقدم أن الأخنس بن شريق قال للنبي صلى الله عليه وسلم: جئت أريد الإِسلام، ويعلم الله أني لصادق، فأعجب النبي صلى الله عليه وسلم ذلك منه، فذلك قوله تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ} [البقرة: 204].
ومن هنا كان من الألفاظ المذمومة ما يعتاده كثيرون؛ يريد أن يحلف على شيء فيتورع عن قوله: (والله) كراهية الحنث، أو إجلالاً لله تعالى وصوناً عن الحلف، ثم يقول: الله أعلم ما كان كذا، أو لو كان كذا، ونحوه.
وفي هذه العبارة خطر؛ فإن قالها صاحبها وهو على يقين مما أكد بها فلا بأس، وإلا تعرض للكذب على الله تعالى، بل فيه التعرض للكذب على الله تعالى، بل فيه التعرض لوصفه تعالى بأنه يعلم الأمر بخلاف ما هو، ولو اعتقد ذلك كفر، كما نص عليه النووي في "الأذكار"(2).
*
تَتِمَّةٌ:
روى الطبراني في "الأوسط"، وغيره عن ابن مسعود رضي الله عنه: أنه
(1) ورواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(6/ 125).
(2)
انظر: "الأذكار" للنووي (ص: 292).
قال: لا يعد أحدكم صبيه ثم لا ينجز له؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الْعِدَةُ دينٌ"(1).
وروى الخرائطي في "المكارم" عن الحسن مرسلاً: أن امرأة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا فلم تجده عنده، فقالت: عدني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ الْعِدَةَ عَطِيَّةٌ"(2).
وفي ذلك إشارة إلى أنه لا ينبغي للإنسان أن يعد وعداً إلا وهو جازم بالوفاء له، ولو للصبي الصغير لأجل شغله عن البكاء ونحوه، بل ينبغي للمؤمن إذا وعد أن يكون فعله أبلغ من قوله، ووفاؤه أحسن من وعده وأكمل، ولا يكون كما قال الشاعر:[من الطويل] لِسانُكَ أَحْلَى مِنْ جَنَى النَّحْلِ مَوْعِدًا
…
وَكَفُّكَ بِالْمَعْرُوفِ أَضْيقُ مِنْ قُفْلِ
تَمَنَّى الَّذِي يَأْتِيكَ حَتَّى إِذا انتُهَى
…
إِلَى أَمَدٍ ناَوَلْتَهُ طَرَفَ الْحَبْلِ (3)
(1) هذا الحديث مجموع خبرين رواهما الطبراني في "المعجم الأوسط"؛ فروى كلام ابن مسعود (7871) في أثر طويل، وروى المرفوع (3513). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (4/ 166): فيه حمزة بن داود، ضعفه الدارقطني.
وكلام ابن مسعود رضي الله عنه رواه كثيرون كالإمام أحمد في "المسند"(1/ 410)، والبخاري في "الأدب المفرد"(387).
(2)
ورواه عبد الرزاق في "المصنف"(20026)، وأبو داود في "المراسيل" (ص: 352).
(3)
انظر: "المجالسة وجواهر العلم" للدينوري (ص: 521).