الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جَزت عن قتله، وسمي خراج الأرض جزية كأنه لازم لصاحب الأرض كما تلزم الجزية الذمي؛ كذا في "النهاية"(1).
وعليه: فمعنى الحديث: أنه لا يُضرب على المسلم ضريبة تؤخذ منه في كل عام، فيُلزم بها كما يُلزم الذمي بجزيته، وتؤخذ منه طَوعاً أو كَرهاً.
وهذه أفعال أكثر الأمراء في نواحي الشام وغيرها، يأخذون من الرجال في كل عام مالاً معيناً على كل واحد منهم كأنه حق يلزم رقابَهم، ويكتب بذلك دفاتر لهم، ويُنتظر صبيهم حتى يبلغ فيفرض عليه كما تُفرض الجزية على رجال أهل الذمة، بل تعدَّى بعضهم ففرض على غير آلات بلاده في بعض الأعوام قدراً من الغزل لأجل البندقيات؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون.
68 - ومنها: المغالقة على الخيل
.
وهي من جنس القمار، إلا أني نبهت عليها لمزيد الفائدة والإيضاح.
روى ابن أبي شيبة، والإمام أحمد عن أبي عمرو الشيباني، عن رجل من الأنصار رضي الله تعالى عنهم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الْخَيْلُ ثَلاثةٌ؛ فَرَسٌ يَرْبِطُهُ الرَّجُلُ فِي سَبِيلِ اللهِ؛ فَثَمَنُهُ أَجْرٌ، وَعارِيَّتُهُ أَجْرٌ، وَعَلُفُه أَجْرٌ، وَفَرَسٌ يُغالِقُ فِيهْ الرَّجُلُ ويُراهِنُ؛ فَثَمَنُهُ وِزْرٌ، وَعَلَفُهُ وِزْرٌ، وَرُكُوبُهُ وِزْرٌ، وَفَرَسٌ لِلْبِطْنَةِ؛ فَعَسَى أَنْ يَكُونَ سَداداً مِنَ الْفَقْرِ
(1) انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (1/ 271).
إِنْ شاءَ الله" (1).
وفسر صاحب "النهاية" المغالقة بالمراهنة، وقال في الحديث: كأنه كره الرهان في الخيل إذا كان على رسم الجاهلية (2)، كان يشرط في السباق من الجانبين؛ كأن يشترط المتسابقان أن من سبق منهما فله على الآخر كذا؛ فإن هذا غير صحيح، ويحرم لتردد كل منهما بين الغُنم والغُرم، وهو سورة القمار المحرم إلا بمحلل فرسه كفؤ لفرسيهما إن سبق أخذ مالها، كان سبق لم يغرم شيئاً، فإن سبقهما أخذ المالين، وإن سبقاه وجاءا معاً أو مرتباً وهو مع الثاني فلا شيء لأحد، وإن جاء مع أحدهما، أو تأخر الآخر، فمال هذا السابق لنفسه، ومال المتأخر للمحلل، وللذي معه لأنهما سبقاه، وإن جاء أحدهما ثم المحلل، ثم الآخر، فمال الآخر للأول؛ سمي محللاً لأن العوض به صار حلالاً (3).
روى أبو داود، وابن ماجه، وابن حبان، والحاكم وصححاه، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَدْخَلَ فَرَساً بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَهُوَ لا يَأْمَنُ أَنْ يَسْبِقَ فَلَيْسَ بِقِمارٍ، وَمَنْ أَدْخَلَ
(1) رواه ابن أبي شيبة في "المصنّف"(993)، والإمام أحمد في "المسند"(4/ 69).
(2)
انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (3/ 379).
(3)
انظر: "منهاج الطالبين" للإمام النووي (ص: 144).