الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: هذا إن صح فعليه يتمشى ما اعتاده حكام هذه الأمصار من تحريق الرافضة بالنار.
ونظير ذلك ما رواه ابن أبي الدنيا، والبيهقي من طريقه بإسناد جيد، عن محمّد بن المنكدر: أن خالد بن الوليد كتب إلى أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه أنّه وجد رجلًا في بعض ضواحي العرب ينكح كما تنكح المرأة، فجمع لذلك أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، فقال علي رضي الله تعالى عنه: إنَّ هذا ذنب لم يعمل به أمة إِلَّا أمة واحدة، ففعل الله بهم ما قد علمتم؛ أرى أن نحرقه بالنار، فأمر به أبو بكر رضي الله تعالى عنه أن يحرق بالنار (1).
قال الحافظ عبد العظيم المنذري: حرق اللوطية بالنار أربعة من الخلفاء: أبو بكر الصديق، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن الزبير، وهشام بن عبد الملك (2).
وقد تقدّم حكم اللوطي في المذاهب الأربعة.
وأمّا
الإسماعيلية:
فهم الذين يقولون بإمامة إسماعيل بن جعفر الصادق، وهو أكبر أولاده.
قالوا: هو المنصوص على إمامته.
(1) رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(5389).
(2)
انظر: "الترغيب والترهيب" للمنذري (3/ 198).
وقد مات إسماعيل في حياة أبيه، فأشهد على موته، وكتب به محضرًا خشية أن تضل الشيعة فيه، ويأبى الله إِلَّا أن يضلوا، فاختلفوا فيه هل مات أم لا؟
فقيل: إنّه لم يمت إِلَّا أن جعفرًا أظهر موته تقيةً من خلفاء بني العباس.
وقيل: بل موته صحيح.
والفائدة في النص على إسماعيل: بقاء الإمامة في ولده، فالإمام بعده ولده محمّد بن إسماعيل، وهو السابع القائم، وإنَّما تبرأت الشيعة منه للأئمة المستورين الذين كانوا يستترون في البلاد يظهرون دعاتهم.
ثمّ منهم من وقف على محمّد بن إسماعيل، وقال برجعته بعد غيبته.
ومنهم من ساق الإمامة في أولاده المستورين، ثمّ في الظاهرين القائمين من بعدهم، ويقال لهؤلاء: باطنية لقولهم: إنَّ للقرآن ظاهرًا وباطنًا، والمراد منه باطنه لا ظاهره، والمتمسك بظاهره معذب بالمشقة في الاكتساب، وباطنه مؤد إلى ترك العمل بظاهره، وانجرت بهم هذه المقالة إلى الانحلال عن الدِّين.
ويقال لهؤلاء أيضًا: بابكية؛ لأنّ منهم من تبع بابك الخرمي بأذربيجان، وكان يعتقد اعتقاد المجوس.
ويقال لهم: محمرة للُبسهم الحمرة في أيّام بابك، أو لأنّهم كانوا
يسمون المسلمين حميرًا لأخذهم بظاهر القرآن وبالشريعة.
ويقال لهم: قرامطة لأنّ أول من دعا النَّاس إلى مذهبهم يقال له: حمدان قرمط، وهي إحدى قرى واسط (1).
وقال في "القاموس": القرامطة جيل من النَّاس، الواحد: قرمط (2).
ويقال لهم بخراسان: ملحدة، وملاحدة، وتعليمية لقولهم: لا بد من إمام معلم.
ويقال لهم: سبعية لقولهم: إنّما تدور أحكام الأئمة على سبعة سبعة كأيام الأسبوع، والسماوات السبع، والكواكب السبعة، وهي المدبرات أمرًا، والبحار السبعة، وزعموا أن النطقاء بالشرائع سبعة، وهم الرسل: آدم، ونوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد صلى الله عليه وسلم، والمهدي؛ قالوا: وهو سابع النطقاء.
وقالوا: وبين كلّ اثنين من النطقاء سبعة أئمة يتممون شريعة الناطق قبلهم.
قالوا: لا بد في كلّ عصر من سبعة بهم يقتدى ويهتدى، وهم متفاوتون: أحدهم: إمام يؤدِّي عن الله تعالى، وهو غاية الأدلة في دين الله.
(1) انظر: "الملل والنحل" للشهرستاني (1/ 190 - 193).
(2)
انظر: "القاموس المحيط" للفيروز آبادي (ص: 881)(مادة: قرمط).
وثانيهم: حجة يؤدِّي عن الإمام، ويحمل عليه، ويحتج به.
وثالثهم: ذو مصة يمص العلم من الحجة.
ورابعهم، وخامسهم، وسادسهم: دعاة وأبواب؛ أكبرهم رافع يرفع درجات المؤمنين.
أوسطهم مأذون بأخذ العهد على الظالمين من أهل الظّاهر فيدخلهم في ذمة الإمام، ويفتح لهم باب العلم والمعرفة.
وأصغرهم مكلب لم يؤذن له في الدّعوة، بل في الاحتجاج على النَّاس، يحتج على من وجده من أهل الظّاهر حتّى يكسر عليه مذهبه بحيث يرغب عنه، ويطلب الحق من المكلب، فيدلُّه على الداعي المأذون، فيأخذ العهد عليه بشهود ككلب الصَّيد.
وسابعهم: مؤمن آمن، ودخل في عهد الإمام (1).
قالوا: والنقباء تدور أحكامهم على اثني عشر.
قالوا: ومن ثمّ قررت الإمامية القطعية عدد أئمتهم اثني عشر، وإنما هي عدة النقباء.
ومن مذهبهم: أن من مات ولم يعرف إمام عصره وزمانه، أو مات ولم يكن له في عنقه بيعة إمام معصوم مات ميتة جاهلية.
قال العضد في "مواقفه": وأصل دعوتهم على إبطال الشرائع مع الغيارية من المجوس، راموا عند شوكة الإسلام تأويل الشرائع على
(1) انظر: "المواقف" للإيجي (3/ 675).
وجه يعود على قواعد أسلافهم.
ورأسهم: حمدان قرمط.
وقيل: عبد الله بن ميمون القداح.
ولهم في الدعوى مراتب:
- الذوق: وهو تفرس حال المدعو هل هو قابل للدعوة أم لا، ولذلك منعوا البذر في السبخة؛ أي: دعوة من ليس قائلًا لها، والتكلم في بيت فيه سراج، أو رقعة، أو متكلم.
-[ثم التأنيس باستمالة كلّ أحد بما يميل إليه من زهد وخلاعة](1).
- ثمّ التشكيك في أركان الشّريعة بمقطعات السور كَـ: {الم} ، و {حم} ، وقضاء صوم الحائض دون صلاتها، والغسل من المني دون البول، وعدد الركعات ليتعلّق قلبه بمراجعتهم فيها.
- ثمّ الربط: أخذ الميثاق منه يجب اعتقاده أن لا يفشي لهم سرًا، وجوابه على الإمام في كلّ ما يشكل عليه.
- ثمّ التدليس: وهو دعوى موافقة أكابر الدِّين والدنيا لهم حتّى يزداد ميله.
- ثمّ التأسيس: وهو تمهيد مقدمات يقبلها المدعو.
(1) ما بين معكوفتين من "المواقف".