الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والنَّثَر -بفتحتين-: ما تناثر.
والنثار في الولائم، وانتهاب ما ينتثر مكروه على المذهب.
واستدل له الأذرعي بما في "مسند الإِمام أحمد" عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ لِلْمُنافِقِينَ عَلاماتٍ يُعْرَفُونَ بِها؛ تَحِيَّتُهُمْ لَعْنةٌ، وَطَعامُهُمْ نُهْبَةٌ"(1).
وتقدم الحديث بزيادة.
52 - ومنها: سوء الخلق، والمل من الزوج، أو الصاحب، أو الثوب، أو غير ذلك مما يلائم أشرًا وبطراً، وهو داخل في سوء الخلق
.
والفرق بين سوء الخلق والحدة التي تعتري خيار الأمة كما تقدم: أن الحدة لا تخرج صاحبها إلى باطل، وفيئتها قريبة، وسوء الخلق يخرج صاحبه عن الحق، وينقلب فيصير عداوة وحقداً.
ومن ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما مِنْ شَيْءٍ إلا لَهُ تَوْبَةٌ، إِلَاّ صاحِبَ سُوءِ الْخُلُقِ؛ فَإِنَّهُ لا يتوبُ مِنْ ذَنْبٍ إِلَاّ عادَ في شَرٍّ مِنْهُ".
رواه الطبراني، وغيره عن عائشة رضي الله تعالى عنها، وإسناده ضعيف (2).
(1) تقدم تخريجه.
(2)
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(553). وضعف العراقي إسناده في "تخريج أحاديث الإحياء"(2/ 739).
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو: "اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشِّقاقِ وَالنِّفاقِ وَسُوءِ الأَخْلاقِ".
رواه أبو داود، والنسائي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه (1).
لا يقال: هذا الحديث يدل على أن سوء الأخلاق ليس من النفاق لأن العطف يقتضي المغايرة، بل هو من عطف الخاص على العام لمزيد الاعتناء به.
وروى محمَّد بن نصر المروزي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيْماناً أَحْسَنُهُمْ خُلُقاً، وإِنَّ الْمَرْءَ لَيَكُونُ مُؤْمِناً وإنَّ في خُلُقُهِ شَيْئاً، فَيْنَقُصُ ذَلِكَ مِنْ إِيْمانِهِ"(2).
ومفهوم الحديث: أن أكمل المنافقين نفاقاً أسوؤهم أخلاقاً.
وقد يقال: إن سوء الخلق وحده لا يكون نفاقاً حتى ينضم إليه البخل لما رواه البخاري في "الأدب المفرد"، والترمذي عن أبي سعيد رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"خَصْلَتانِ لا يَجْتَمِعانِ في مُؤْمِنٍ: الْبُخْلُ وَسُوءُ الْخُلُقِ"(3).
وفي حديث رافع بن مُكيث -بالتصغير- وكان ممن شهد الحديبية رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "حُسْنُ الْخُلُقِ نَماءٌ، وَسُوءُ الْخُلُقِ
(1) رواه أبو داود (1546)، والنسائي (5471).
(2)
رواه محمَّد بن نصر المروزي في "تعظيم قدر الصلاة"(1/ 442).
(3)
رواه البخاري في "الأدب المفرد"(282)، والترمذي (1962) وقال: غريب.
شُؤْمٌ".
أخرجه الإمام أحمد، وأبو داود (1) وروى الخطيب عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"سُوءُ الْخُلُقِ شُؤْمٌ، وَشِرارُكُمْ أَسْوَؤُكُمْ أَخْلاقاً"(2).
وروى الطبراني في "الكبير"، والخرائطي في "مكارم الأخلاق"، وأبو الشيخ في "طبقات الأصبهانيين" بإسناد جيد، عن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ الْعَبْدَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجاتِ الآخِرَةِ وَشَرَفَ الْمَنازِلِ، وإنَّهُ لَيَضْعُفُ عَنِ الْعِبادةِ، وإنَّ الْعَبْدَ لَيَبْلُغُ مِنْ سُوءِ خُلُقِهِ أَسْفَلَ دَرْكِ جَهَنَّمَ"(3).
ولا شك أن هذا منزل المنافقين: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء: 145].
(1) رواه الإِمام أحمد في "المسند"(3/ 502)، وأبو داود (5162).
قال المنذري في "لترغيب والترهيب"(3/ 277): رواه أحمد وأبو داود باختصار، وفي إسنادهما راو لم يسم، وبقية إسناده ثقات.
(2)
رواه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد"(4/ 276)، وكذا السلمي في "طبقات الصوفية" (ص: 184).
ورواه الإِمام أحمد فيا المسند" (6/ 85) بلفظ: "الشؤم سوء الخلق".
وضعف الصنعاني إسناده في "سبل السلام "(4/ 201).
(3)
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(754)، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان"(3372).
قال العراقي في "تخريج أحاديث الأحياء"(2/ 739): إسناده جيد.
وروى ابن أبي الدنيا في "المداراة" عن عبد العزيز بن حصين قال: بلغني أن عيسى عليه السلام قال: من ساء خلقه عذب نفسه، ومن أكثر كذبه ذهب جماله، ومن لاحى الرجال سقطت مروءته، ومن كثر همه سقم بدنه (1).
وروى ابن السني، وأبو نعيم؛ كلاهما في "الطب" عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ ساءَ خُلُقُهُ عَذَّبَ نَفْسَهُ، وَمَنْ كَثُرَ هَمُّهُ سَقُمَ بَدَنُهُ، وَمَنْ لاحى الرِّجالَ ذَهَبَتْ كَرامَتُهُ وَسَقَطَتْ مُرُوءَتُهُ"(2).
وروى ابن مردويه، والأصبهاني عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: لا أمل ثوبي ما وسعني، ولا أمل زوجتي ما أحسنت عشرتي، ولا أمل دابتي ما حملت رحلي؛ إن الملالة من سيِّئِ الأخلاق (3).
وفيه ذم الملالة والسآمة مما يلائم الإنسان من أهل، أو دابة، أوثوب، أو طعام؛ فإن الاجتزاء بما يسوء من عوز من خلق المؤمن.
وروى الإِمام أحمد، ومسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً؛ إِنْ كَرِهَ مِنْها خُلُقاً رَضِيَ مِنْها غَيْرَهُ"(4).
والفِرك -بالكسر-: البغض من الزوجين.
(1) رواه ابن أبي الدنيا في "مداراة الناس"(ص: 86).
(2)
ورواه الديلمي في"مسند الفردوس"(5751).
(3)
رواه ابن عساكر في "ابن عساكر"(46/ 183).
(4)
تقدم تخريجه.
وروى الطبراني في "الكبير" عن أبي موسى رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تَزَوَّجُوا وَلا تُطَلّقُوا؛ فَإِنَّ الله لا يُحِبُّ الذَّوَّاقِينَ وَلا الذَّوَاقاتِ"(1).
وروى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أَحَبُّ الأَعْمالِ إِلَى اللهِ أَدْوَمُها وَإِنْ قَلَّ"(2).
وروى مسلم، وأبو داود عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا عمل عملًا أثبته (3)؛ أي: جعله ثابتًا لا يفارقه، ولا يتركه في وقته؛ أي: داوم عليه.
53 -
ومنها: العبادة على جهل، و [
…
] (4) والتشاؤم بالعبادة والتطير بها.
وذلك من آثار سوء الخلق، ومن أقبح الْمَلَل.
قال الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ} ؛ أي: على جهلْ. {فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [الحج: 11].
قال ابن عباس في الآية: كان الرجل يقدم المدينة، فإن ولدت امرأته غلامًا وأنتجت خيله قال: هذا دين صالح، وإن لم تلد امرأته
(1) رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(7848)، وكذا البزار في "المسند"(3064).
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
رواه مسلم (746)، وأبو داود (1368).
(4)
بياض في "أ" و"ت" بمقدار كلمة.