الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نزعت منك يبتغي لك فراغك فيَؤُوس من رَوح الله، قَنُوط من رحمته، كذلك أمر الكافر (1).
وفي قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي} [هود: 10] قال: غرة بالله، وجرأة عليه، إنه لفرح والله لا يحب الفرحين، فخور بما أعطى لا يشكر الله تعالى. رواه ابن جرير، وأبو الشيخ (2).
99 - ومنها: الإصرار والتمادي في الضلال، وعدم الاتعاظ بالآيات، وعدم الاستكانة والتضرع عند نزول البليات تجلُّداً على الله تعالى، ومكابرة في المعاندة لأمر الله تعالى
.
قال الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ} ، يعني: قريشًا، وسائر العرب، وسائر الناس {إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (73) وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ (74) وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (75) وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ (76) حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ} [المؤمنون: 73 - 77].
قال مجاهد في قوله: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ} [المؤمنون: 76]؛ يعني: السَّنَة والجوع. أخرجه ابن المنذر (3).
(1) رواه الطبري في "التفسير"(12/ 7)، وكذا ابن أبي حاتم في "التفسير"(6/ 2007).
(2)
رواه الطبري في "التفسير"(12/ 8).
(3)
انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (6/ 111).
وروى العسكري في "المواعظ" عن علي رضي الله تعالى عنه في قوله تعالى: {فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ} [المؤمنون: 76] قال: لم يتواضعوا إلى الدعاء، ولم يخضعوا، ولو خضعوا لاستجاب لهم (1).
وروى ابن جرير عن الحسن رحمه الله تعالى في الآية قال: إذا أصاب الناس من قبل السلطان بلاءٌ فلا يستقبلوا نقمة الله بالحمية، ولكن استقبلوها بالاستغفار، واستكينوا وتضرعوا إلى الله تعالى (2).
واعلم أن هذا الخلق الجاهلي قد يتفق لبعض الشُّطَّار إذا نزل بهم البلاء من القتل، أو الجلد، أو غيرهما من العذاب؛ تجلدوا، وأظهروا الصبر والشجاعة على ذلك مفتخرين بالتجلد، عائبين على من يجزع منهم في مثل هذه الحالة.
وبالجملة: فإن كل معصية فإنها تنشأ عن الجهل بالله تعالى، وأهل الجاهلية أشد جهالة بالله تعالى فهم أحق بأن تنسب كل معصية إليهم، ولكنا نبهنا في هذا الكتاب على هذه النبذة من أمهات أخلاقهم ليحذرها أهل المعرفة والديانة.
ولما كان أبو جهل بن هشام مسارعًا في عداوة النبي صلى الله عليه وسلم متجرأً عليه سمي أبا جهل، كأن كل جهل فهو أصله، وهو منسوب إليه، وإنما كانت كنيته أبا الحكم.
ومن لطائف الشيخ أحمد بن علوان أحد أولياء اليمن وساداته:
(1) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (6/ 112).
(2)
رواه الطبري في "التفسير"(18/ 45).