الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم الخوارج فرق:
الْمُحَكِّمة الأولى: وهم الحرورية
.
خرجوا على علي رضي الله تعالى عنه حين جرى أمر الحكمين، فاجتمعوا بحروراء من ناحية الكوفة، جوَّزوا أن لا يكون إمام، وإذا احتيج إليه جاز أن يكون من غير قريش، وخطَّؤوا عليًا في التحكيم، ثم كفروه ولعنوه، وطعنوا على عثمان، وعلى أصحاب الجمل وصفين، فقتلهم علي رضي الله عنه فلم يبق منهم إلا دون العشرة، انهزم اثنان منهم إلى عمان، واثنان إلى كَرمان، واثنان إلى سجستان، واثنان إلى الجزيرة، وواحد إلى جبل مردان باليمن، وظهرت بدع الخوارج منهم، وبقيت من بعدهم (1).
روى الشيخان عن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتبسم تبسمًا إذ أتاه ذو الخويصرة، فقال: يا رسول الله! اعدل.
قال: "ويلَكَ، وَمَنْ يَعْدِلُ إِذا لَمْ أَعْدِلْ؟ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِذا لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ".
قال عمر رضي الله تعالى عنه: يا رسول الله! ائذن لي فيه أضرب عنقه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فَإِنَّ لَهُ أَصْحابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاتَهُ مَع
(1) انظر: "الملل والنحل" للشهرستاني (1/ 115 - 117).
صَلاتِهِمْ، وَصِيامَهُ مَعَ صِيامِهِمْ، يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ لا يُجاوِزُ تَراقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَما يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ، إِحْدى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ، أَوْ مِثْلُ الْبضْعَةِ، يَخْرُجُونَ عَلى خَيْرِ قَرْيةٍ مِنَ النَّاسِ".
قال أبو سعيد: فأشهد أني سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأشهد أن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قاتلهم وأنا معه، وأمر بذلك الرَّجل، فالتمس فوجد فأتي به حتّى نظرت إليه على نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الّذي نعت (1).
وروى ابن أبي شيبة، والإمام أحمد، والشيخان عن سهل بن حنيف رضي الله تعالى عنه: أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "يَخْرُجُ مِنَ الْمَشْرِقِ أَقْوامٌ مُحَلَّقَةٌ رُؤُوسُهُمْ، يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ بِأَلْسِنَتِهِمْ، لا يَعْدُو تَراقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَما يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ"(2).
وروى أبو نصر السجزي في "الإبانة"، والخطيب، وابن عساكر عن عمر رضي الله تعالى عنه: أنّه سمع رسول الله يقول: "يَخْرُجُ قَومٌ مِنَ الْمَشْرِقِ حِلْقانُ الرُّؤُوسِ، يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ لا يُجاوِزُ تَراقِيَهُمْ، طُوبَى لِمَنْ قَتَلُوهُ، وَطُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ"(3).
(1) رواه البخاري (3414)، ومسلم (1064).
(2)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنِّف"(30195)، والإمام أحمد في "المسند"(3/ 486)، والبخاري (6535)، ومسلم (1068).
(3)
رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(23/ 409).
وروى الإمام أحمد، ومسلم، وابن ماجه عن أبي ذر، ورافع بن عمرو الغفاري معًا رضي الله تعالى عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "سَيَكُونُ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي قَوم يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ لا يُجاوِزُ حَلاقِيمَهُمْ، يَخْرُجُونَ مِنَ الدِّينِ كَما يَخْرُجُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ لا يَعُودُونَ فِيهِ، هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ"(1).
لم يقيدهم في هذا الحديث بأنّهم من المشرق، فهو شامل لسائر الخوارج.
وروى ابن أبي شيبة عن أبي غالب قال: كنت في مسجد دمشق، فجاؤوا بسبعين رأسًا من رؤوس الحرورية، فنصبت على درج المسجد، فجاء أبو أمامة رضي الله تعالى عنه فنظر إليهم فقال: كلاب جهنم، شر قتلى قُتلوا تحت ظل السَّماء، ومن قَتلوا خير قتلى تحت ظل السَّماء (2).
وقوله: من رؤوس الحرورية: ليسوا من أهل حروراء؛ لأنّ أولئك استأصلهم علي رضي الله تعالى عنه إِلَّا عشرة، بل هم طائفة اعتقدوا ما اعتقدته الحرورية من الخروج على الإمام وغيره، فنسبهم أبو أمامة إليهم.
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(5/ 31)، ومسلم (1067)، وابن ماجه (170).
(2)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(7/ 554).