الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرقة الثّانية من الخوارج: الأزارقة
.
أصحاب نافع بن الأزرق الذين خرجوا معه بالبصرة إلى الأهواز وما وراءها في أيّام عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما، كفَّروا عليًا رضي الله تعالى عنه، وكفروا عثمان، وطلحة، والزبير، وعائشة، وابن عبّاس رضي الله تعالى عنهم، وكفَّروا سائر المسلمين، وكفَّروا من قعد عن القتال معهم، وأباحوا قتل أطفال مخالفيهم ونسائهم، وأسقطوا الرَّجْم عن الزاني المحصن، وحد القذف عن قاذف المحصنين من الرجال دون قاذف المحصنات من النِّساء.
وقالوا: أطفال المشركين معهم في النّار.
وهم عدو كلّ من لم ير رأيهم، أو من تخلف عن القتال معهم.
وقالوا: إنَّ التقية غير جائزة في قول ولا عمل، ويجوِّزون الكفر على الأنبياء عليهم السلام قبل البعثة وبعدها.
وقالوا: من ارتكب كبيرة يكفر ويخلد في النّار (1).
وصوَّبوا فعل اللعين عبد الرّحمن بن مُلْجِم قاتل علي رضي الله تعالى عنه، ولعن الله قاتله.
وقال عمران بن حطان مفتي الأزارقة، وزاهدهم، وشاعرهم قبحه الله في ضربة اللعين عبد الرّحمن بن ملجم المرادي لعلّي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه:[من البسيط]
(1) انظر: "الملل والنحل" للشهرستاني (1/ 118 - 122).
يا ضَرْبَةً مِنْ كَمِيٍّ ما أَرادَ بِها
…
إِلَاّ لِيَبْلُغَ مِنْ ذِي العَرْشِ رِضْوانا
إِنِّي لأَذْكُرُهُ يَوْمًا فَأَحْسِبُهُ
…
أَوْفَى البَرِيَّةِ عِنْدَ اللهِ مِيزانا
لِلَّهِ دَرُّ الْمُرادِيِّ الَّذِي سَفَكَتْ
…
كَفَّاهُ مُهْجَةَ شَرِّ الْخَلْقِ إِنْسانا
أَمْسَى عَشِيَّةَ غَشَّاهُ بِضَرْبَتِهِ
…
مِمَّا جَناهُ مِنَ الآثامِ عُرْيانا (1)
وقد عارض ابنَ حطان جماعةٌ من العلماء، منهم بكر بن حماد الشاهرتي، فقال من أبيات أجاد فيها:[من البسيط]
ذَكَرْتُ قاتِلَهُ وَالدَّمْعُ مُنْحَدِرٌ
…
فَقُلْتُ سُبْحانَ رَبِّ الْعَرْشِ سُبْحانا
إِنّي لأَحْسِبُهُ ما كانَ مِنْ بَشَرٍ
…
يَخْشَى الْمَعادَ وَلَكِنْ كانَ شَيْطانا
كَعاقِرِ النَّاقَةِ الأُولَى الَّتِي حَلَبَتْ
…
عَلَى ثَمُودَ بِأَرْضِ الْحِجْرِ خُسْرانا
قَدْ كانَ يُخْبِرُهُمْ أَنْ سَوْفَ يَخْضِبُها
…
قَبْلَ الْمَنِيَّةِ أَزْمانًا فَأَزْمانا
فَلا عَفا اللهُ عَنْهُ ما تَحَمَّلَهُ
…
وَلا سَقَى قَبْرَ عِمْرانَ بْنِ حطَّانا (2)
أشار إلى ما رواه الإمام أحمد، والطبراني عن عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنهما: أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال له: "أَلا أُحَدّثُكُما بِأَشْقَى النَّاسِ رَجُلَيْنِ؟ "
(1) انظر: "الأغاني" للأصبهاني (18/ 117)، و"الاستيعاب" لابن عبد البرّ (3/ 1128).
(2)
انظر: "الاستيعاب" لابن عبد البرّ (3/ 1129)، و"الكامل في التاريخ" لابن الأثير (3/ 260).
قلنا: بلى يا رسول الله.
قال: "أُحَيْمِرُ ثَمودَ الَّذِي عَقَرَ النَّاقَةَ، وَالَّذِي يَضْرِبُكَ يا عَلِيُّ عَلى هَذِهِ - يعني: قَرنه - حَتَّى تَبْتَلَّ هَذِهِ - يعني: لحيته -"(1).
وروى الطبراني عن جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلّي: "مَنْ أَشْقَى ثَمُودَ؟ "
قال: من عقر الناقة.
قال: "فَمَنْ أَشْقَى هَذ الأُمَّةِ؟ "
قال: الله أعلم.
قال: "قاتِلُكَ"(2).
وروى الطبراني أيضًا بإسناد حسن، عن أبي سنان الدؤلي: أنّه عاد عليًا في شكوى اشتكاها، قال: فقلت له: تخوفنا عليك في شكواك هذه.
فقال: ولكني والله ما تخوفت على نفسي منه لأني سمعت
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 263)، وكذا النسائي في "السنن الكبرى" (8538). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/ 136): رواه أحمد والطبراني والبزار باختصار، ورجال الجميع موثقون إِلَّا أن التابعي لم يسمع من عمار رضي الله عنه.
(2)
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(2037). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(9/ 136): وفيه ناصح بن عبد الله، وهو متروك.