الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتلميذه أبي القاسم بن محمد الكعبي.
قالوا: تسمية المعدوم شيئاً وجوهراً وعرضاً، وإن إرادة الله هي أنه غير مكره ولا كاره، وهي في أفعال نفسه الخلق، وفي أفعال غيره الأمر.
وقالوا: معنى كونه سميعاً بَصيراً: أنه عالم بمتعلقهما.
زاد الكعبي: إن فعل الرب واقع بغير إرادة ولا مشيئة منه لها، ولا يرى نفسه ولا غيره إلا بمعنى أنه يعلمه (1).
الفرقة الحادية عشرة: الجُبَّائية
.
وهي البهشمية، أصحاب أبي علي محمد بن محمد بن عبد الوهاب الجُبَّائي، وابنه أبي هاشم عبد السلام.
وجُبى -بضم الجيم، وتشديد الموحدة-: قرية من قرى البصرة.
أخذ أبو هاشم عن أبيه، وأبوه عن رئيس المعتزلة بالبصرة أبي يوسف يعقوب بن عبد الله الشَّحَّام، وأبو علي أخذ عنه الكلام شيخ أهل السنة أبو الحسن الأشعري، ثم هداه الله فرد عليه مقالاته.
ويروى أنه ناظره في ثلاثة إخوة؛ كان أحدهم مؤمناً براً تقياً، والثاني: كافراً فاسقاً، والثالث: صغيراً، فماتوا، فكيف حالهم؟
فقال أبو علي: الزاهد في الدرجات، والكافر في الدركات، والصغير من أهل السلامة.
قال الشيخ أبو الحسن: إن أراد الصغير أن يذهب إلى درجات
(1) انظر: "الملل والنحل" للشهرستاني (1/ 77 - 78) مختصراً بتصرف.
الزاهد هل يؤذن له؟
قال الجبائي: لا، لأنه يقال له: إن أخاك إنما وصل إلى الدرجات بطاعاته الكثيرة، وليس لك ذلك.
قال الأشعري: فإن قال الصغير: التقصير ليس مني؛ فإني ما أبقيتني ولا أقدرتني على الطاعة؟
فقال الجبائي: يقول الباري جل وعلا: كنت أعلم أنك لو بقيت لعصيت، وكنت مستحقاً للعذاب الأليم، فراعيت مصلحتك.
قال الأشعري: فلو قال الكافر: يا إله العالمين! علمت حال أخي كما علمت حالي، فلم راعيت مصلحته دوني؟ فانقطع الجبائي (1).
قالت الجبائية: إن لله إرادات حادثة لا في محل، وتعظيماً لا في محل إذا أراد تعظيم نفسه، وفناء لا في محل إذا أفنى العالم.
وقالوا: إن الله متكلم بكلام يخلقه في محله، وهو أصوات وحروف.
وقالوا: التكلم من فعل الكلام، لا مَنْ قام به.
وقال الجبائي: يحدث الله قوله عند قراءة كل قارئ، ويحدث كلاماً لنفسه في محل القراءة.
وقالوا: إن الله لا يرى بالأبصار في دار القرار، وأنكروا الشفاعة.
وقالوا: العبد خالق لأفعال نفسه، مستقل بها.
(1) انظر: "وفيات الأعيان" لابن خلكان (4/ 267).
وقالوا: المعرفة، وشكر المنعم، ومعرفة الحسن والقبيح واجباتٌ بالعقل، وأثبتوا شريعة عقلية.
وقالوا: مرتكب الكبيرة لا ولا (1)، وإذا لم يتب خلد في النار.
وقالوا بوجوب الأصلح على الله تعالى للعبد، واللطف به، وأنكروا كرامات الأولياء.
وقال أبو هاشم بإمكان استحقاق الذم والعقاب بلا معصية.
وقال: لا تصح التوبة عن كبيرة مع الإصرار على غيرها عالماً بقبحها، ولا توبة مع عدم القدرة، فلا تصح توبة الزاني بعد ما جُبَّ، ولا الكاذب بعد ما خَرِس، إلى غير ذلك من قبائحه (2).
***
وأما الجَبَرية فقال صاحب "القاموس": بالتحريك: خلاف القدرية، والتسكين لحن، وهو الصواب والتحريك للازدواج، انتهى (3).
وهم الذين يقولون: إن العبد مجبور.
وهم والمعتزلة في طرفي نقيض؛ فالمعتزلة يقولون: إن العبد يخلق أفعال نفسه، والجبرية يقولون: إن كل ما يجري من أفعال العبد فهو فعل الله تعالى، لا يثبتون للعبد كسباً.
(1)(لا ولا): أي: لا مؤمناً، ولا كافراً.
(2)
انظر: "الملل والنحل" للشهرستاني (1/ 79 - 84).
(3)
انظر: "القاموس المحيط" للفيروز آبادي (ص: 460)(مادة: جبر).