المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المقام الأول في النهي عن التشبه بالمبتدعة - حسن التنبه لما ورد في التشبه - جـ ٩

[نجم الدين الغزي]

فهرس الكتاب

- ‌37 - ومن أعمال الجاهلية: قول الشعر المشتمل على هجاء من لا يجوز هجاؤه

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌38 - ومن قبائح الجاهلية: الخوض في الباطل

- ‌39 - ومن أخلاق أهل الجاهلية: ترك الصلاة بما لا يعني، ومنع المصلي من الصلاة، ونهيه عنها، وإيذاء المصلين باللفظ وغيره

- ‌40 - ومن عادات أهل الجاهلية: التحلق في المساجد والمعابد لأجل السَّمر وحديث الدنيا، لا لأجل الصلاة والعبادة، واللغو عند سماع القرآن، واللغط في مجالس الذكر

- ‌41 - ومن أخلاقهم: منع الحقوق الواجبة كالزكاة، وصلة الأرحام، والديون، والنهي عن فعل ذلك، والحيلولة بين المتصدق والصدقة

- ‌42 - ومن أخلاقهم: التعبد والتقرب إلى الله تعالى بما لم يرد به الشرع، بل لمجرد الرأي والهوى

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌ تَنْبِيهٌ آخَرُ:

- ‌43 - ومن أخلاق الجاهلية: التقرب إلى الله تعالى بالسكوت؛ وإن كان هذا شرعاً سابقاً

- ‌44 - ومن أخلاقهم: الغزو لأجل المعصية والتجبر، وطلب الدنيا كما هو معلوم من أعمالهم، والأعراب الآن على دعواهم الإسلام يفعلون ذلك، وإن اعتقد بعضهم حرمته

- ‌45 - ومنها: حمل الرؤوس المقطوعة من بلد إلى بلد

- ‌46 - ومن أعمال أهل الجاهلية:

- ‌47 - وكان من عادة الجاهلية:

- ‌48 - ومن أفعال أهل الجاهلية: الفسوق، والرفث، والجدال في الحج

- ‌49 - ومنها: الحكم بغير ما أنزل الله تعالى

- ‌50 - ومنها: ترك العدل في عطية أولاده؛ فإن السنة أن يساوي بينهم

- ‌51 - ومنها: التبنِّي بحيث يعتقد أنه يؤثر في إرثه أو محرمية

- ‌52 - ومنها: الحلف بغير الله تعالى كالآباء، ورأس الأمير بحياته وحياة غيره، وهو مكروه

- ‌53 - ومنها: الإيلاء أكثر من أربعة أشهر إضراراً بالنساء

- ‌54 - ومنها: الظِّهار

- ‌55 - ومنها: أنهم كانوا لا يرون على المطلقة عدة

- ‌56 - ومنها: أكل الأولياء مهورَ مولِّياتِهنَّ

- ‌57 - ومنها: ما ذكره القاضي أبو بكر بن العربي في "القبس" قال: وكانت أهل الجاهلية تحلق رأس المولود وتلطِّخه بالدم، فشرع النبي صلى الله عليه وسلم التصدق بِزِنتَه - يعني: الشعر

- ‌58 - ومنها: ما ذكره الجوهري في "صحاحه"، وغيره من أنهم كانوا في الجاهلية إذا قتل لهم قتيل عقوا بسهم

- ‌59 - ومن عوائدهم وأحكامهم - وهو من تهاونهم بما كان عليه صالحوا آبائهم من التمسك بملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام من تعظيم الحرم، والإحرام بالنسك

- ‌60 - ومنها: التشديد على من يقتل الصيد بالمجاوزة في الحكم عليه عن الكفارة إلى العقوبة

- ‌ تنبِيهٌ:

- ‌61 - ومن أخلاق الجاهلية: تحريم الحلال، وتحليل الحرام

- ‌ تنبِيهٌ:

- ‌ تَتِمَّةٌ:

- ‌62 - ومن عوائد أهل الجاهلية: أنهم كانوا لا يورثون النساء ولا الصغار، ويأكلون أموال اليتامى والأرامل والضعفاء

- ‌63 - ومنها: تناول الأثمان المحرمة والأعواض المؤثمة؛ كثمن الكلب، والخمر، ومهر البغي، وحُلْوان الكاهن، والعقود الفاسدة؛ كبيع الخمر، والكلب، والميتة، وبيع الغرر، وبيع حَبَل الحَبلَة، وعَسْب الفَحْل

- ‌64 - ومنها: الربا وأكل ما يحصل منه، وتناوله، والتصرف فيه

- ‌65 - ومنها: القمار، وهو المراهنة على ما يأخذه الغالب؛ إلا المسابقة والمناضلة الشرعيتين، والنَّرد

- ‌66 - ومنها: الْجَلَب والْجَنَب - وهما بفتحتين

- ‌67 - ومنها: المُكس

- ‌68 - ومنها: المغالقة على الخيل

- ‌69 - ومنها: غلق الرهن

- ‌70 - ومنها: التعزي بعزاء الجاهلية

- ‌71 - ومن أعمال أهل الجاهلية: الاستقسام بالأزلام

- ‌72 - ومنها: تعليق التمائم والحروز، وتقليد الدابة الوَثَر والجرس، ونحو ذلك

- ‌73 - ومنها: السحر والكهانة - وهما معروفان من فعل الجاهلية - والخط، والتنجيم

- ‌74 - ومن أخلاقهم: الطيرة

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌75 - ومن أخلاق أهل الجاهلية: اعتقاد أن غير الله يضر أو ينفع حقيقة، والاستعانة بغير الله تعالى

- ‌76 - ومن أخلاق أهل الجاهلية: الاستمطار بالأنواء، واعتقاد أنها ممطرة حقيقة، وقولهم: مُطرنا بنَوء كذا

- ‌77 - ومن أعمال الجاهلية: الاستسقاء بالنيران، أو بنار شجر مخصوص، أو بغير ذلك ما سوى الدعاء والطلب من الله تعالى، والتوبة، والأعمال الصالحة، وكان التسليع في الجاهلية كما ذكره صاحب "الصحاح

- ‌78 - ومن أعمال أهل الجاهلية: سب الدهر، والتشكي منه، ونسبة التقلبات إليه

- ‌79 - ومن أخلاقهم: أنهم كانوا يعتقدون أن الشمس والقمر لا تكسفان إلا لموت عظيم

- ‌80 - ومنها: دخول الإنسان على غيره، أو منزله بغير سلام ولا استئذان، واستبدال غيره به كقولهم: أنعم صباحًا، وأنعم مساء، وحييتم صباحًا، ومثل قول الناس الآن بعضهم لبعض: صباح الخير، مساء الخير من غير سلام، وكل ذلك مخالف للسنة

- ‌81 - ومنها: التحرج عن الأكل مع الضيف بخلًا

- ‌82 - ومنها: الفخر بالآباء والأنساب والأحساب

- ‌83 - ومنها: الطعن في الأنساب

- ‌84 - ومنها: التنابز بالألقاب المشعرة بالذم

- ‌85 - ومنها: التمادح لا على وجه التقرب إلى الله تعالى بالإنصاف، وإنزال الناس منازلهم، بل على وجه المداهنة والمراءاة، والتقرب إلى قلوب الناس تحصيلًا للأغراض الفاسدة

- ‌86 - ومنها: التمدح وتزكية النفس

- ‌87 - ومنها: المشي في القميص من غير رداء، ونحوه مما يتم به التستر؛ لأن ذلك يؤدي إلى كشف العورة أو بدوها، وروح هذه الخصلة يرجع إلى قلة الحياء والتستر، وهما من الإيمان، وضدهما من الجهل

- ‌88 - ومنها: تبرج النساء

- ‌89 - ومنها: اعتزال الحائض في المسكن والمؤاكلة، وتقدم أن اليهود كذلك

- ‌90 - ومنها: اعتقاد العدوى

- ‌91 - ومنها: النياحة على الميت، والنعي، ولطم الخدود، وخمش الوجوه، وحلق الشعور ونشرها، وشق الجيوب في المصائب، والإسعاد في ذلك

- ‌92 - ومن أعمال أهل الجاهلية: الوصية بالنوح، والتعديد، واللطم، وما ذكر معه

- ‌93 - ومنها: الإحداد على الميت أكثر من ثلاث لغير الزوجة، وإحداد الزوجة أكثر من أربعة أشهر وعشر، أو من مدة الحمل

- ‌94 - ومنها - وهو من جنس الإحداد -: أن يغير هيئته لموت أبيه، أو ابنه، أو قريبه، ويخرج بهيئة مزرية خلاف عادته إظهارًا للحزن

- ‌95 - ومنها: أن يدفن مع الميت شيء من مال صامت، أو حيوان، أو يجعل عند قبره ليستأنس به، أو ليقيه من الأرض، أو لغير ذلك من الاعتقادات الفاسدة

- ‌96 - ومن أخلاق أهل الجاهلية: معاداة أولياء الله تعالى، وإيذاؤهم، وإخراجهم من أوطانهم

- ‌97 - ومنها: الغل، والحقد، والحسد، والعداوة، والبغضاء، والحمية

- ‌98 - ومنها: الأمن من مكر الله تعالى، واليأس من رحمته، وكفران نعمه وشدة الفرح بالنعمة مع نسيان المنعم بها، والفخر بما لا يملك، والبطر والاغترار بالله تعالى، والجزع من الضراء والمصاب

- ‌99 - ومنها: الإصرار والتمادي في الضلال، وعدم الاتعاظ بالآيات، وعدم الاستكانة والتضرع عند نزول البليات تجلُّداً على الله تعالى، ومكابرة في المعاندة لأمر الله تعالى

- ‌ تَتِمَّةٌ:

- ‌(14) باب النهي عن التشبه بالمنافقين

- ‌1 - فمن أخلاق المنافقين -وهو أقبحها

- ‌2 - ومنها: الاستهزاء بالدين وأهله

- ‌3 - ومنها: إظهار الإيمان، والصلاح، والزهد والورع مع إبطان أضدادها

- ‌4 - ومنها: الإفساد في الأرض

- ‌5 - ومنها: الظلم في الولاية، أو مطلقًا، ولا سيما في الولاية والعدوان

- ‌6 - ومنها: أن المنافق يدعي أن إفساده إصلاح، وأن ظلمه عدل

- ‌ تنبِيهٌ:

- ‌7 - ومنها: أن المنافق يُسفِّه المؤمن، ويرى أنه على ضلال وباطل

- ‌8 - ومنها: التلدُّد في الخصومة، وكثرة الخصومات -فإن كانت في غير الحق كانت أقبح

- ‌9 - ومنها: الفجور في الخصومة أو مطلقًا

- ‌10 - ومنها: التكبر عن امتثال الأمر بالتقوى، والأنفة من قبول الحق إذا دعي إليه

- ‌ تنبِيهٌ:

- ‌11 - ومن أخلاق المنافقين: اتباع الهوى

- ‌ تنبِيهٌ:

- ‌12 - ومن أخلاق المنافقين:

- ‌13 - ومنها: الخوض في الباطل واللعب

- ‌14 - ومنها: الوقيعة في أهل العلم، وحملة القرآن

- ‌15 - ومنها: السرور بمصيبة المؤمن، والشماتة له، والحزن والمَساءة بنعمته وحسنته

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌16 - ومنها: التكذيب بالخارق الذي يظهر على يد الصادق كمعجزة النبي، وكرامة الولي

- ‌17 - ومنها: التهاون بالصلوات الخمس، أو بواحدة منها، والتشاغل عند القيام إليها، وتأخيرها إلى وقت لا يسعها، وترك الطمأنينة فيها

- ‌ تنبيهٌ:

- ‌ تنبِيهٌ ثانٍ:

- ‌18 - ومن أخلاق المنافقين: القعود عن الجماعة، وعن شهود الجماعة في المسجد

- ‌ تنبِيهٌ:

- ‌19 - ومن أخلاق المنافقين:

- ‌20 - ومنها: ترك الصف الأول رغبة عنه إلا لعذر

- ‌21 - ومنها: أن يعتاد أن لا يهتم بتكبيرة الإحرام

- ‌22 - ومنها: ترك صلاة الجمعة ثلاثًا وَلَاء لغير عذر، وإن صلاها ظهراً

- ‌23 - ومنها: ثقل قراءة القرآن أو سماعه على القلب، والثاني أقبح

- ‌ تنبِيهٌ:

- ‌24 - ومن أخلاق المنافقين: الإقلال من ذكر الله تعالى

- ‌25 - ومن أعمال المنافقين، وأخلاقهم:

- ‌26 - ومنها: كثرة الخصومات والمحاربات

- ‌27 - ومنها: التلاعن والتساب

- ‌28 - ومنها: التربص بالمؤمنين ولو بواحد منهم

- ‌29 - ومنها: التمرد -وهو الأقدام- والعتو، والأَشَر، والبغي

- ‌30 - ومنها: إرادة الفتنة بالمسلمين، وتخذيلهم، وولاية أعدائهم عليهم

- ‌31 - ومنها: أن المنافق يرى أنه في فتنته على الحق، وأن خصمه المحق هو المفتتن

- ‌32 - ومنها: الخديعة، والمكر، واللؤم

- ‌33 - ومنها- ويدخل في ابتغاء الفتنة-: تتبع زلات العلماء

- ‌34 - ومنها: الخيانة والكذب -ولا سيما مع اليمين والحلف- وعصيان أولي الأمر، والخروج عليهم

- ‌ تنبِيهاتٌ:

- ‌ تَتِمَّةٌ:

- ‌35 - ومن أعمال المنافقين، وأخلاقهم: دعوى الدين ومقاماته لغير غرض صحيح، وخصوصاً التقصير في العمل الموافق للدعوى

- ‌36 - ومنها: ترك العمل بالعلم، والإرشاد إلى البر مع رفض التلبس به

- ‌37 - ومنها: المبادرة إلى التكلم بالشيء قبل تدبر عواقبه

- ‌38 - ومنها: الحرص على طلب الدنيا، والانهماك فيها، والاهتمام بتحصيلها

- ‌39 - ومنها: طلب رضي الناس بما يسخط الله تعالى، والحلف الكاذب لذلك

- ‌40 - ومنها: أن يظهر للناس أنه على خوف من الله تعالى وخشية، أو تقوى فوق ما عنده

- ‌41 - ومنها: سوء الظن بالله تعالى، وسوء الاعتقاد

- ‌42 - ومنها: إساءة الظن بالمسلمين فيما أحسنوا فيه، وحمل ذلك منهم على الرياء والغرض الفاسد

- ‌43 - ومنها: الرضا عند حصول الدنيا، والسخط بتحولها

- ‌44 - ومنها: شهود العطاء والمنع من غير الله تعالى

- ‌45 - ومنها: غلبة الفرح واللهو واللعب على العبد

- ‌46 - ومنها: الأمن من مكر الله تعالى، ومن سوء الخاتمة، والتحول من الإيمان إلى النفاق؛ والعياذ بالله

- ‌47 - ومن أخلاق المنافقين: قلة المروءة، وعدم الغيرة، والقيادة، والدياثة

- ‌48 - ومنها: التبتل

- ‌49 - ومنها: تبرج المرأة بالزينة

- ‌50 - ومنها: اختلاع المرأة نفسها من زوجها لغير ضرورة، وسؤالها إياه الطلاق من غير بأس

- ‌51 - ومنها: النثار، وانتهاب النثر في الولائم

- ‌52 - ومنها: سوء الخلق، والمل من الزوج، أو الصاحب، أو الثوب، أو غير ذلك مما يلائم أشرًا وبطراً، وهو داخل في سوء الخلق

- ‌54 - ومنها: الفرح بالدنيا، والترح بإدبارها، والغضب لها، والغرام بها

- ‌55 - ومن أخلاق المنافقين: طلب الدنيا بعمل الآخرة وذكرِ الله، والقلبُ مصر على المعصية، وذكرُه تعالى وهو يريد بذكره غرضاً فاسدًا

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌56 - ومن أعمال المنافقين: ركوب الأمور التي يعتذر منها، وارتكاب ما يستحى به، وعدم تذكر العواقب، والغش

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌57 - ومن قبائح المنافقين: سوء الاعتقاد، والشك في موعود الله تعالى، والاستخفاف بأمره

- ‌58 - ومنها: الفرار من الزحف، والتولي، ونقض المعاهدة على الثبات، بل وغيره من الأمور كما تقدم

- ‌59 - ومنها: التعويق عن الخير، والتثبيط عنه؛ جهادًا وغيره

- ‌60 - ومنها: العجب، والتكبر، والتجبر، والفساد اعتماداً على ما أوتيه من قوة الجسد، ودوام الصحة، وكثرة الأموال والأولاد، والتكبر وسيلة الاستكبار، وتكلف الكبر، ودعواه للنفس

- ‌61 - ومنها: استصغار الذنب، والاستخفاف به، والأمن من عقوبته، وعدم مراقبة الله تعالى في كل الأحوال

- ‌62 - ومنها: تمني المغفرة مع الإصرار على المعاصي

- ‌63 - ومنها: الاعتذار عن المعاصي والظلم بما ليس بعذر

- ‌64 - ومنها: التسويف بالتوبة حتى يدركه الموت

- ‌65 - ومنها: إظهار التوبة، وطلب الدعاء من الصالحين باللسان، والقلبُ على خلاف ذلك

- ‌66 - ومنها -وهي أقبح أعمال المنافقين وأجمعها للشر-: تشبههم بمن سلف قبلهم من اليهود والنصارى، والمشركين، والمنافقين، والفجار

- ‌ تَتِمَّةٌ:

- ‌فَصْلُ

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌خَاتمَة في ذِكْرِ فَوَائد مُتَمَّمَة لِهَذَا البَاب

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌النَّوْعُ الثَّالِث مِن القِسْمِ الثَّاني مِن الكِتَابِ في النَّهْيِ عَنِ التَّشَبُّهِ بالفَسَقَةِ

- ‌المَقَامُ الأوَّلُ في النَّهي عَنِ التَّشَبُّهِ بِالمُبتَدعَة

- ‌ القدرية

- ‌أحدها: الواصلية:

- ‌الفرقة الثانية: الهذيلية

- ‌الفرقة الثالثة: النظامية

- ‌ منهم: الأسواري:

- ‌ ومنهم: الفضل الحدثي، وأحمد بن خابط

- ‌الفرقة الرابعة: البِشرية

- ‌الفرقة الخامسة: المعمرية

- ‌الفرقة السادسة: المردارية

- ‌الفرقة السابعة: الثمامية

- ‌الفرقة الثامنة: الهشامية

- ‌الفرقة التاسعة: الجاحظية

- ‌الفرقة العاشرة: الخياطية

- ‌الفرقة الحادية عشرة: الجُبَّائية

- ‌إحداها: الجهمية

- ‌الفرقة الثانية من الجَبَرية: النَّجَّارية

- ‌الفرقة الثالثة: الضرارية، والحفصية

- ‌ المشبهة:

- ‌إحداهما: الحشوية:

- ‌الفرقة الثانية: الكَرَّامية

- ‌ المرجئة:

- ‌إحداها: اليونسية

- ‌الثانية: العبدية

- ‌ الثالثة: الغسَّانية

- ‌ الرابعة: الثوبانية

- ‌ الخامسة: الغيلانية

- ‌ السادسة: التومنية

- ‌ السابعة: الصالحية

- ‌ الثامنة: الشمرية

- ‌ الخوارج:

- ‌الْمُحَكِّمة الأولى: وهم الحرورية

- ‌الفرقة الثّانية من الخوارج: الأزارقة

- ‌ ومن قبائح الأزارقة:

- ‌الفرقة الثّالثة من الخوارج: النجدية

- ‌الفرقة الرّابعة: البيهسية

- ‌الفرقة الخامسة: العجاردية

- ‌الفرقة السّادسة من الخوارج: الإباضية

- ‌الفرقة السابعة من الخوارج: الأصفرية الزيادية

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌ الشيعة:

- ‌ الكيسانية:

- ‌ المختارية

- ‌ الهاشمية

- ‌ الجعفرية

- ‌ الحلولية:

- ‌ البيانية

- ‌ الرِّزامية

- ‌ السليمانية

- ‌ الإمامية:

- ‌إحداها الناروسية

- ‌الفرقة الثّانية: الواقفية

- ‌الفرقة الثّالثة: الموسوية

- ‌ الغلاة:

- ‌ فرقة يقال لهم بأصبهان: خرمية، وكودية، وبالري: مزدكية، وسادنية، وبأذربيجان: دقولية، وبما وراء النهر: مبيضة، وبموضع آخر: محمرة

- ‌الفرقة الثّانية من الغلاة: الكاملية

- ‌الفرقة الثّالثة: العلبائية

- ‌الفرقة الرّابعة من الغلاة: المغيرية

- ‌الفرقة الخامسة من الغلاة: المنصورية

- ‌الفرقة السّادسة من الغلاة: الخطابية

- ‌الفرقة السابعة من الغلاة: الكيالية

- ‌الفرقة الثامنة من الغلاة: الهشامية

- ‌الفرقة التّاسعة من الغلاة: الزرارية

- ‌الفرقه العاشرة: النعمانية، ويقال لهم: الشيطانية

- ‌الفرقة الحادية عشرة: اليوسفية

- ‌الفرقة الثّانية عشرة: النصيرية، ويقال لهم: الإسحاقية

- ‌ تَتِمَّةٌ:

- ‌ الإسماعيلية:

- ‌ ومن عقائدهم الفاسدة:

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌المَقَامُ الثَّانِي فِي النَّهْي عَنِ التَّشَبُّهِ بغَيْرِ المُبْتَدِعَةِ مِن الفَسَقَةِ

- ‌الفَصْلُ الأوَّلُ

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌الفَصْلُ الثَّاني

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌الفّصْلُ الثَّالِثُ

- ‌ تَتِمَّةٌ:

الفصل: ‌المقام الأول في النهي عن التشبه بالمبتدعة

‌المَقَامُ الأوَّلُ في النَّهي عَنِ التَّشَبُّهِ بِالمُبتَدعَة

قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [الأنعام: 159]؛ أي: أنت بريء منهم.

قيل: هم أهل الكتاب.

وقيل: المشركون بعضهم يعبد الملائكة، وبعضهم يعبد الأصنام.

وقيل: هم أهل البدع.

وهذا هو الأقرب؛ لأن براءة النبي صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى وسائر المشركين كانت معلومة محققة قبل نزول الآية، وإنما المراد أن الذين فرقوا دينهم من أمتك لست منهم في شيء وإن كانوا ينسبون إلى اتباعك والاقتداء بك.

روى الطبراني في "الأوسط" بإسناد حسن، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:{إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [الأنعام: 159]؛ قال: هُمْ أَهْلُ الْبِدَعِ وَالأَهْواءِ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ" (1).

(1) رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(664). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 23): ورجاله رجال الصحيح، غير معلل بن نفيل، وهو ثقة.

ص: 319

وأخرج في "الصغير" بإسناد جيد، عن عمر رضي الله تعالى عنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رضي الله تعالى عنها: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا} [الأنعام: 159]: هُمْ أَصْحابُ الْبِدَعِ وَأَصْحابُ الأَهْواءِ، لَيْسَ لَهُمْ تَوْبةٌ، أنا مِنْهُمْ بَرِيْءٌ وَهُمْ مِنِّي بُرآءُ" (1).

وقال الله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} [الأنعام: 68].

روى ابن جرير عن أبي جعفر محمد بن علي رضي الله تعالى عنه وعن آبائه أنه قال: لا تجالسوا أهل الخصومات؛ فإنهم الذين يخوضون في آيات الله (2).

قال ابن العربي: وهذا يدل على أن مجالسة أهل الكبائر لا تحل. نقله القرطبي (3).

ونقل عن ابن خواز مِنداد أنه قال: من خاض في آيات الله تُركت مجالسته وهجر -مؤمنا كان، أو كافراً-.

قال: ولذلك منع أصحابنا -يعني: المالكية- الدخول [إلى] أرض العدو، ودخول الكنائس، والبِيَع، ومجالسة الكفار، وأهل البدع، وأن لا تُعتقد مودتهم، ولا يسمع كلامهم، ولا مناظرتهم.

(1) رواه الطبراني في "المعجم الصغير"(560). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 188): وفيه بقية ومجالد بن سعيد، وكلاهما ضعيف.

(2)

رواه الطبري في "التفسير"(7/ 229).

(3)

انظر: "تفسير القرطبي"(7/ 13).

ص: 320

وقد قال بعض أهل البدع لأبي عمران النخعي رحمه الله تعالى: اسمع مني كلمة، فأعرض عنه وقال: ولا نصف كلمة.

ومثله عن أيوب السختياني رحمه الله تعالى.

وقال الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى: من أحب صاحب بدعة أحبط الله عمله، وأخرج نور الإسلام من قلبه، ومن زوج كريمته من مبتدع فقد قطع رحمها، ومن جلس مع صاحب بدعة لم يعط الحكمة، وإذا علم الله من رجل أنه يبغض صاحب بدعة رجوت أن يغفر له.

وروى الحاكم عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ وَقَّرَ صاحِبَ بِدْعَةٍ فَقَدْ أَعانَ عَلى هَدْمِ الإِسْلامِ"(1).

قال القرطبي: فبطل بهذا كله قول من زعم أن مجالستهم جائزة، انتهى (2).

وإذا كان هذا قول العلماء في مجالسة أهل البدع، وسماع مناظرتهم، فما ظنك بالتشبه بهم؟

(1) ورواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(6772).

(2)

انظر: "تفسير القرطبي"(7/ 13). والحديث تفرد به الحسن بن يحيى الخشني، قال ابن حجر في "تقريب التهذيب" (ص: 164): صدوق كثير الغلط. وقال ابن عدي في "الكامل"(2/ 324) -بعد أن نقل هذا الحديث وغيره-: هذا أنكر ما رأيت له.

ص: 321

وروى أبو نعيم عن أبي خالد الأحمر رحمه الله تعالى قال: كان عمرو بن قيس المُلائي رحمه الله تعالى يقول: لا تجالس صاحب زيغ فيزيغَ قلبك (1).

وعن سفيان الثوري رحمه الله تعالى قال: من سمع ببدعة فلا يَحْكِها لجلسائه، لا يلقيها في قلوبهم (2).

وروى الإمام أحمد، وابن ماجه، والحاكم وصححه، واللالكائي عن عِرباض بن سارية رضي الله عنه قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة دمعت منها الأعين، ووَجِلت منها القلوب، قلنا: يا رسول الله! هذه موعظة مودع، فما تَعْهَد إلينا؟ قال:"قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلى الْبَيْضاءِ، لَيْلُها كَنَهارِها، لا يَزِيغُ عَنْها إِلَاّ هالِكٌ، وَمَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلافاً كَثِيراً؛ فَعَلَيْكُمْ بِما عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي، وَسُنَّةِ الْخُلَفاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْها بِالنَّواجِذِ، وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ وَإِنْ كانَ عَبْداً حَبَشِيًّا، وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ كَالْجَمَلِ الأَنِفِ حَيْثُ قِيدَ انْقادَ"(3).

رواه أبو داود، والترمذي، وصححه بلفظ آخر (4).

(1) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(5/ 103).

(2)

رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(7/ 34).

(3)

رواه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 126)، وابن ماجه (43)، والحاكم في "المستدرك"(331)، واللالكائي في "اعتقاد أهل السنة"(1/ 22).

(4)

رواه أبو داود (4607)، والترمذي (2676) وصححه.

ص: 322

وروى مسلم عن جابر رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أَمَّا بَعْدُ: فَأَحْسَنُ الْحَدِيثِ كِتابُ اللهِ، وَخَيْرُ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثاتُها، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ"(1).

وروى أبو نعيم عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَهْلُ الْبِدَعِ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ"(2).

وروى ابن ماجه عن حذيفة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يَقْبَلُ اللهُ لِصاحِبِ بِدْعَةٍ صَلاةً، وَلا صَوْماً، وَلا صَدَقَةً، وَلا حَجًّا، وَلا عُمْرَةً، وَلا صَرْفاً وَلا عَدْلاً؛ يَخْرُجُ مِنَ الإِسْلامِ كَما تَخْرُجُ الشَّعْرَةُ مِنَ الْعَجِينِ"(3).

ومن ثم قال أحمد بن أبي الحواري رحمه الله تعالى: من عمل بلا اتباع سنة فباطل عمله. رواه القشيري في "رسالته"(4).

وقال عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه: إياكم وما يحدث الناس من البدع؛ فإن الدين لا يَذْهب من القلوب بِمَرَّة، ولكن الشيطان

(1) رواه مسلم (867).

(2)

رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(8/ 291)، والطبراني في "المعجم الأوسط" (3958). قال الذهبي في "ميزان الاعتدال" (6/ 322): غريب جداً.

(3)

رواه ابن ماجه (49). وفيه محمد بن محصن. قال ابن حجر في "تقريب التهذيب"(ص: 505): كذبوه.

(4)

رواه القشيري في "رسالته"(ص: 45).

ص: 323

يحدث له بدعاً حتى يخرج الإيمان من قلبه، ويوشك أن يدع الناس ما ألزمهم الله من فرضه في الصلاة والصيام، والحلال والحرام، ويتكلمون في ربهم عز وجل، فمن أدرك ذلك الزمان فليهرب.

قيل: يا أبا عبد الرحمن! فإلى أين؟

قال: إلى لا أين؛ يهرب بقلبه ودينه، لا تجالس أحداً من أهل البدع (1).

وقال الحسن رحمه الله تعالى: أهل الأهواء بمنزلة اليهود والنصارى (2).

وقال: لا تجالسوا أهل الأهواء، ولا تجادلوهم، ولا تسمعوا منهم (3).

وقال أبو الجوزاء رحمه الله تعالى: لأن يجاورني قردة وخنازير أحب إلي من أن يجاورني أحد من أصحاب الأهواء (4).

قال أبو قلابة رحمه الله تعالى: لا تجالسوهم ولا تخالطوهم؛ فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم، ويلَبِّسوا عليكم كثيراً مما تعرفون (5).

(1) رواه اللالكائي في "اعتقاد أهل السنة"(1/ 112).

(2)

رواه اللالكائي في "اعتقاد أهل السنة"(1/ 131).

(3)

رواه اللالكائي في "اعتقاد أهل السنة"(1/ 133).

(4)

رواه اللالكائي في "اعتقاد أهل السنة"(1/ 131).

(5)

رواه اللالكائي في "اعتقاد أهل السنة"(1/ 134).

ص: 324

بيَّن أبو قلابة أن النهي عن مجالستهم سببه أن مجالستهم قد تفضي إلى التشبه بهم في بدعتهم وضلالتهم.

وقال أيوب السختياني: قال لي أبو قلابة: يا أيوب! احفظ عني أربعاً: لا تقولن في القرآن برأيك، وإياك والقدرَ، وإذا ذُكر أصحابُ محمد صلى الله عليه وسلم فأمسك، ولا تمكِّن أصحاب الأهواء من سمعك (1).

وقال قتادة رحمه الله تعالى: إن الرجل إذا ابتدع بدعة في طريق فخذ في غيره (2).

وقال إسماعيل الطوسي: قال لي ابن المبارك رحمه الله تعالى: يكون مجلسك مع المساكين، وإياك أن تجالس صاحب بدعة (3).

وقال الفضيل رحمه الله تعالى: من أتاه رجل يشاوره فَدَلَّه على مبتدع فقد غَشَّ الإسلام، واحذروا من الدخول على أصحاب البدع؛ فإنهم يصدون عن الحق (4).

وقال رحمه الله تعالى: لا تجلس مع صاحب بدعة؛ فإني أخاف

(1) رواه اللالكائي في "اعتقاد أهل السنة"(1/ 134).

(2)

رواه اللالكائي في "اعتقاد أهل السنة"(1/ 137).

(3)

رواه اللالكائي في "اعتقاد أهل السنة"(1/ 137)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(9481).

(4)

رواه اللالكائي في "اعتقاد أهل السنة"(1/ 137)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء"(8/ 103).

ص: 325

أن تنزل عليك اللعنة (1).

وقال: صاحب البدعة لا تأمنه على دينك، ولا تشاوره في أمرك، ولا تجلس إليه، فمن جلس إلى صاحب بدعة وَرَّثه الله العمى (2).

روى هذه الآثار اللالكائي في "السنة"، وغيره.

وقال أحمد بن عبد الله بن يونس: سمعت مالك بن أنس رضي الله تعالى عنه يقول: لو أن رجلاً ارتكب الكبائر كلها ما خلا الشركَ بالله تعالى لرجوت أن يجعله الله تعالى في الفردوس الأعلى إذا سلَّمه الله تعالى من الأهواء والبدع (3).

وقال حميد الطويل رحمه الله تعالى: دخلنا على أبي العالية الرباحي -ونحن شببة- فقال: أرى عليكم من الإسلام سيما خير إن لم تكونوا حرورية، ومن أصحاب الأهواء (4).

وقال سفيان بن عيينة رحمه الله تعالى: مَنْ برَّأه الله عز وجل من هذه الأهواء، ومن هذا السلطان فما أحسنَ حالَه (5).

(1) رواه اللالكائي في "اعتقاد أهل السنة"(1/ 137)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء"(8/ 103).

(2)

رواه اللالكائي في "اعتقاد أهل السنة"(1/ 138).

(3)

رواه نصر المقدسي كما في "مختصر الحجة"(ص: 296).

(4)

رواه نصر المقدسي كما في "مختصر الحجة"(ص: 297).

(5)

رواه نصر المقدسي كما في "مختصر الحجة"(ص: 297).

ص: 326

وقال أحمد بن أبي يونس: سمعت رجلاً يقول لسفيان -يعني: الثوري-: يا أبا عبد الله! أوصني.

قال: إياك والأهواءَ، إياك والخصومةَ، إياك والسلطانَ (1).

وقال يحيى بن أبي كثير رحمه الله تعالى: إذا رأيت صاحب بدعة في طريق فخذ في طريق غيره (2).

وقال إبراهيم الخواص رحمه الله تعالى: العافية أربعة أشياء: دين بلا بدعة، وعمل بلا آفة، وقلب بلا شغل، ونفس بلا شهوة.

روى هذه الآثار الشيخ نصر المقدسي في كتاب "الحجة".

روى أبو نعيم عن سفيان الثوري قال: البدعة أحب إلى إبليس من المعصية؛ فإن المعصية يُتاب منها، والبدعة لا يتاب منها (3).

وعنه قال: من أصغى سمعَه إلى صاحب بدعة فقد خرج من عصمة الله تعالى (4).

وروى ابن أبي حاتم في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ} [الأعراف: 152][عن سفيان بن عيينة] قال: كل صاحب

(1) رواه نصر المقدسي كما في "مختصر الحجة"(ص: 298).

(2)

تقدم تخريجه.

(3)

رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(7/ 26)، وكذا ابن الجعد في "مسنده" (1809) (ص: 272).

(4)

رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(7/ 26).

ص: 327

بدعة ذليل (1).

وروى أبو الشيخ عن سفيان بن عيينة رحمه الله تعالى قال: ليس في الأرض صاحب بدعة إلا وهو يجد ذِلَّة تغشاه.

قالوا: أين هي؟

قال: أو ما سمعتم قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الأعراف: 152]؟

قالوا: يا أبا محمد! هذه لأصحاب العجل خاصة؟

قال: اقرأ ما بعدها {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ} [الأعراف: 152]، فهي لكل مفترٍ ومبتدع إلى يوم القيامة (2).

وروى البيهقي في "شعب الإيمان" عنه قال: لا تجد مبتدعاً إلا وجدته ذليلاً، ألم تسمع إلى قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ} [الأعراف: 152] الآية (3)؟ وأنشد ابن قتيبة في كتاب "تأويل مختلف الحديث" لعبد الله بن مصعب: [من المتقارب]

(1) رواه ابن أبي حاتم في "التفسير"(5/ 1571)، وكذا الطبري في "التفسير"(9/ 70).

(2)

ورواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(7/ 280).

(3)

رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(9522).

ص: 328

تَرى الْمَرْءَ يُعْجِبُهُ أَنْ يَقُولَا

وَأَسْلَمُ لِلْمَرْءِ أَنْ لا يَقُولا

فَأَمْسِكْ عَلَيْكَ فُضولَ الْكَلامِ

فَإِنَّ لِكُلِّ كَلامٍ فُضُولاً

وَلا تَصْحَبَنَّ أَخا بِدْعَةٍ

وَلا تْسَمَعَنَّ لَهُ الدَّهْرَ قِيلا

فَإِنَّ مَقالَتَهُمْ كَالظِّلا

لِ تُوْشِكُ أَفْياؤُها أَنْ تَزُولا

وَقَدْ أَحْكَمَ اللهُ آياتِهِ

وَكانَ الرَّسُولُ عَلَيْها دَلِيلا

وَأَوْضَحَ لِلْمُسْلِمِينَ السَّبِيلَ

فَلا تَتْبَعَنَّ سِواها سَبِيلا

أُناسٌ لَهُمْ رِيْبَةٌ فِي الصُّدُورِ

وَيُخْفُونَ فِي الْجَوْفِ مِنْها غَلِيلا

إِذا أَحْدَثُوا بِدْعَةً فِي الْقُرَانِ

تَعادَوا عَلَيْها فَكانُوا عُدُولا

فَخَلِّهِمُ وَالَّذِي يُحْدِثُونَ

وَوَلِّهِمُ مِنْكَ صَمْتاً جَمِيلا (1)

واعلم أن البدع كثيرة لأنها سبل الشيطان، وقد تقدم أنها متعددة، وطريق السنة واحد كما وقعت الإشارة إلى ذلك بقوله تعالى:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153].

وقد تقدم الكلام على الآية، وأن النبي صلى الله عليه وسلم فسر السبل بطرق الشيطان، وبين أنها متعددة، وأن سبيل الحق واحد، وهو الصراط المستقيم، وهو طريق أهل السنة والجماعة، فمن انحرف عن طريقهم في الاعتقاد فهو مبتدع، أو متشبه بأهل البدعة والضلالة.

(1) انظر: "تأويل مختلف الحديث" لابن قتيبة (ص: 62).

ص: 329

والمراد بطريق أهل السنة والجماعة ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام، وهو ما عليه السواد الأعظم من المسلمين في كل زمان، وهم الجماعة، والطائفة الظاهرون على الحق، والفرقة الناجية من ثلاث وسبعين فرقة.

روى أصحاب السنن -وصححه الترمذي- عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم "افْتَرَقَتِ الْيَهُودُ عَلى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَتَفَرَّقَتِ النَّصارَى عَلى اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقةً، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقةً؛ كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلَاّ واحِدَةٌ".

قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: "ما أَنا عَلَيْهِ وَأَصْحابِي"(1).

وروي هذا الحديث من طرق أخرى:

- منها: رواية عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما، وقال فيها:"كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلَاّ مِلَّةٌ واحِدَةٌ".

قالوا: من هي يا رسول الله؟

قال: "ما أَنا عَلَيْهِ وَأَصْحابِي". حسنه الترمذي (2).

(1) رواه أبو داود (4596)، والترمذي (2640) وصححه، وابن ماجه (3991).

(2)

رواه الترمذي (2641) وقال: هذا حديث مفسر غريب.

ص: 330

- ومنها: رواية معاوية رضي الله تعالى عنه قال فيها: "اثْنَتانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ وَواحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَهِيَ الْجَماعَةُ". رواه أبو داود، وغيره (1).

- ومنها: رواية ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وقال فيها:"كُلُّها فِي النَّارِ إِلَاّ واحِدَةٌ".

فقيل: وما هذه الواحدة؟

فقبض على يده، وقال:"الْجَماعَةُ؛ فَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا". رواه [ابن جرير، وابن أبي حاتم].

وقوله في الآية والحديث: {وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103] يعني: في أحوال الديانات والاعتقاد كما روي عن ابن مسعود، وغيره (2).

وقيل: المعنى: ولا تفرقوا متبعين للهوى والأغراض المختلفة.

وعليهما: فليس في الآية نهي عن الاختلاف في الفروع والأحكام، إذ المنهي عنه إنما هو اختلاف يؤدي إلى إفساد وتقاطع، وليس ذلك إلا في الاختلاف في العقائد والأصول.

(1) رواه أبو داود (4597).

(2)

رواه الطبري في "التفسير"(4/ 32)، وابن أبي حاتم في "التفسير"(3/ 723)، وابن ماجه (3993) مختصراً. لكن عن أنس رضي الله عنه.

ص: 331

وأما الاختلاف في مسائل الاجتهاد فإنه سبب لاستخراج الحقوق والفرائض، وظهور دقائق الشريعة، ولم تزل الصحابة والعلماء بعدهم مختلفين في أحكام الحوادث، وهم مع ذلك متواصلون (1).

وفي الحديث: "اخْتِلافُ أُمَّتِي رَحْمَةٌ" كما نقله خلائق من العلماء؛ منهم الشيخ نصر المقدسي، والحليمي، والبيهقي، وإمام الحرمين (2).

(1) قال ابن قدامة المقدسي في "لمعة الاعتقاد"(ص: 35): أما النسبة إلى إمام في فروع الدين، كالطوائف الأربعة فليس بمذموم، فإن الاختلاف في الفروع رحمة، والمختلفون فيه محمودون في اختلافهم، مثابون في اجتهادهم، واختلافهم رحمة واسعة، واتفاقهم حجة قاطعة.

(2)

قال المناوي في "فيض القدير"(1/ 212): قال السبكي: وليس هذا الحديث بمعروف عند المحدثين، ولم أقف له على سند صحيح ولا ضعيف ولا موضوع. وأسنده في "المدخل"، وكذا الديلمي في "مسند الفردوس" كلاهما من حديث ابن عباس مرفوعا بلفظ "اختلاف أصحابي رحمة"، قال الحافظ العراقي: سنده ضعيف. وقال ولده أبو زرعة: رواه أيضاً آدم بن إياس في كتاب العلم والحلم بلفظ "اختلاف أصحابي لأمتي رحمة"، وهو مرسل ضعيف. وفي "طبقات ابن سعد" عن القاسم بن محمد نحوه. وأخرج البيهقي في "المدخل" عن القاسم بن محمد، أو عمر بن عبد العزيز: لا يسرني أن أصحاب محمد لم يختلفوا، لأنهم لو لم يختلفوا لم تكن رخصة. قال الإمام النووي في "شرح مسلم" (11/ 92): لا يلزم من كون الشيء رحمة أن يكون ضده عذاباً، قال الخطابي: والاختلاف في الدين ثلاثة أقسام؛ أحدها في إثبات الصانع ووحدانيته، وإنكار ذلك كفر، والثاني: في صفاته ومشيئته وإنكارها بدعة، والثالث: في أحكام الفروع المحتملة وجوهاً، فهذا جعله الله تعالى رحمة وكرامة للعلماء.

ص: 332

ومن هذا القبيل اختلاف الأئمة الأربعة رضي الله تعالى عنهم، وكلُّهم على هدى من ربهم ورحمة، وهم مثابون مأجورون، لهم أجورهم ومثل أجور متبعيهم.

ومنه أيضاً اختلاف العلماء في العلوم الشرعية، وما يحتاج إليه فيها، حيث إن منهم من مال إلى الحديث، ومنهم من مال إلى التفسير، ومنهم من مال إلى الفقه، ومنهم من مال إلى العربية.

وكذلك اختلاف الصوفية رضي الله تعالى عنهم في رياضات النفوس وتربية المريدين؛ كل واحد سلك هو ومريدوه طريقة، فمنهم من طريق المجاهدات، ومنهم من طريقة المعاملات.

وقد قال الشيخ نجم الدين الكبري رحمه الله تعالى: الطرق إلى الله عدد أنفاس الخلائق؛ أي: من حيث السلوك لا من حيث الاعتقاد؛ فإن عقائد أولياء الله تعالى متواردة على عقيدة واحدة، وهي عقيدة أهل السنة والجماعة.

وكذلك اختلاف أهل الصنائع والحِرف في صنائعهم وحرفهم؛ كل ذلك داخل في قوله صلى الله عليه وسلم: "اخْتِلافُ أُمَّتِي رَحْمَةٌ".

وأما اختلافهم في الأصول فإنه عذاب كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الْجَماعَةُ رَحْمَةٌ وَالْفُرْقَةُ عَذابٌ". رواه عبد الله ابن الإمام أحمد في "زوائد المسند"، والقضاعي عن النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما (1).

***

(1) رواه عبد الله ابن الإمام أحمد في "زوائد المسند"(4/ 375)، والقضاعي في "مسند الشهاب"(15)، ورواه ابن أبي عاصم في "السنة"(1/ 44).

ص: 333

فَصَلٌ

حيث علمت أن المبتدعة اثنتان وسبعون فرقة خالفوا أهل السنة والجماعة في الاعتقادات، فينبغي أن نشير لك إليهم؛ إذ لا يمكننا الإحاطة بمذاهبهم، فلا أقل من الإشارة إلى تعيينهم بالألقاب، وإلى أصول مذاهبهم الخبيثة وذكر أئمتهم لتكون حَذوراً من التشبه بهم في شيء مما هم عليه؛ فإن من تشبه بفرقة منهم حُشر مع تلك الفرقة تحت لواء إمامها كما قال الله تعالى:{يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} [الإسراء: 71].

فالصادق المصدوق المفضل على سائر الأنبياء عليهم السلام، المقدم على جميع أهل الاقتداء، محمد بن عبد الله بن عبد المطلب القرشي الهاشمي المصطفى المختار صلى الله عليه وسلم هو إمام الفرقة الناجية يحشرون تحت لوائه، وَيرِدون حوضَه صلى الله عليه وسلم، وغيرهم من الفرق تحت لواء معبد الجهني، أو جهم بن صفوان، أو بشر بن بسر، أو غيرهم من رؤوس الضلالة وأئمة البدعة؛ فانظر أنت تحت أي لواء تريد تكون يوم القيامة، فاعمل بعمل أهله.

روى أبو يعلى بإسناد جيد، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنَّ فِي أُمَّتِي نَيِّفاً وَسَبْعِينَ داعِياً،

ص: 334

كُلُّهُمْ داعٍ إِلَى النَّارِ" (1).

اعلم أن أصول الفرق ستة:

- القدرية.

- والجبرية.

- والمشبهة.

- والمرجئة.

- والخوارج.

- والشيعة.

فأما القدرية: فهم الذين يقولون: لا قدر، والأمر أنف، والعبد خالق لأفعال نفسه، ونفَوا صفات الله جميعاً، وأوجبوا تأويل أحاديث الصفات وآياتها.

وقالوا: يجب على الله تعالى مراعاة مصلحة العبد، وأنكروا رؤية الله بالأبصار يوم القيامة، وقالوا بخلود المؤمن إذا فعل كبيرة في النار ما لم يتب، وأوجبوا شكر المنعم بالعقل قبل ورود الشرع، وسموا أنفسهم: أهل التوحيد، وأهل العدل، وسماهم الناس معتزلة، وقدرية لأنهم نفوا القدر.

(1) رواه أبو يعلى في "المسند"(5701). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 259): فيه ليث بن أبي سليم، وهو مدلس، وبقية رجاله ثقات.

ص: 335

روى الإمام أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لِكُلِّ أُمَّةٍ مَجُوسٌ، وَمَجُوسُ أُمَّتِي الَّذِينَ يَقُولُونَ: لا قَدَرَ؛ إِنْ مَرِضُوا فَلا تَعُودُوهُمْ، وَإِنْ ماتُوا فَلا تَشْهَدُوهُمْ"(1).

ورواه أبو داود، والحاكم وصححه، ولفظهما:"الْقَدَرِيَّةُ مَجُوسُ هَذِهِ الأُمَّةِ"، وذكر الحديث (2).

وروى اللالكائي عن محمد بن كعب القرظي رحمه الله تعالى قال: ذُكرت القدرية عند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: إذا كان يوم القيامة جمع الناس في صعيد واحد، فينادي مناد يسمعه الأولون والآخرون: أين خصماء الله؟ فتقوم القدرية (3).

وروى الخطيب في "تالي التلخيص" عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُنادِي مُنادٍ يَوْمَ القِيامَةِ: لِيَقُمْ خُصَماءُ اللهِ، وَهُمُ الْقَدَرِيَّةُ"(4).

وفي "صحيح مسلم": أن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما تبرأ من معبد الجهني وأصحابه القائلين بأن الأمر أنف، وأنه لا قدر، وقال:

(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 86).

(2)

رواه أبو داود (4691)، والحاكم في "المستدرك"(286).

(3)

رواه اللالكائي في "اعتقاد أهل السنة"(4/ 633).

(4)

رواه الخطيب البغدادي في "تالي تلخيص المتشابه"(1/ 229). وكذا الطبراني في "المعجم الأوسط"(6510)، وابن أبي عاصم في "السنة"(1/ 148)، لكن عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه. قال الدارقطني في "العلل" (2/ 71): الحديث غير ثابت.

ص: 336

والذي يحلف عليه عبد الله بن عمر! لو أن لأحدهم مثل أحد ذهباً فأنفقه، ما قَبِلَ اللهُ منه حتى يؤمن بالقدر (1).

روى اللالكائي عن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"ما هَلَكَتْ أُمَّةٌ قَطُّ إِلَاّ بِالشِّرْكِ بِاللهِ، وَما أَشْرَكَتْ أُمَّةٌ حَتَّى يَكُونَ بَدْءُ شِرْكِها التَّكْذِيبَ بِالْقَدَرِ"(2).

وروى الطبراني في "الأوسط" عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَمْ يَكُنْ شِرْكٌ مُنْذُ هَبَطَ آدَمُ عليه السلام مِنَ السَّماءِ إِلَى الأَرْضِ إِلَاّ كانَ بَدْؤُهُ التَّكْذِيبَ بِالْقَدَرِ، وَما أَشْرَكَتْ أُمَّةٌ إِلَاّ بِتَكْذِيبٍ بِالْقَدَرِ"(3).

وروى الإمام أحمد، واللالكائي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أن رجلاً قدم علينا يكذب بالقدر فقال: دلوني عليه -وهو يومئذ أعمى- فقالوا له: ما تصنع به؟

(1) رواه مسلم (8).

(2)

رواه اللالكائي في "اعتقاد أهل السنة"(4/ 624)، وكذا البخاري في "التاريخ الكبير"(7/ 163)، والطبراني في "المعجم الصغير" (1059). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 204): فيه عمر بن يزيد النصري، من بني نصر، ضعفه ابن حبان، وقال: يعتبر به.

(3)

رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(7631). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 204): وفيه سلم بن سالم، ضعفه جمهور الأئمة أحمد وابن المبارك ومن بعدهم، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به.

ص: 337

فقال: والذي نفسي بيده! لئن استمكنت منه لأعضن أنفه حتى أقطعه، ولئن دققت رقبته بيدي لأدقنها، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كَأَنِّي بِنِساءِ بَنِي فِهْرٍ يَطُفْنَ بالْخَزْرجِ تَصْطَكُّ أَلْياتُهُنَّ مُشْرِكاتٍ، وَهَذا أَوَّلُ شِرْكٍ فِي الإِسْلامِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا يَنْتَهِي بِهِمْ سُوءُ رَأْيِهِمْ حَتَّى يُخْرِجُوا اللهَ مِنْ أَنْ يُقَدِّرَ الْخَيْرَ كَما أَخْرَجُوهُ مِنْ أَنْ يُقَدِّرَ الشَّرَّ"(1).

قلت: هذا الحديث يدل على أن أول ما قيل في إنكار القدر أنه قيل: إن الخير بقدر الله دون الشر، ثم قيل: إنهما ليسا بقدر الله تعالى.

وروى البخاري في "التاريخ"، والترمذي وحسنه، وابن ماجه، واللالكائي عن ابن عباس، وابنُ ماجه، وابن أبي عاصم في "السنة" عن جابر، وابن عباس، والخطيبُ عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهم قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صِنْفانِ مِنْ أُمَّتِي لَيْسَ لَهُما فِي الإِسْلامِ نَصِيبٌ: الْمُرْجِئَةُ، وَالْقَدَرِيَّةُ"(2).

(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 330)، واللالكائي في "اعتقاد أهل السنة" (4/ 625). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 204): رواه أحمد من طريقين، وفيهما أحمد بن عبيد المكي، وثقه ابن حبان، وضعفه أبو حاتم، وفي إحداهما رجل لم يسم، وسماه في الأخرى العلاء بن الحجاج، ضعفه الأزدي، وقال في "المسند": إن محمد بن عبيد سمع ابن عباس.

(2)

رواه البخاري في "التاريخ الكبير"(4/ 133)، والترمذي (2149) وقال: غريب حسن صحيح، وابن ماجه (62)، واللالكائي في "اعتقاد أهل السنة"(4/ 641) عن ابن عباس رضي الله عنهما.=

ص: 338

وروى ابن عدي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صِنْفانِ مِنْ أُمَّتِي لا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: الْقَدَرِيِّةُ، وَالْمُرْجِئَةُ"(1).

وروى أبو نعيم عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صِنْفانِ مِنْ أُمَّتِي لا تَنالُهُمْ شَفاعَتِي يَومَ الْقِيامَةِ: الْمُرْجِئَةُ، وَالْقَدَرِيَّةُ"(2).

وروى اللالكائي عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى رحمهم الله تعالى، عن أبيه، عن جده -مرسلاً- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صِنْفانِ مِنْ أُمَّتِي لا يَرِدانِ عَلَيَّ الْحَوْضَ: الْقَدَرِّيةُ، وَالْمُرْجِئَةُ"(3).

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لعنت القدرية على لسان سبعين نبياً؛

= وابن ماجه (73)، وابن أبي عاصم في "السنة"(2/ 462) عن جابر، وابن عباس رضي الله عنهم.

والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد"(5/ 367) عن ابن عمر رضي الله عنه. وقال: وهذا حديث منكر من هذا الوجه جداً كالموضوع.

(1)

رواه ابن عدي في "الكامل"(2/ 257) وقال: منكر، ومحمد القشيري مجهول.

(2)

رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(9/ 254). وذكره الخطيب البغدادي في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع"(2/ 170)، ونقل عن أبي حاتم أنه سئل عن هذا الحديث وغيره، فأجاب أبو حاتم بخطه: ما روى هذه الأحاديث إلا كذاب.

(3)

رواه اللالكائي في "اعتقاد أهل السنة"(4/ 642)، وكذا ابن أبي عاصم في "السنة"(2/ 462).

ص: 339

منهم نبينا صلى الله عليه وسلم (1).

وروى الدارقطني في "العلل" عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لُعِنَتِ الْقَدَرِيَّةُ عَلى لِسانِ سَبْعِينَ نَبِيًّا"(2).

وروى البزار، والطبراني في "الكبير" -بإسنادين أحدهما صحيح- عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما بَعَثَ اللهُ نَبِيًّا قَطُّ إِلَاّ يَجْعَلُ بَعْدَهُ فَتْرةً، وَمَلأَ مِنْ تِلْكَ الْفَتْرَةِ جَهَنَّمَ".

زاد البزار: "وَهُمُ الْقَدَرِيَّةُ"(3).

وروى أبو نعيم عن مالك رحمه الله تعالى: أنه سئل عن تزويج القدرية فقرأ: {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} [البقرة: 221](4).

(1) رواه اللالكائي في "اعتقاد أهل السنة"(4/ 643)، وكذا الطبراني في "المعجم الأوسط"(7162).

(2)

ورواه ابن الجوزي في "العلل"(1/ 149) بإسنادين من طريق الدارقطني، وقال: هذان حديثان لا يصحان؛ أما الأول فإن الحارث كذاب، قاله ابن المديني، وكذلك محمد بن عثمان، وفي الحديث الثاني: حصين بن مخارق، قال الدارقطني: يضع الحديث.

(3)

رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(12514). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 205): رواه الطبراني بإسنادين، ورجال أحدهما رجال الصحيح، غير صدقة بن سابق وهو ثقة، ورواه البزار.

(4)

رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(6/ 326)، وكذا ابن أبي عاصم في "السنة"(1/ 88).

ص: 340

وعنه أنه قال: رأيي فيهم أن يستتابوا؛ فإن تابوا وإلا قتلوا؛ يعني: القدرية (1).

وعن مسعر رحمه الله تعالى أنه قال: التكذيب بالقدر أبو جاد الزندقة (2)؛ يعني: أولها.

وفي معناه: ما روى الطبراني عن سهل بن سعد رضي الله تعالى عنهما قال: ما كانت زندقة إلا بين يديها التكذيب بالقدر (3).

وروى الإمام أحمد، واللالكائي بسند جيد، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "سَيَكُونُ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ مَسْخٌ"(4).

زاد اللالكائي: "وَخَسْفٌ، أَلا وَذاكَ فِي الْمُكَذِّبِينَ بِالْقَدَرِ وَالزَّنْدَقَةِ"(5).

(1) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(6/ 326).

(2)

رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(7/ 218).

(3)

رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(5944). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 203): فيه إبراهيم بن أعين، وهو ضعيف. ورواه أيضاً ابن عدي في "الكامل"(2/ 54) وأعله ببحر بن كنيز، وقال: وهو إلى الضعف أقرب منه إلى غيره.

(4)

رواه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 108). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 203): وفيه رشدين بن سعد والغالب عليه الضعف.

(5)

بهذه الزيادة رواه اللالكائي في "اعتقاد أهل السنة"(4/ 634)، وكذا الإمام أحمد في "المسند"(2/ 108)، والترمذي (2153)، وابن ماجه (4061).

ص: 341

وروى الإمام أحمد بسند صحيح، عن نافع رحمه الله تعالى قال: بينما نحن عند ابن عمر رضي الله عنهما قعوداً إذ جاءه رجل فقال: إن فلاناً يقرأ عليك السلام -لرجل من أهل الشام، فقال ابن عمر: إنه بلغني أنه أحدث حدثاً، فإن كان كذلك فلا تقرأنَّ عليه مني السلام؛ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"سَيَكُونُ مَسْخٌ وَقَذْفٌ، وَهُوَ فِي أَهْلِ الزَّنْدَقَةِ وَالْقَدَرِيَّةِ"(1).

وفي "صحيح مسلم" عن يحيى بن يعمر رحمه الله تعالى قال: أول من تكلم في القدر بالبصرة معبد الجهني (2).

وقال الحسن رحمه الله تعالى: لا تجالسوا معبد الجهني؛ فإنه ضال مضل (3).

وقال طاوس: احذروا معبد الجهني؛ فإنه قدري (4).

وقال: أدركت الناس وما يتكلمون إلا في علي وعثمان رضي الله عنهما حتى نشأ هاهنا حقير يقال له: سنسويه البقال؛ قال: وكان أول من تكلم في القدر (5).

(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 136). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 203): رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح.

(2)

رواه مسلم (8).

(3)

رواه اللالكائي في "اعتقاد أهل السنة"(4/ 637).

(4)

رواه اللالكائي في "اعتقاد أهل السنة"(4/ 689).

(5)

رواه اللالكائي في "اعتقاد أهل السنة"(4/ 749) عن ابن عون.

ص: 342

وقال يونس بن عبيد رحمه الله تعالى: أدركت البصرة وما بها قدري إلا سنسويه، ومعبد الجهني، وآخر ملعون في بني عرافة (1).

وقال الأوزاعي: أول من نطق في القدر رجل من أهل العراق يقال له: سوسن، وكان نصرانياً فأسلم، فأخذ عنه معبد الجهني، وأخذ غيلان عن معبد (2).

وقال حوشب رحمه الله تعالى لعمرو بن عبيد: ما هذا الذي أحدثت؟

قد نَبَتْ قلوبُ إخوانِك عنك (3).

روى هذه الآثار اللالكائي.

وروى أبو نعيم عن الأوزاعي قال: قال حسان بن عطية رحمه الله تعالى لغيلان القدري: أما والله لو (4) كنت أعطيت لساناً لم نعطه، إنا لنعرف باطل ما تأتي به.

وفي رواية: يا غيلان! إن يكن لساني يَكِلُّ عن جوابك فإن قلبي ينكر ما تقول.

قال الأوزاعي: وكان غيلان رجلاً مُفَوَّهاً (5).

(1) رواه اللالكائي في "اعتقاد أهل السنة"(4/ 749).

(2)

رواه اللالكائي في "اعتقاد أهل السنة"(4/ 750).

(3)

رواه اللالكائي في "اعتقاد أهل السنة"(4/ 478).

(4)

في مصدر التخريج: "لئن" بدل "لو".

(5)

رواها أبو نعيم في "حلية الأولياء"(6/ 72).

ص: 343

وكان ممن تكلم في القدر: واصل بن عطاء، وثور بن يزيد، ومحمد بن إسحاق، وغيرهم.

ثم كثرت القدرية، وانقسموا إلى فئتين:

- فمنهم من قال: إن الله تعالى لم يقدر الشر والمعاصي، بل قالوا: الخير مخلوق لله، والشر مخلوق للشيطان، ويقال لهؤلاء: ثنوية، وهم أقدم الفرقتين.

وروى اللالكائي عن رافع بن خديج رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي قَومٌ يَكْفرُونَ بِاللهِ وَالْقُرْآنِ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ".

قال: قلت: ماذا يقولون يا رسول الله؟ قال: "يَقُولُونَ: الْخَيْرُ مِنَ اللهِ، وَالشَّرُّ مِنْ إِبْلِيسَ"، وذكر الحديث (1).

وقال بعض هؤلاء: إن الأعمال كلها مقدرة إلا الكفر.

ومنهم من قال: الأعمال كلها غير مقدرة مطلقاً، وهم الأكثرون.

وروى اللالكائي عن الأوزاعي رحمه الله تعالى قال: بلغني أن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ذكر عنده قولهم في القدر فقال: ينتهي بهم سوء رأيهم حتى يُخْرِجوا اللهَ من أن يكون قدَّرَ خيراً كما

(1) رواه اللالكائي في "اعتقاد أهل السنة"(4/ 617)، وكذا الطبراني في "المعجم الكبير" (4270). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 198): رواه الطبراني بأسانيد في أحسنها ابن لهيعة، وهو لين الحديث.

ص: 344

أخرجوه من أن يكون قدَّرَ شراً (1).

* تَنْبِيهٌ:

سبق في الحديث أن القدرية مجوس هذه الأمة، والمراد: الفرقة الأولى منهم.

وأما الثانية فهم شر من المجوس.

روى اللالكائي عن عكرمة رحمه الله تعالى قال: كنت حاضراً عند عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما، فجاء رجل فقال: يا أبا عباس! أخبرني من القدرية؛ فإن الناس اختلفوا عندنا بالمشرق؟ فقال ابن عباس: القدرية قوم يكونون في آخر الزمان، دينهم الكلام، يقولون: إن الله تعالى لم يقدر المعاصي على خلقه، وهو معذبهم على ما قدَّرَ عليهم؛ فأولئك هم القدرية، وأولئك هم مجوس هذه الأمة، وأولئك ملعونون على لسان النبيين أجمعين، فلا تقاولوهم فيفتنوكم، ولا تجالسوهم، ولا تعودوا مرضاهم، ولا تشهدوا جنائزهم، أولئك اتِّباعُ الدجال أشهى إليهم من الماء البارد.

فقال الرجل: يا أبا عباس! لا تَجِدْ عليَّ؛ فإني سائل مُبتلى بهم.

قال: قل.

قال: كيف صار في هذه الأمة مجوس وهذه أمة مرحومة؟

قال: أُخبرك لعل الله ينفعك.

(1) رواه اللالكائي في "اعتقاد أهل السنة"(4/ 698).

ص: 345

قال: افعل.

قال: إن المجوس زعمت أن الله لم يخلق شيئاً من الهوام والقذر، ولم يخلق شيئاً يضر، وإنما يخلق النافع وكل شيء حسن، وإنما القذر هو الشر كله، والشر كله خَلْقُ إبليس وفعلُه.

وقالت القدرية: إن الله لم يخلق الشر ولم يبتل به، قال: وإبليس رأس الشر كله، وهو مُقِرٌّ بأن الله خالقه.

قالت القدرية: إن الله أراد من العباد أمراً لم يكن، وأخرجوه عن عز ملكه وقدرته، وأراد إبليس من العباد أمراً، وكان إبليس عند القدرية أقوى وأعز؛ أولئك القدرية -وكذبوا أعداء الله-.

إن الله يبتلي ويعذب على ما ابتلى وهو غير ظالم، لا يسأل عما يفعل، وَيمُنُّ ويثيب على منِّه إيَّاهم، وهو فعَّال لما يريد، ولكنهم أعداء الله ظنوا به ظناً فحققوا ظنهم عند أنفسهم، وقالوا: نحن العالمون، والمثابون والمعذَّبون بأعمالنا، ليس لأحد علينا منة، وذهب عليهم المن من الله والخذلان.

فقال الرجل: الحمد لله الذي منَّ بك يا أبا عباس، وفقك الله، نصرك الله، أعزك الله، أما والله لقد كنت من أشدهم قولاً أدين الله به، ولقد استبان لي قولُ الضياء، فأنا أُشهد اللهَ وأشهدكم أني تائب إلى الله، وراجع عما كنت أقوله، وقد أيقنت أن الخير من الله، وأن المعاصي خذلانه، يبتلي به من شاء من عباده، ولا مقدر إلا الله، ولا هادي ولا مضل غيره.

ص: 346