الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو على حذف مضاف؛ أي: جزاء وصفهم الذي وصفوه بألسنتهم من الكذب.
ومن أشبه شيء بذلك من أفعال الجاهلية ما يقوله كثير من الأجناد إذا لبسوا الحرير، أو شربوا الخمور إذا عوتبوا في فعل ذلك مع إنكارهم إياه على غيرهم: نحن عسكر السلطان.
فإن اعتقدوا حل ذلك لهم كفروا أو تعرضوا للكفر.
وجعلت من ذلك عائشة رضي الله تعالى عنها تخصيص ذكور الأولاد بالصدقة، فروى البخاري في "تاريخه" عنها قالت: يعمد أحدكم إلى المال فيجعله للذكور من ولده؛ إن هذا إلا كما قال الله تعالى: {خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا} [الأنعام: 139](1).
62 - ومن عوائد أهل الجاهلية: أنهم كانوا لا يورثون النساء ولا الصغار، ويأكلون أموال اليتامى والأرامل والضعفاء
.
وهذا أكثر من يفعله الآن سكان البوادي والفلاحون.
روى أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصغار الذكور حتى يدركوا، فمات رجل من الأنصار يقال له: أوس بن ثابت، وترك ابنتين وابناً صغيراً، فجاء ابنا عمه وهما عصبة، فأخذا ميراثه كله، فقالت امرأته لهما: تزوجا بهما - وكانت فيهما دَمامة - فأبيا، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1) رواه البخاري في "التاريخ الكبير"(4/ 7).
فقالت: يا رسول الله! توفي أوس، وترك ابناً صغيراً وابنتين، فجاء ابنا عمه خالد وعرفطة فأخذا ميراثه، فقلت لهما: تزوجا ابنتيه، فأبيا.
فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أَدْرِي ما أقولُ"، فنزلت:{لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} [النساء: 7].
فأرسل إلى خالد وعرفطة، فقال:"لا تُحَرِّكا مِنَ الْمِيْراثِ شَيْئاً؛ فَإِنَّهُ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيْهِ شَيْءٌ أَخْبَرْتُ عَنْهُ أَنَّ لِلذَّكَرِ وَالأُنْثَى نَصِيباً".
ثم نزل بعد ذلك: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} إلى قوله: {عَلِيمًا} [النساء: 127].
ثم نزل: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} إلى قوله: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ} [النساء: 11 - 12].
فدعا بالميراث، فأعطى المرأة الثمن، وقسم ما بقي (1) للذكر مثل حظ الأنثيين (2).
وقال زيد بن أسلم رضي الله تعالى عنهما في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء: 10]: هذه لأهل الشرك، حين كانوا لا يورثونهم، ويأكلون أموالهم. أخرجه ابن جرير (3).
(1) في "أ" و "ت": "ما ذكر".
(2)
انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (2/ 438).
(3)
رواه الطبري في "التفسير"(4/ 273).