الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثامن: الآثار الواردة في فضائل زينب بنت جحش رضي الله عنها
.
819 -
قال محمد: فحدثني يزيد بن خصيفة، عن عبد اللَّه بن رافع، عن برزة ابنة رافع
(1)
قالت: "لما جاء العطاء بعث عمر إلى زينب بنت جحش بالذي لها، فلما دخل عليها قالت: غفر اللَّه لعمر، لغيري من أخواتي كانوا أقوى مني على قسم هذا مني، قالوا: هذا كله لك، قالت: سبحان اللَّه، واستترت دونه بثوب، وقالت: صبوه واطرحوا عليه ثوبا، فصبوه وطرحوا عليه ثوبا، فقالت لي: أدخلى يدك فاقبضي منه قبضة فاذهبي بها إلى آل فلان، وآل فلان من أيتامها وذوي رحمها، فقسمته حتى بقيت منه بقية، فقالت لها برزة: غفر اللَّه لك، واللَّه لقد كان لنا في هذا حظ، قالت: فلكم ما تحت الثوب؟ قالت: فرفعنا الثوب، فوجدنا خمسة وثمانين درهما، ثم رفعت يديها، فقالت: اللهم لا يدركني عطاء لعمر بعد عامي هذا، قالت: فماتت"
(2)
.
(1)
أوردها ابن حجر في الإصابة (7/ 541) في القسم الثالث من حرف الباء في النساء، بهذا الأثر.
(2)
إسناده حسن، محمد بن عمرو صدوق له أوهام، التقريب (6236)، مجابو الدعوة (80 - 82) رقم (45)، ومن طريقه اللالكائي في كرامات الأولياء (9/ 177) رقم (117)، وكذا ابن الجوزي في المنتظم (4/ 300)، وابن سعد في الطبقات (3/ 301) و (8/ 110)، وأبو نعيم في الحلية (2/ 54)، وابن حجر في الإصابة (4/ 254)، والبلاذري في فتوح البلدان (1/ 440)، من طرق عن محمد بن عمرو =
التحليل والتعليق
تضمنت الآثار السابقة ذكر بعض فضائل آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، منهم العباس، والحسن، والحسين، وعبد اللَّه بن جعفر، وعبد اللَّه بن عباس، وعبيد اللَّه بن عباس، وعائشة وزينب بنت جحش رضي الله عنهم أجمعين.
فالعباس: عم النبي صلى الله عليه وسلم، كان صادقا في الدفاع عنه، ثبت يوم حنين، واستجاب الصحابة لندائه بالثبات حتى حمي الوطيس.
والحسن والحسين: كانت لهما كرامات برقت لهما برقة سارا في ضوئها حتى دخلا بيتهما، ووصف الحسين أخاه بأنه قاسم اللَّه ماله ثلاث مرات، ومشى إلى بيت اللَّه على قدميه خمس عشرة مرة حاجا، وحصل لمن مقتته علة في كبدها، وتنازل عن حصاده لمن سأله في دين له، بما يعادل عشرين ألفا، وشهد لهما ابن عمر بأنهما يغران العلم غرا، ورأى ابن عباس في المنام أن النبي صلى الله عليه وسلم يجمع دم الحسين في نفس اليوم الذي قتل فيه، كان يجلس مع المساكين ويؤاكلهم، وذُكر أنه دعا على من حال بينه وبين الماء، فمات عطشا، وكان يسمع نوح الجن عليه.
وعبد اللَّه بن جعفر: كانت تصيبه الشدائد لكثرة إنفاقه في سبيل اللَّه، وكان مستعدا للخروج عن ماله للأعرابي فلما قصرت به مسألته أعطاه مائة حلّة، ومائة ناقة، ومائة ألف درهم، فلم يأخذ إلا الإبل وبعض
= به، وكان عطاء عمر رضي الله عنه لها إثنا عشر ألفا، كما في الأثر الذي قبله عند المصنف.
الحلل، فأنفق الباقي على فقراء المدينة، وكان معروفا بهذا الجود، حتى إنه كان يحال عليه من لم يجد من يسعفه، وأعطى رمانة تزن ثلاثمائة مثقال، ويتنازل عن مبالغ كبيرة للمدين تبلغ خمسة وعشرين ألفا، وأعطى رجلا جارية ثم اشتراها منه بمائتي دينار وطلب منه إذا نفدت أن يعود، كل ذلك حرصا على حرمة الجارية، ومساعدة المحتاج، فإن لم يجد شيئا، طلب من السائل أن يأخذ من أحد ويحيل عليه إلى الجذاذ.
وعبد اللَّه بن عباس: بلغ من حبة للنبي صلى الله عليه وسلم أن أكرم أبا أيوب الأنصاري، ففرغ له بيته، وأعطاه ما فيها، ودفع له ضعف ما عليه من الدين، فبلغ أربعين ألفا، كل ذلك حرصا منه أن يفعل به كما فعل هو بنبيِّنا صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة.
وأخوه عبيد اللَّه: كان ينحر كل يوم جزورا، وعزم أن يضاعف ذلك إلى جزورين.
وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: كانت قلّ ما تشبع من طعام، وتخيط القديم من لباسها، رغم ما وسع اللَّه عليها من الأعطيات، ووصفتها الجارية بأنها أطيب من طيّب الذهب، ونزلت براءتها من السماء في آيات تتلى.
وكذا زينب بنت جحش: كانت تنفق من عطائها معظمه حتى إنها لم تبق من اثنتي عشر ألفا إلا بضعة وثمانين، واستجاب اللَّه دعاءها بأن لا يدركها عطاء من قابل، وكانت مشهورة بالصدقة، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم نساءه
بأن أولهن لحاقا به أطولهن يدا، فكُنَّ يذرعن أيديهن ليعلمن ذلك، فماتت زينب قبلهن فعلمن أن مراده أطولهن يدا بالصدقة، وشهدن لها بذلك
(1)
.
ولئن كان بعض هذه الفضائل لم يثبت سنده، فلا شك أن من سبق لهم فضائل كثيرة غير ما ذكر، ومناقب جمة مبثوثة في كتب كثيرة
(2)
.
(1)
انظر فتح الباري ففيه بحث في الموضوع (3/ 286 - 288).
(2)
انظر الصواعق المحرقة (2/ 416) حيث عقد الباب الحادي عشر في فضائل أهل البيت النبوي، وفيه فصول.